نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا ذكرت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي سيواجه مخاطر جديدة في حرب الظل ضد إيران في حال توقيع اتفاقية نووية جديدة.
وأوضحت الصحيفة في تقرير ، أن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاقية الموقعة عام 2015، كان إنجازا شخصيا لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. ففي فيديو مسرب تباهى بأنه كان الشخص الذي أقنع الرئيس دونالد ترامب بالخروج من الاتفاقية بين طهران والقوى الدولية.
وبعد أربعة أعوام، أُخرج الزعيم الإسرائيلي من السلطة وكذا ترامب. وبات في الكنيست الإسرائيلي والكونغرس أصوات من اليسار، في وقت خسر الرئيس الإصلاحي حسن روحاني في انتخابات العام الماضي التي فاز فيها المتشدد إبراهيم رئيسي. وتقترب المفاوضات في فيينا من نهايتها بالوصول إلى اتفاق مخفف عن الاتفاق الأصلي. وأصبح ما نظر إليه كإنجاز سياسي لنتنياهو، مصدر قلق للمؤسسة الإسرائيلية والأمنية.
وقال داني سترينوفيتش الذي قاد البحث الاستخباراتي في الجيش الإسرائيلي ما بين 2013- 2016: "جربت الولايات المتحدة أقصى ضغط من خلال العقوبات. واغتالت إسرائيل علماء ذرة إيرانيين، وقامت بهجمات للحد من النشاط العسكري الإيراني في المنطقة، ولم ينجح أي منها". وأضاف: "كل ما فعلته هو أنها دفعت إيران لمواصلة برنامجها النووي. ولم يعد لدينا الآن أي خيارات. وما أخشاه أن إسرائيل وإيران تسيران نحو صدام في المستقبل القريب".
وبحسب الاتفاقية التي وقعتها إدارة باراك أوباما وقوى عالمية أخرى مع إيران، فقد تم رفع العقوبات الشديدة التي شلت الاقتصاد الإيراني مقابل حد للنشاط الإيراني النووي لمدة 10-15 عاما. ومنذ أن تم تمزيقه عام 2018، دخلت إيران في سباق من أجل تخصيب اليورانيوم، مع أن الحكومة الإيرانية تصر على أن برنامجها هو للأغراض المدنية. ويرى الخبراء أن إيران لو اختارت، تستطيع الحصول على القنبلة النووية في مدى عامين.
وبحسب الصفقة التي تم إنقاذها، ستحافظ على الأطر الأصلية، مما يعني أن القيود على تخصيب اليورانيوم ستنتهي عام 2025 كما هو محدد. وبالنسبة لإسرائيل فإن النتيجة هي أبعد من اتفاقية عام 2015. فلم تنجز إيران تقدما تكنولوجيا مهما فقط، والذي لن تفرض عليه الرقابة والتفتيش إلا لمدة ثلاثة أعوام، بل ستحصل على 7 مليارات دولار من الأموال المجمدة وتخفيف العقوبات عن تصدير النفط.
وترى "إسرائيل" أن هذه الأموال سيتم استخدامها لدعم الجماعات الوكيلة في كل المنطقة، كما أن الشرعية الدولية التي ستحصل عليها إيران عبر الاتفاقية قد تجعلها أكثر جرأة لمواصلة طموحاتها النووية.
وتشن "إسرائيل" حملات برية وجوية على الحدود ضد حزب الله اللبناني والجماعات التي تدعمها إيران في سوريا والحركات الفلسطينية في قطاع غزة، وكذا مواجهات بحرية تستهدف السفن التجارية الإيرانية، وكذا الإسرائيلية في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.
وتتحكم إيران بالجماعات الشيعية في العراق وسوريا والحوثيين في اليمن. وفي كانون الثاني/ يناير، أثبت الحوثيون قدراتهم العسكرية عندما استهدفوا أبو ظبي، مما يعني أن تل أبيب قد تكون هدفا قادما لهم.
وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته: "حصنت إيران نفسها الآن في أكثر من مسرح بالمنطقة. ليس عسكريا فقط، فنحن نتحدث عن علاقات اقتصادية وثقافية أيضا. وإلى جانب انتشار الطائرات بدون طيار فهذه حرب مهجنة. لو أرادوا الإضرار بالإسرائيليين، فلديهم أكثر من محور لاستخدامه".
ومقارنة مع عهد نتنياهو، فالمسؤولون الإسرائيليون يتابعون التطورات بشأن المحادثات النووية بهدوء وعلى الهامش. ويعرفون أنهم لا يستطيعون التأثير على نتيجة المحادثات، ويبدو أن المسؤولين الإسرائيليين يدفعون حلفاءهم في الولايات المتحدة باتجاه اتفاق ثنائي بعد الاتفاق مع إيران لمعالجة مظاهر القلق الإسرائيلي.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، موقف تل أبيب وهو "الحرية لاتخاذ تحرك دفاعا عن أنفسنا" على حد قوله، ومررت الكنيست في تشرين الثاني/ نوفمبر ميزانية تشمل 7 مليارات شيقل للدفاع والتحضر من أجل التهديد من إيران. ومن المتوقع أن تعزز "إسرائيل" علاقاتها مع حلفائها الدول الخليجية التي وقّعت معها اتفاقيات تطبيع، وهي الدول التي تخشى من القدرات الإيرانية. ووقعت إسرائيل هذا الشهر معاهدة أمنية مع البحرين.
وفي الوقت الذي سيمثل فيه إحياء الاتفاقية النووية انتصارا لجو بايدن، إلا أن الرهانات ستكون عالية في الشرق الأوسط.
وقال سيترنوفيتش: "لا تحدث هذه الأمور بشكل معزول. فمثلا، أثناء عملية حراس الجدران ( أيار/ مايو 2021) بين حماس وإسرائيل، شاهدنا أنك لا تهاجم حماس فقط، فقد تدخل حزب الله وشاهدنا صواريخ انطلقت من لبنان”. وأضاف: "نحن ناشطون في حرب الظل وعلينا الحفاظ على قواعد اللعبة. ولو قمنا بعمل أمر دراماتيكي في إيران، مثل ضرب المنشآت النووية، فسيؤدي ذلك لتصعيد على كافة الجبهات".
عربي 21