إعادات بالأبيض والأسود..غسان زقطان

الإثنين 31 يناير 2022 04:52 م / بتوقيت القدس +2GMT
إعادات بالأبيض والأسود..غسان زقطان



لا يبدو أن ثمة أغلبية ستلبي الدعوة لانعقاد المجلس المركزي بما فيها الفصائل الرئيسة في منظمة التحرير.
لم تثمر كما هو مؤمل زيارة وفد فتح لدمشق الشهر الماضي، النتائج التي عاد بها الوفد اقتصرت على تبادل الشروط واستعادة الاتهامات في مستوى آخر.
بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأخير الذي ربط المشاركة في اجتماع المجلس بما يشبه مبادرة وطنية متكاملة تلخص، المبادرة، رؤية الجبهة لاستعادة الحد الأدنى من التوافق الوطني، وما رشح عن مبادرة الجبهة الديمقراطية المقدمة إلى المشاركين في الحوار الذي دعت إليه الجزائر، يسلطان الضوء على حجم الخلافات في المشهد السياسي الفلسطيني في جانب، ولكنهما في جانب آخر يعززان الانطباع الشعبي حول عزلة «النخب السياسية»، وابتعاد الأطر السياسية الفلسطينية عن حواضنها، والاستغراق في خلافاتها الفصائلية بعد تجديدها وإعادة إنتاجها.
لعل هذا ما يبرر ما يشبه «الإهمال» الشعبي لحركة السياسيين الفلسطينيين الدؤوبة وغير المثمرة، سواء الدعوة لانعقاد المجلس المركزي الذي أحيلت إليه صلاحيات من المجلس الوطني، بحيث يبدو أكثر من «مجلس مركزي»، وفي سياق آخر ومدبر، أكثر من «مجلس وطني»، ثمة استغناء متدرج وغير مبرر، ولعله غير قانوني حيث تتناقض الاجتهادات، وهو ما نتركه للخبراء، عن الهيئة التشريعية العليا في منظمة التحرير، واستبدالها باجتماع شكلي لهيئة أقل درجة جرى تشكيلها واختيار أغلبية أعضائها بما يتوافق مع اتجاه سياسي وتنظيمي بعينه دون الرجوع إلى معايير الكفاءة والخبرة والتجربة، واستبدال كل ذلك بـ»الولاء»، الولاء بمستوياته ومحاصصاته.
يمكن هنا إضافة الترشيحات التي أعلنت مؤخراً لملء شاغر رئيس المجلس الوطني الذي استقال «أخيراً» على بعد أسابيع من اختيار بديل له، كذلك شاغر أمين سر اللجنة التنفيذية الراحل صائب عريقات، يمكن إضافة هذه الترشيحات إلى العقد الكثيرة التي تتراكم في المشهد الفلسطيني.
كل هذا، الاستغناء عن «المجلس الوطني» وتدبير عضوية «المركزي»، والتفاف حماس على «الحوار» عبر مبادرة بلاغية وخطاب وحدوي، هو استغناء عن مفهوم «الانتخابات» ودوران في صندوق الفصائل الضيق.
لا تبدو الأرض صالحة لاجتماع المجلس المركزي ولا التوقيت ولا الطريقة، بنفس القدر الذي لا يجعل الشارع متفائلاً بجلسات الحوار التي يجري الإعداد لها في الجزائر، والأهم أن الأغلبية الحقيقية للشعب هي خارج كل هذه الأطر، بما يجعل من الأمر برمته «إعادات» بالأبيض والأسود لزمن لم يعد موجوداً.