عن الاجتماع والمقاطعة..غسان زقطان

الإثنين 07 فبراير 2022 02:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
عن الاجتماع والمقاطعة..غسان زقطان



منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، رغم ما آلت إليه أوضاعها بسبب سوء الإدارة ونزعة التفرد وسياسة التطويع البائسة لمؤسساتها، وبسبب استيلاء "السلطة الوطنية" على مقدراتها وقرارها، وفوضى الصلاحيات التي سمحت بالالتفاف على دورها. هذه هي القاعدة التي انطلقت منها معظم دعوات مقاطعة اجتماع المجلس المركزي للمنظمة، دعوة تتمثل الجوهري وهو حماية المنظمة عبر تصويب العلاقة معها ومع مؤسساتها والأهم الطريقة التي يجري التعامل معها. وهي، دعوة المقاطعة، تشكل نقطة الاحتجاج القصوى لدى معظم القوى والشخصيات التي اعترضت على الاجتماع، ورأت في فرضه نوعا من الاستئثار وإقصاء فجا لمكونات منظمة التحرير، بما فيها قوى ساهمت بقوة في تأسيس المنظمة ومسيرتها والدفاع عنها عبر عقود طويلة، وواصلت دورها في دعم حضورها كوطن سياسي ومعنوي للفلسطينيين، وممثل شرعي لطموحاتهم وحقوقهم وحامل أمين للمشروع الوطني من جهة، والاعتراض على سياسات الهيمنة والاستئثار والتفرد التي رافقت مسيرتها من جهة ثانية.
المنظمة في جوهرها اقتراح ديمقراطي اعتمد في بنيته على "جبهة وطنية" تضم مختلف القوى السياسية التي تؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني، شعبها، وتعمل على حصوله على حقه في الحرية والعودة والاستقلال في وطن ديمقراطي، داخل هذا الإيمان وفي سياق العمل تكمن اجتهادات كثيرة وتطرح أفكار وبرامج تعكس خصوصية القوى وفكرها وثقافتها، وتضمن في نفس الوقت وبنفس القوة حقوق مكونات الجبهة في التعبير عن هذه البرامج والأفكار بما لا يتعارض مع الوحدة الوطنية والبرنامج الذي توافقت حوله مكونات الجبهة الوطنية، التي من المفترض أن تكون ممثلة بعدالة في مؤسسات المنظمة، من القاعدة إلى المجلس الوطني وصولا إلى اللجنة التنفيذية الهيئة التنفيذية الأعلى.
اجتماع المجلس المركزي بهيئته الحالية هو محاولة لإقصاء الشركاء الوطنيين في "الجبهة الوطنية"، عبر الاستفراد في تشكيله ومنحه، في سابقة إشكالية، صلاحيات المجلس الوطني، والاستفراد في تحديد جدول أعماله وتحديد قراراته وفرضها على بقية المكونات. وهو نتيجة متطرفة تراكمت عقودا من تحكم إداري، بحكم الهيمنة، أفقدت هذه المؤسسة كفاءتها وحولتها إلي ما هي عليه، الآن، من قلة الحيلة والشأن، وفتحت الباب لمحاولات إنهاء المنظمة واستبدالها.
الدعوة لمقاطعة اجتماع المجلس المركزي جاءت للاحتجاج على هذه السياسات التي أوصلت المنظمة إلى "الموت السريري". احتجاج على سياسة التفرد والتعالي الفصائلي وليس على المنظمة ورمزيتها. هي دعوة للإصلاح واستعادة الحاضنة الشعبية وعدالة التمثيل وتجاوز عصبوية الفصيل، وليست تحريضا عبثيا سينتهي بمجرد إصدار البيان الختامي للاجتماع. هي أيضا حلقة من سلسلة دفاع طويل لا ينبغي أن يتوقف عن المنظمة.