ليس من مبالغة او مغالاة بالعنوان، فأهم وأخطر الجبهات في المشهد الصراعي مع الاحتلال الصهيوني،هي جبهة العنصرية-الابرتهايد- الصهيونية غير مستثمرة فلسطينيا وعربيا وأمميا كما يجب، مع خالص التقدير لكل النضالات والانجازات التي حققتها الحملة الدولية صد العنصرية وغيرها، فحينما نوثق ان المجتمع الصهيوني برمته عنصري فاشي من اقصاه الى اقصاه، فذلك ليس فيه مبالغة، فقد جاء قرار منظمة العفو الدولية (أمنستي) الثلاثاء- : 01/02/2022- ليؤكد الموثق والمؤكد منذ عقود، ففي تقرير جديد له قال:”إنه ينبغي مساءلة السلطات الإسرائيلية على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين”، ويبين التقرير بالتفصيل “كيف أن إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه، وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلا عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى”، ويوثق التقرير الشامل المؤلف من 182 صفحة بعنوان “نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: “نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية”، كيف أن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي”.
وكان وثقها ايضا الرئيس الأسبق للكنيست أفراهام بورغ –وشهادته في غاية الاهمية-حينما قال:”ان الصهيونية اليوم تعني شيئا واحدا فقط: العنصرية-القدس العربي”: 2020-3-23″، وكان ايضا قد وثقها القرار الأممي 3379 في العاشر من تشرين الثاني من العام 1975، عندما اتخذت الامم المتحدة قرارها الذي يحمل رقم 3379، بحق “اسرائيل”والحركة الصهيونية، والذي اعتبر تاريخيا انذاك، حينما اعلن:”ان الصهيونية هي شكل من اشكال العنصرية والتمييز العنصري”.
وحينما نستحضر مقولاتهم وادبياتهم وتطبيقاتهم وجرائمهم على الارض ضد الشعب العربي الفلسطيني، فانه يتبين لنا اننا في مواجهة اكبر واخطر “دولة ارهابية على وجه الارض، تستمد افكارها من قادتها وحاخاماتها، ومن بن غوريون مؤسس كيانهم الى مناحيم بيغن الى نتنياهو رئيس الوزراء السابق الى رئيس الوزراء الحالي بينيت، مرورا بكافة رؤساء وزاراتهم ووزرائهم وكبار الجنرالات والمسؤولين لديهم، مرورا بكافة الاحزاب واعضاء الكنيست على مدى عمر ذلك الكيان، ويمكننا القول ان السياسات الاجرامية الصهيونية ما هي الا تطبيقا لقول مناحيم بيغن: “اليهود أسياد العالم، نحنُ اليهود آلهة على هذا الكوكب، نحنُ نختلِف عن الأجناس السُفليّة مثل اختلافهم عن الحشرات، في الواقع، إنّ الأجناس الأخرى مُقارنةً مع جنسنا تُعتبر بهائم وحيوانات، أوْ ماشية في أحسن الأحوال، الأجناس الأخرى هي كالفضلات البشريّة، قُدّرَ لنا أنْ نحكم الأجناس السُفليّة، سوف يحكم قائدنا في مملكتنا الدنيويّة بقبضةٍ من حديدٍ، وستقوم الشعوب بلعق أقدامنا وخدمتنا كالعبيد” ( من خطاب ألقاه مناحيم بيغن في الكنيست الإسرائيلي، ونشره الصحافيّ التقدّمي الإسرائيليّ، أمنون كابيليوك، في كتابه (نيو ستيتمان)، في الـ25 من حزيران (يونيو) من العام 1982).
فهل هناك يا ترى فلسفة عنصرية اجرامية كفلسفة بيغن التي تتبناها وتعمل بها مختلف الاحزاب والتنظيمات والحركات الصهيونية…؟!
وما بين زمن بيغن وزمن نتنياهو وبينيت اليوم، فان هذه الخلفية الفكرية السياسية الايديولوجية هي التي تحكم السياسات الصهيونية، وليس من المتوقع طبعا في يوم من الايام ان تتغير هذه السياسات الراسخة لديه، فهذه هي الطبيعة العنصرية….!.
وفي هذا السياق العنصري، ونحن على موعد مع المزيد من الوثائق والتفاصيل الخطيرة حول الابرتهايد-العنصرية الصهيونية نستحضر ايضا للتعزيز احدث تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، وهي إحدى منظمات حقوق الانسان المهمة، حيث اكدت فيه “أن إسرائيل قد تجاوزت المنسوب: جرائم ضد الانسانية ونظام ابرتهايد-وكالات 2021-5-1”. ويؤكد الكاتب والمحلل الاسرائيلي جدعون ليفي- «هآرتس2021-5-1″ تحت عنوان: “إسرائيل تجاوزت منسوب الأبرتهايد” قائلا:”لم يعد هناك أي طريقة لمناقضة التشخيص: ابرتهايد. ولا توجد أي طريقة لالغاء حقيقة أن المكونات الثلاثة للابرتهايد حسب ميثاق روما والمذكورة في التقرير توجد في إسرائيل: الحفاظ على سيطرة مجموعة عرقية واحدة على مجموعة اخرى، وقمع منهجي لهذه المجموعة، واعمال-جرائم- غير انسانية.
وقبل ذلك كان المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، اطلق على إسرائيل وصف “دولة فصل عنصري (أبارتهايد)”، وذلك لأول مرة، رافضا “النظرة السّائدة إلى إسرائيل كدولة ديمقراطيّة تدير في الوقت نفسه نظام احتلال مؤقت”، وذلك في “ورقة موقف”، صدرت عنه الثلاثاء- وكالات-: 12/01/2021 ، وعلّلت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية في “ورقة الموقف” قرارها (أن إسرائيل دولة فصل عنصري) بأن “النظام الإسرائيلي يسعى إلى تحقيق وإدامة تفوق يهودي في المساحة الممتدة من النهر (الأردن) إلى البحر (الأبيض المتوسط)”، في إشارة إلى أرض فلسطين التاريخية.وقالت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية إنه “في كل المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل- داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية وشرقي القدس وقطاع غزة – يقوم نظام واحد يعمل وفق مبدأ ناظم واحد: تحقيق وإدامة تفوق جماعة من البشر (اليهود) على جماعة أخرى (الفلسطينيين”.
وعلقت الكاتبة إيلانا همرمان في هآرتس2021-1=15 على هذه الورقة قائلة: “إنها دولة “أبرتهايد”: يجب محاربة إسرائيل اقتصادياً وثقافياً”، مضيفة:”مفهوم «احتلال»، الذي يسري على الضفة الغربية، لم يعد يلائم الواقع، ما يحدث في «المناطق» لا يمكن فهمه اليوم بصورة منفصلة عما يحدث في كل المناطق التي توجد تحت سيطرة إسرائيل”، موضحة:” توثق هذه الوثيقة بالوقائع والتحليلات المجالات الأربعة التي يهندسها هذا المبدأ، جغرافياً وسياسياً، حياة كل الـفلسطينيين الذين يعيشون على جانبي الخط الأخضر:
1- سيطرة على الارض: «تهويد تدريجي للمنطقة على حساب السكان الفلسطينيين، عن طريق الطرد والاستغلال والمصادرة وهدم البيوت وتفضيل الاستيطان اليهودي استناداً الى سلسلة طويلة من القوانين والاجراءات”.
2- المواطنة: «كل اليهود في العالم، أحفادهم وأزواجهم، يحق لهم التجنس في إسرائيل، في حين أن الفلسطينيين لا يمكنهم الهجرة الى الاراضي التي تقع تحت سيطرة إسرائيل، حتى لو كانوا هم وآباؤهم وأجدادهم ولدوا أو عاشوا فيها”.
3- حرية الحركة: «المواطنون الإسرائيليون يحظون بحركة تنقل حرة في كل المنطقة التي تقع تحت سيطرة إسرائيل (باستثناء قطاع غزة) ويمكنهم الخروج من الدولة والعودة اليها كما يريدون. الرعايا الفلسطينيون في المقابل (في المناطق) يحتاجون الى تصاريخ خاصة من إسرائيل من اجل الانتقال من وحدة الى اخرى (احياناً ايضاً داخل الوحدة نفسها)، وسفرهم الى الخارج مشروط بموافقة إسرائيل “.
4- مشاركة سياسية: «ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق التي احتلت في العام 1967 لا يستطيعون المشاركة في النظام السياسي الذي يسيطر على حياتهم والذي يحدد مستقبلهم. ليس عن طريق الانتخابات وليس بوساطة الحق في حرية التعبير وتشكيل منظمات”.
ولذلك نوثق استنادا الى هذه الورقة-الوثيقة الهامة الصادرة عن منظمة امنستي وقبلها عن جمعية بتسيلم ثم وثيقة”هيومان رايتس ووتش” وغيرها الكثير من الوثائق والشهادات: ربما تكون جبهة العنصرية والتمييز العنصري الذي تمارسه مؤسسات الدولة الاسرائيلية-الاحتلالية ليس فقط ضد عرب 48 بل ايضا ضد كل الشعب العربي الفلسطينيي على امتداد مساحة فلسطين من اهم واخطر الجبهات والملفات غير المستثمرة فلسطينيا و عربيا وأمميا اعلاميا وسياسيا ةقانونيا وأخلاقيا كما يجب، ذلك ان العالم قد ينتبه الى هذه الجبهة اكثر من غيرها نظرا لسطوة مفاهيم وقيم الحريات العامة وحقوق الانسان ، فالى جانب الاحتلال الاسرائيلي بكافة اعبائه واثقاله وتداعياته الاجراميةعلى كافة مجالات الحياة الفلسطينية وما لذلك من مكانة في القرارات الاممية، الا ان قصة “الابرتهايد-التمييز” تنطوى على اهمية مختلفة كما تابعنا ما جرى في جنوب افريقيا وفي اماكن اخرى في العالم مثلا، و”اسرائيل” تحتل بامتياز قمة هرم الدول التي تقارف التمييز العنصري.
ولذلك ايضا .. نحث كافة المؤسسات العربية المعنية بمناهضة سياسات التمييز العنصري الابرتهايدي على ان تتحمل بدورها مسؤولياتها القانونية /الحقوقية / الانسانية /الاعلامية وان تتحرك من اجل تدويل قضية العنصرية الابرتهايدية الاسرائيلية ضد ملايين العرب في فلسطين، وان تعمل على تعميمها على اوسع مساحات اممية ممكنة .
وهذه مسؤولية تاريخية منوطة بالمؤسسات القانونية الحقوقية / الانسانية الفلسطينية والعربية والأممية على امتداداتها الجغرافية عليها ان تقوم بها بلا تاخير او تقاعس ، لان التاريخ لن يغفر لها في نهاية الامر…!
كاتب فلسطيني
Nzaro22@hotmail.com