هل ما يجري مقدمة لاندلاع الحرب العالمية الثالثة؟

الأربعاء 02 مارس 2022 11:25 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هل ما يجري مقدمة لاندلاع الحرب العالمية الثالثة؟



كتبت عميرة أيسر:

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن  له مطالب أخرى على حلف الناتو أن ينفذها غير المطلب الأساسي الممثل في عدم انضمام أوكرانيا إلى هذا الحلف العسكري الغربي، ومن بينها تعهد الحلف بعدم ضم دول كالسويد وفنلندا إليه وتحييدها من الصراع، حيث أن موسكو ترى في انضمام هاتين الدولتين بموقعها الجغرافي والاستراتيجي المتميز، خطراً مستقبلياً على أمنها الإقليمي، حيث أكد الرئيس فلاديمير بوتين بأن انضمامها لن يمر دون عقاب من طرف موسكو، وهو ما أكدته المتحدة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عندما قالت: بأن المحاولات المستمرة من قبل الناتو، لجذب تلك الدول السويد وفنلندا لحلف الناتو، ومن ثم الدوران في فلك مصالحها وسياساتها الانتهازية، لن يمر مرور الكرام من قبل روسيا، وأضافت بأن موسكو تعتبر سياسة عدم المشاركة في أي تحالفات التي تتبعها تقليدياً “ستوكهولم وهلسنكي” عاملاً مهماً في ضمان الأمن والسلام لهم. كما ذكر موقع المركز السويدي للمعلومات SCI  في شهر فيفري/شباط الجاري 2022م، في مقتل بعنوان (روسيا تحذر السويد من التفكير في الانضمام لحلف “الناتو” مؤكدة لن يمر مرور الكرام).

فالسويد التي استشعرت مدى جدية التهديد الروسي، قامت بنقل مئات الجنود والمعدات العسكرية لجزيرة غوتلاند، ورفعت من جاهزية قواتها العسكرية، في استعراض للقوة باعتبارها من أهم الدول المصنعة للأسلحة في أوروبا، والتي تعتمد عليها الكثير من دول حلف شمال الأطلسي، بالرغم من أنها غير منظمة لهذا الحلف العسكري، بالإضافة لفنلندا وهي من شاركت في اجتماع الناتو، الذي عقد يوم الجمعة الفارط لمناقشة الأوضاع في أوكرانيا.
فالتوتر بين روسيا ومنظومة الناتو يتصاعد باطراد، بعدما تعهدت دوله بزيادة حجم المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تقدمها سنوياً لكييف، والتي تفوق 650مليون دولار، وتهديد الولايات المتحدة الأمريكية على لسان رئيسها بايدن بأنها ستفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على موسكو ومنها على سبيل المثال لا الحصر تسليط عقوبات مالية على البنك المركزي الروسي، وهي بذلك تستهدف جزءاً كبيراً من الاحتياطيات البالغة 630 مليار دولار، والتي جمعها الرئيس بوتين قبل غزوه لأوكرانيا، ولم يتم اتخاذ قرارات نهائية بعد في هذا الصدد، لأن إدارة بايدن تدرس جميع الخيارات في محاولة    لردع بوتين عن إلحاق المزيد من الدمار بأوكرانيا، وهي خطوة لو طبقتها واشنطن فإنها ستكون مدمرة للاقتصاد الروسي، وفق لتيم أشن، الخبير الاستراتيجي المالي  في ” بلو باي أسيت مانجمنت في لندن”، والذي أضاف ” سنرى انهيار الروبل”. كما ذكر موقع قناة الشرق، بتاريخ 26 فيفري/ شباط 2022م، في مقال بعنوان (“أمريكا تدرس فرض عقوبات على ” المركزي الروسي” لاستهداف الاحتياطي).
وعلى الناحية الأخرى فإن أهم حليف لروسيا في القارة الآسيوية  منذ عهد الثورة البلشفية التنين الصيني، قد يستغل الحرب  الروسية على أوكرانيا ليشن هجوماً خاطفاً على جزيرة تايوان، التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها الوطنية ويجب استرجاعها، وقامت من أجل ذلك بتعزيز قواتها في بحر الصين الجنوبي، وتلوح بكين منذ سنتين بلجوئها لاستعمال القوة العسكرية ان اقتضى الأمر لاستعادتها، ومباشرة بعد عزو بوتين لأوكرانيا قامت  9 طائرات تابعة لسلاح الجو الصيني باختراق الأجواء التايوانية دون سابق إنذار، في تحدّ واضح لواشنطن، التي تعتبر غزو تايوان خطاً أحمر وعملاً استفزازياً لا يمكن لها أن تقره، لأن احتلال جزيرة فرموزا سيشكل تهديداً استراتيجياً  للقواعد العسكرية الأمريكية في اليابان التي تعتبر حليفاً مهماً لها في جنوب شرق أسيا.
فالولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى خشيتها من التهديد الروسي والصيني، فإنها متخوفة أيضاً من رئيس كوريا الشمالية الذي يلقيه الغرب بالرئيس المجنون كيم جونغ أون، الذي قد يستغل التورات الإقليمية الحاصلة في شرق أوروبا، ويقدم على غزو كوريا الجنوبية واحتلال عاصمتها سيول، والتي تعد من الدول الآسيوية القوية التي تدور في فلك الغرب، بالأخص وأن  كوريا الشمالية ترى بأن جارتها الجنوبية  كانت جزءً من كوريا التاريخية قبل حرب 1950م، و التي قسمتها إلى دولتين وذلك في إطار الحرب البادرة التي كانت مشتعلة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وقد تلجأ كوريا الشمالية لاحتلال كوريا الجنوبية كرد جميل للاتحاد السوفياتي الذي تمثله  روسيا حالياً الذي منع القوات الأمريكية مع السيطرة على كوريا الشمالية في تلك الحرب، بالإضافة لقيام روسيا سنة 2014م بإسقاط ديون كوريا الشمالية في بادرة حسن نية من طرف بوتين، الذي عمل استراتيجياً على كسب مزيد من الحلفاء وخاصة  الذين تربطهم بموسكو  علاقات تاريخية  في أسيا كالصين وكوريا الشمالية.
بالإضافة إلى هذا الثلاثي النووي فإن إيران التي تعد من أهم حلفاء روسيا قد تقوم باستغلال الأوضاع الحالية، وتشن حرباً استباقية ضدّ الكيان الصهيوني،  وبالتالي ستفتح جبهة حرب إقليمية كبرى ستشارك فيها العديد من فصائل المقاومة في دول الطوق المحسوبة على طهران، وهو ما قد يحول منطقة الشرق الأوسط لجحيم حقيقي بالنسبة لإسرائيل وحلفاءها الذين وكما قال: الدكتور أنيس النقاش رحمه الله لن يتوانوا للحظة في دعمها عسكرياً كالإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والأردن ومصر، وهاته الحرب قد تضطر الولايات المتحدة الأمريكية لتّدخل عسكرياً لدفاع عن حليفها  الاستراتيجي التقليدي في المنطقة، والذي تدعمه منذ 70 عاماً، وقدمت له مساعدات عسكرية فاقت قيمتها 38 مليار دولار، بالإضافة إلى قيامها بإغلاق قواعدها في قطر، وفتح قاعدة أمريكية جديدة في الأردن في إطار بنود المعاهدة الأردنية الأمريكية، وتأسيس حلف جديد اطلق عليه اسم ” الشام الجديد”، الذي يضم كل من الأردن والعراق ومصر لمواجهة التهديدات الإيرانية.
وقد تتدخل روسيا لحماية حليفها السوري، إذا ما قامت أسراءيل بشن هجوم كاسح انطلاقاً من الجولان السوري المحتل، رداً على الصواريخ والقذائف التي تطلقها حركات المقاومة هناك، وتقوم  القوات الروسية المتمركزة في قاعدتي حميميم وطرطوس بقصف الأهداف العسكرية الحيوية داخل فلسطين المحتلة، لأن موسكو باتت على يقين بأن الكيان الصهيوني الذي أعلن بأنه يقف في صف حليفه الأمريكي  وحلف الناتو ضدّ روسيا في الأزمة الأوكرانية الحالية، سيكون خنجراً مسموماً قد تستعمله واشنطن لضرب قواتها المتواجدة في سوريا وخاصة أسطولها البحري في البحر الأبيض المتوسط، خصوصاً بعدما ثبت للجيش الروسي تورط مهندسين إسرائيليين في بناء قواعد للصواريخ النووية فوق الأراضي الأوكرانية، لأن واشنطن كانت تريد تحويل هذا البلد كمركز جيواستراتيجي لصواريخها الباليستية النووية في أوروبا على غرار تركيا وألمانيا.
وفي كل هاته السيناريوهات قد تلجأ إحدى الدول النووية لاستعمال سلاح الردع الاستراتيجي الشامل لصالحها لإنهاء الحرب وضمان الانتصار وخاصة روسيا التي صرح رئيسها بوتين بأن قوات الردع الاستراتيجي النووية على أهبة الاستعداد للرد على تهديدات حلف الناتو، فكل المعطيات والمؤشرات تؤكد بأن الحرب النووية الكبرى قادمة لا محالة، وعلى الجميع الاستعداد لها جيداً، لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصمم بالإضافة لحليفيه الصيني والكوري الشمالي على تغيير معادلات القوى العالمية، وإنهاء الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي مهما كلفهم ذلك من ثمن.
كاتب جزائري