حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيليّة، مساء اليوم الجمعة، من السفر إلى أوكرانيا، في ظلّ تحذيرات منذ أسابيع، من قِبل القادة الغربيين من أنّ روسيا تستعد للتصعيد في النزاع المستمر منذ ثمانية أعوام في شرقيّ أوكرانيا، بعدما حشدت نحو مئة ألف جندي في محيط الدولة السوفياتية السابقة. كما أوضحت الوزارة أنه سيتمّ إجلاء عائلات الدبلوماسيين والمبعوثين الإسرائيليين إلى كييف.
وتأتي دعوة الخارجية الإسرائيلية، بعد ساعات من دعوة الرئيس الأميركي، جو بايدن، مواطنيه إلى مغادرة أوكرانيا "فورًا". كما حذّر من صراع كبير محتمل مع موسكو في حال حصول مواجهة على الأرض بين القوات الأميركية والروسية، رغم الجهود الدبلوماسية التي تبذل في الأسابيع الأخيرة.
وقالت الخارجية في بيانها: "بعد تدهور الوضع في أوكرانيا، توصي وزارة الخارجية المواطنين الإسرائيليين المقيمين في البلاد (في أوكرانيا) بالتفكير في البقاء (فيها)".
وأضافت الخارجية أنه "على أيّ حال، (يجب) تفادي الاقتراب من النقاط الساخنة (كالنقاط الحدودية التي تشهد انتشارا عسكريا كثيفا)".
وقال البيان: "كما توصي الوزارة المواطنين الإسرائيليين الذين يعتزمون القدوم إلى أوكرانيا، بالتفكير في تجنّب ذلك في الوقت الحاليّ".
تعثّر الجهود الدبلوماسيّة
ووصلت الجهود الدبلوماسية الأوروبية بشأن الصراع في أوكرانيا إلى طريق مسدود، كما أعلن اليوم الجمعة، المشاركون فيها، بينما يعتبر التقدم في هذا الملف حيويا لنزع فتيل الأزمة الروسية-الغربية التي قد تستحيل حربا.
وفي مؤشر إلى هشاشة الوضع، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم الجمعة، إن روسيا قد تغزو "في أي وقت" أوكرانيا، بعدما حشدت على حدودها أكثر من 100 ألف جندي وأسلحة ثقيلة.
من جهته، قال الناطق باسم الحكومة الألمانية، شتيفن هيبيشترايت، اليوم: "ما زلنا لا نرى أي مؤشر إلى خفض التصعيد نظرا إلى الوضع الراهن، ونأسف بشدة لذلك".
وفشلت محادثات كثيفة في الأيام الأخيرة في إحراز تقدم نحو حل لهذه الأزمة، التي يصفها الغربيون بأنها الأخطر منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود.
واليوم، قال الكرملين إن المناقشات التي جمعت روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا في برلين، أمس الخميس، سعيا لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية، لم تفض إلى "أي نتيجة".
وتنفي موسكو التي ضمت شبه جزيرة القرم في العام 2014 تحضيرها لغزو أوكرانيا لكنها تشترط خفض التصعيد بمتطلبات، أبرزها ضمان عدم قبول عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي، وهو طلب رفضه الغربيون. وبالتوازي، أعلنت روسيا مناورات عسكرية جديدة على الحدود الأوكرانية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن 400 جندي سيشاركون اليوم في "تدريب تكتيكي" في منطقة روستوف في الجنوب على الحدود مع أوكرانيا.
وكان عشرات آلاف الجنود الروس بدأوا أمس الخميس تدريبات واسعة النطاق في بيلاروس المجاورة لأوكرانيا من المتوقع أن تستمر حتى 20 شباط/ فبراير.
وفيما يخيّم شبح الحرب على أوروبا، يواصل قادة القارة العجوز جهودهم الدبلوماسية.
وسيلتقي المستشار الألماني، أولاف شولتس، الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في كييف الإثنين المقبل، ثم فلاديمير بوتين الثلاثاء، في موسكو.
على صعيد آخر، يزور وزير الدفاع البريطاني، بن والاس العاصمة الروسية، اليوم للقاء نظيره سيرغي شويغو.
لكن المحادثات التي جرت أمس في برلين في إطار آلية النورماندي وجمعت روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، أظهرت الهوّة التي تفصل بين موسكو من جهة والغرب وأوكرانيا من جهة أخرى.
ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء عن مصادر، ذكرت أنها قريبة من المفاوضين الفرنسيين والألمان، قولها، إن المناقشات التي استمرت نحو عشر ساعات تقريبا كانت "صعبة".
وتصرّ موسكو على أن تتفاوض كييف بشكل مباشر مع الانفصاليين المدعومين من روسيا الذين يقاتلون الجيش الأوكراني منذ العام 2014 في شرق البلاد، في صراع أودى حتى الآن بأكثر من 14 ألف شخص. وترفض أوكرانيا ذلك بشكل قاطع، قائلة إن موسكو هي المحاور الوحيد الذي لديه صلة وثيقة بالانفصاليين.
ورغم ذلك، أكدت كييف اليوم أن "الجميع مصممون على تحقيق نتيجة" وأن المحادثات ستستمر.
وفيما حضّ بايدن، مواطنيه على مغادرة أوكرانيا فورا، لأن "الأمور قد تتفلت بسرعة كبيرة"، رفضت الحكومة الأوكرانية التي رفضت مرارا مخاوف واشنطن، سارعت إلى التقليل من مدى أهمية هذه التصريحات.
وقال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا: "هذه التصريحات لا تنبع من تغيير جذري في الوضع".
وكرر بايدن أنه لن يرسل تحت أي ظرف قوات إلى أوكرانيا، حتى من أجل إجلاء أميركيين في حال حصول غزو روسي للبلاد.
وقال في مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" إن الأمر سيكون بمثابة "حرب عالمية عندما يبدأ الأميركيون والروس إطلاق النار على بعضهم البعض. نحن في عالم يختلف كثيرا" عما كان عليه سابقا.
من ناحية أخرى، حذّرت الولايات المتحدة، روسيا، من أنها ستواجه عقوبات اقتصادية قاسية، في حال حدوث عدوان عسكري. لكن موسكو التي تقدم نفسها على أنها ضحية لسياسة عدوانية ينتهجها حلف شمال الأطلسي، تجاهلت هذه التهديدات حتى الآن.
وكانت واشنطن ودول أوروبية قد أعلنت إرسال آلاف الجنود إلى أوروبا الشرقية.