أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تصر على أن يتم البت في إغلاق موضوع عضوية أوكرانيا في الناتو اليوم وليس في المستقبل.
وخلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس عقد في أعقاب محادثات أجراها في الكرملين واستغرقت أكثر من ثلاث ساعات، رد بوتين على ملاحظة الزعيم الألماني أن مسألة منح كييف العضوية في حلف شمال الأطلسي "ليس على جدول الأعمال".
وقال بوتين بهذا الخصوص إنه إذا انضمت أوكرانيا إلى الحلف بعد غد وليس غدا فذلك لا يغير شيئا بالنسبة لروسيا.
وتابع: "لقد سمعنا منذ 30 عاما أن الناتو لن يتمدد يوما واحدا باتجاه الحدود الروسية، أما اليوم فنرى البنى التحتية للناتو قرب بيتنا".
وذكر الرئيس الروسي أن المناقشات حول انضمام أوكرانيا إلى الحلف مستمرة، وأنه لو حصل ذلك حتى بعد عدة أعوام، عندما تكون أوكرانيا مستعدة لهذه الخطوة، "فمن المحتمل أن يكون الأوان عندها قد فات بالنسبة إلينا. لذا فنريد حسم هذا الموضوع الآن، في أقرب الآجال، ضمن عملية تفاوضية وبطرق سلمية". وأضاف أن موسكو تنطلق من هذه الأطروحة وتعول على أن يحمل شركاءها الهواجس الروسية محمل الجد.
وأكد الرئيس الروسي أن بلاده لا تريد اندلاع حرب في أوروبا وهذا هو سبب قيامها ببعث مقترحات حول ضمانات الأمن إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وقال إن معظم الردود الغربية على هذه المقترحات لا تناسب توقعات موسكو، إلا أنه ذكر أن هذه الردود تحتوي على بنود بإمكان الجانب الروسي مناقشتها.
وأشار بوتين إلى أن موسكو تعتبر إجراءات ردع روسيا بوسائل عسكرية تهديدا مباشرا لأمنها القومي، وأن المقترحات الروسية المذكورة تطالب بإزالة هذا الخطر.
ولدى تطرقه إلى النزاع في منطقة دونباس جنوب شرق أوكرانيا، قال بوتين إن السلطات الأوكرانية تتهرب من تنفيذ اتفاقيات مينسك لعام 2015، والاتفاقات التي تم التوصل إليها لاحقا خلال لقاءات "رباعية النورماندي"، بما في ذلك في برلين وباريس.
بوتين: كييف تفوّت الفرصة لإعادة سلامة أوكرانيا الإقليمية عبر حوار دونيتسك ولوغانسك
ولفت الرئيس الروسي إلى جمود المسارات المحورية من عملية السلام في دونباس، ومنها الإصلاح الدستوري والعفو، والانتخابات المحلية والوضع القانوني الخاص لمنطقة دونباس، إضافة إلى "الصيغة" التي اقترحها في حينه وزير الخارجية الألماني (ورئيس ألمانيا حاليا) فرانك فالتر شتاينماير، كحل وسط لتنفيذ اتفاقيات مينسك، والتي لم يتم تأطيرها قانونا في أوكرانيا إلى الآن.
وحسب الرئيس الروسي فإن السلطات في كييف لا تزال "تتجاهل إمكانية إعادة سلامة أوكرانيا الإقليمية عبر حوار مباشر مع دونيتسك ولوغانسك"، في إشارة إلى الجمهوريتين الشعبيتين اللتين أعلنتا استقلالهما عن كييف من جانب واحد عام 2014، إضافة إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد وتبني تشريعات تثبت ممارسات التمييز بحق المواطنين الناطقين باللغة الروسية.
بوتين: ما يحدث في دونباس إبادة جماعية
وعلق بوتين على تبني مجلس النواب (الدوما) الروسي اليوم الثلاثاء مذكرة رفعها إليه تطالب بالاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، قائلا: "سوف أنطلق من أن علينا أن نعمل ما في وسعنا لحل مشكلة دونباس لكن يجب أن نفعل ذلك انطلاقا من الفرص غير المتحققة بالكامل لتنفيذ اتفاقيات مينسك. وأملنا كبير في أن يمارس شركاؤنا الأمريكان والأوروبيون وفي المقام الأول ألمانيا وفرنسا التأثير المناسب على سلطات كييف الحالية من أجل الحل".
وشدد بوتين على أن نواب البرلمان في روسيا كما في أي بلد آخر، يعتمدون على الرأي العام وآراء ناخبيهم.
وأضاف: "من الواضح تماما أن الغالبية الساحقة من مواطنينا متعاطفون مع أهالي دونباس ويؤيدونهم ويأملون أن يتغير الوضع هناك بالنسبة إليهم إلى الأفضل بصورة جذرية"، لافتا إلى أن موسكو تصف ما يحدث في المنطقة بأنه "إبادة جماعية".
وذكر بوتين أنه والمستشار الألماني تناولا أيضا عدد من القضايا الدولية الهامة، بما فيها الوضع حول البرنامج النووي الإيراني، مشيرا إلى أن وزارتي خارجية البلدين على اتصال دائم حول هذا الملف وأن هناك تقاربا بين مواقف موسكو وبرلين إزاءه.
شولتس: لا يمكن تحقيق الأمن الأوروبي بمعزل عن روسيا
من جانبه، أكد شولتس أن الأمن في أوروبا لا يمكن ضمانه إلا بالمشاركة مع روسيا، مضيفا أن بلاده مستعدة لبحث "أمننا المشترك" في القارة الأوروبية مع روسيا والاتحاد الأوروبي والناتو.
وجدد شولتس دعوة برلين إلى إيجاد حل دبلوماسي للأزمة على حدود أوكرانيا، قائلا إن تطور الأوضاع في المنطقة وفقا لـ"السيناريو العسكري" ستكون له عواقب خطيرة.
كما رحب بسحب روسيا جزءا من قواتها من حدود أوكرانيا، واصفا إياه بأنه "إشارة جيدة" ومعربا عن أمله في أن تليها إشارات مماثلة.
وأكد شولتس موقف ألمانيا المتمثل في أن "عملية مينسك" أساسية لإنجاح المفاوضات حول تسوية النزاع في جنوب شرق أوكرانيا.