هجوم روسيا..عمرو الشوبكي

الجمعة 18 فبراير 2022 12:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
هجوم روسيا..عمرو الشوبكي



تحاول روسيا، عبر الحشود العسكرية الهائلة على الحدود الأوكرانية، أن تحصل على ضمانات أمنية من أميركا بعدم توسع حلف الناتو في عدد من البلاد المتاخمة لحدودها، ومنها أوكرانيا.
ورغم أن تصريحات الرئاسة الأوكرانية، أكدت أن حماية أمن أوكرانيا لن تتحقق إلا إذا انضمت إلى حلف الناتو، فإن سفيرها في لندن عاد وصرح بأن بلاده مستعدة للتخلي عن هذا الهدف في حال إذا كان سيؤدي إلى تفادى الحرب مع روسيا.
يقيناً، الحشد العسكري الروسي له هدف سياسي وأمني واضح، وهو أمر بديهي، فلم يحدث أن حرّكت دولة جندياً واحداً أو قامت بتدخل عسكري دون أن تمتلك مبرراً سياسياً بالحق أو بالباطل يغطي هذا التدخل، فأميركا غزَت العراق وقدمت واحداً من أفشل مشروعات التغيير السياسي في العالم تحت مبرر بناء الديمقراطية وإسقاط الدول الوطنية العربية الاستبدادية، وكذلك الاتحاد السوفييتي حين غزا أفغانستان كان دعماً لنظامها الشيوعي، وانتهى الأمر بالفشل أيضاً، كما تدخلت روسيا الاتحادية في أوكرانيا «بالاستفتاء الديمقراطي» من أجل هدف سياسي هو ضم ثلث البلاد (القرم) إلى روسيا.
والسؤال المطروح: هل ستقدم روسيا على غزو أوكرانيا كما أشار بعض التقارير الأميركية، نقلًا عن مصادر استخباراتية؟.
الحقيقة أن استبعاد الهجوم الروسي على أوكرانيا أمر غير وارد، كما أن اعتباره أمراً حتمياً وفق بعض المصادر الأميركية أيضاً أمر غير صحيح.
والحقيقة أن كلا الطرفين يحاول الانتصار دون مواجهة عسكرية، وهنا سنجد أن روسيا القوة العظمى تمارس أقصى درجات الضغط على أوكرانيا صغيرة الحجم والقدرات بهذه الحشود العسكرية التي باتت تحاصرها براً وبحراً وجواً بغرض الحصول على مكاسب أمنية وسياسية تقضي بعدم وجود قوات أطلسية على الحدود الروسية، وهنا قد تكتفي روسيا بهجوم سيبراني يشل القدرات العسكرية والمؤسسات الاستراتيجية في أوكرانيا، أو هجوم محدود يؤدي إلى المزيد من الحصار لأوكرانيا ويحُول دون انضمامها إلى الناتو.
أما الطرف الأميركي فهو يعلم أنه يلعب خارج حدوده ويقترب من المجال الحيوي لدولة كبرى حتى لو كانت أضعف منه اقتصادياً وعسكرياً إنما لا تزال قوة عظمى، كما أنه يعلم أيضاً أن أوكرانيا ستخسر المواجهة العسكرية مع روسيا لأنه لن يرسل قواته لتحارب معها، كما أن فرنسا وألمانيا لديهما مصالح مع روسيا، أبرزها الغاز الروسي، الذي يغذى أوروبا، والذي فشلت أميركا في إيجاد بدائل قطرية أو غيرها له.
الولايات المتحدة تمتلك في هذا الصراع الورقة الاقتصادية وليس العسكرية، فهي بالتأكيد ستفرض عقوبات قاسية على روسيا ستؤثر على اقتصادها المليء بالمشاكل، وهذا ما يجعل روسيا تحسب ألف مرة قبل الإقدام على أي هجوم.
المواجهة بين الطرفين واردة إلا إذا وصلا إلى قناعة بأن ثمنها ستكون تكلفته أكبر من مكاسب النصر.