بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، اليوم الإثنين، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (روسيا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن تكثيف إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، انتهاكاتها لحقوق الإنسان وجرائمها التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني، ولا تزال تفلت من العقاب جراء الافتقار الصارخ للمساءلة.
وأشار منصور إلى أن الوضع أصبح متقلبا للغاية، على وجه الخصوص في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، والذي يخضع لحصار وهجوم متواصل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين والسياسيين المتطرفين، منوها إلى قضية عائلة سالم المهددة بالطرد الوشيك.
وشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ العائلات الفلسطينية من المزيد من نزع الملكية والتهجير القسري بسبب هذا الاحتلال غير القانوني، والبدء بإجراءات المساءلة عن مخططات إسرائيل الصارخة لطرد الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، في انتهاك خطير للقانون الدولي.
ولفت منصور أيضا إلى قيام قوات الاحتلال، في 8 شباط/ فبراير الجاري، باغتيال ثلاثة مواطنين فلسطينيين في نابلس، وهم أدهم مبروكة وأشرف مبسلط ومحمد دخيل، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق أكثر من 80 رصاصة عليهم أثناء جلوسهم في سيارة، ما أدى إلى استشهادهم على الفور في جريمة مروعة أشاد بها العديد من المسؤولين الإسرائيليين بشكل علني.
كما أشار إلى استشهاد الفتى محمد أكرم أبو صلاح (17 عاما) في سيلة الحارثية بمحافظة جنين، إثر محاصرة قوات الاحتلال القرية لهدم منزل فلسطيني آخر، وإلى جانب هذا فقد منعت قوات الاحتلال المسعفين من الوصول إلى محمد و20 مصابا آخرين من سكان القرية لتقديم الإسعافات الطبية لهم، بل وهاجمت سيارات الإسعاف والطواقم الطبية في انتهاك جسيم لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك البندين 16 و17 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الخدمات الطبية والمدنيين.
وأكد أن سياسة إطلاق النار المتعمد بهدف القتل ترقى إلى مستوى جرائم الحرب التي يجب أن تخضع للمساءلة، إلى جانب إصابة أكثر من 215 فلسطينيا، من بينهم 28 طفلا، بجروح على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسبوعين الماضيين، في مناطق كفر قدوم، وبيتا، وبيت دجن بالضفة الغربية المحتلة، واعتقال أكثر من 126 فلسطينيا، بينهم أطفال.
وأعاد منصور التأكيد على الدعوات لمساءلة إسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، مشددا على أهمية تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين لتحميل مرتكبي جرائم الحرب المسؤولية وردع المزيد منها ضد الشعب الفلسطيني.
وشدد على أن المساءلة يجب أن تتناول استعمار إسرائيل للأرض الفلسطينية في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي لا تعد ولا تحصى، منوها إلى قيام سلطات الاحتلال في غضون الأسبوعين الماضيين بالهدم أو الاستيلاء على 53 منزلا ومنشأة، ما أدى إلى تشريد العائلات الفلسطينية وتدمير سبل العيش لما لا يقل عن 400 شخص.
وأوضح أن هذه المنشآت تشمل المدارس والعيادات والمحلات التجارية والطرق وحظائر الحيوانات والدفيئات الزراعية وشبكات المياه والصرف الصحي، وغيرها من البنى التحتية المدنية الحيوية، والتي ينتهك تدميرها سبل العيش والوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والمياه، وعدد لا يحصى من حقوق الإنسان الأخرى.
وأشار إلى أن هذا الواقع البغيض أدى إلى وصول منظمات حقوق الإنسان الدولية البارزة، بما فيها منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، والمنظمات الحقوقية الإسرائيلية الرائدة، إلى نتيجة أن إسرائيل تفرض نظام فصل عنصري على الشعب الفلسطيني وتميز ضده وتنتهك حقوقه الإنسانية بشكل صارخ بسبب هويتهم العربية الفلسطينية، منوها إلى تقرير منظمة العفو الدولية الأخير الذي خلصت فيه، من جملة أمور، إلى "أن أنماط الأعمال المحظورة التي ترتكبها إسرائيل تشكل جزءا من هجوم منهجي واسع النطاق ضد المواطنين، وأن كافة الأعمال اللاإنسانية التي ارتكبت في سياق هذا الهجوم قد ارتكبت بقصد الحفاظ على هذا النظام الذي يرقى إلى حد جريمة الفصل العنصري كما تعرفها اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي".
وشدد منصور على أن الاتهامات التشهيرية بمعاداة السامية ضد منظمة العفو الدولية وكافة الأشخاص الذين يتحدثون بالحقيقة، بما فيهم المنظمات الفلسطينية التي وصفتها إسرائيل "بالإرهابية"، تعتبر مخزية وخطيرة ويتوجب رفضها، حيث إن هذه الاستنتاجات، مثل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، تستند إلى الحقائق وإلى تحليل دقيق لأعداد كبيرة من الأدلة وفقا للقانون الدولي، والأمر لا يتعلق بمعاداة السامية، بل بالسياسات والممارسات التي إذا ما ارتكبتها أي دولة أخرى ستعتبر غير قانونية وغير إنسانية.
وأكد منصور أن التقارير الأخيرة تعتبر دعوة واضحة للمجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، للعمل على الفور لدعم القانون الدولي وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين الواقعين في قلب هذا الصراع الطويل والمأساوي، والذين تركوا بلا حماية أمام هذا الاضطهاد والاستعمار لفترة طويلة.
وشدد على أن الوقت قد حان لترجمة القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة إلى المساءلة من خلال الوسائل والتدابير العملية اللازمة على النحو الذي تم التأكيد عليه في قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334.