بعد وقوع ثلاث هزات أرضية "صغيرة" شعرت بها دولة الاحتلال هذا الشهر، عبرت أوساط مرتبطة بقيادة الجبهة الداخلية عن مستوى متزايد من القلق، سواء بسبب إمكانية أن تتزايد هذه الهزات الأرضية، وبمعدلات متزايدة من جهة، أو بمستويات أكثر صعوبة من جهة أخرى، أو لعله بسبب البيروقراطية من جهة ثالثة.
تضع الأوساط الإسرائيلية ما تقول إنها سيناريوهات متشائمة تتضمن وقوع زلزال يسفر عن هدم 30 ألف مبنى، وتضرر 290 ألف مبنى آخر، وفوق ذلك كله آلاف القتلى الإسرائيليين، مع العلم أنه منذ أربع سنوات حذر مراقب الدولة آنذاك، القاضي المتقاعد يوسف شابيرا، من عدم جاهزية الدولة لوقوع زلزال شديد، صحيح أنه منذ ذلك الحين، لم تضرب دولة الاحتلال زلازل شديدة من النوع الذي نراه حتى الآن في بلدان أخرى فقط، لكن هذه الفرضية باتت مسألة وقت في السنوات القادمة.
سونيا جوروديسكي الكاتبة في صحيفة إسرائيل اليوم، ذكرت في تقرير موسع لها أن "إسرائيل ليست مستعدة بعد بشكل صحيح لمثل هذه الزلازل، على العكس من ذلك، فهناك انتكاسة في الاستعداد للزلازل، والشلل السياسي المفروض على إسرائيل في العامين الأخيرين قبل تشكيل الحكومة الحالية، وعدم وجود ميزانيات خاصة، قد يفسران الوقت الضائع، لكن الضوء الأحمر الثالث الذي شعرت به إسرائيل خلال أسبوعين فقط تمثل بسيناريوهات الرعب في حال وقوع زلزال كبير، يقتل فيه الآلاف، ويجرح عشرات الآلاف، وتدمير عشرات آلاف المباني بشكل كامل".
وأضافت أنه "كان متوقعا بعد تقرير مراقب الدولة أن تبدأ جميع الهيئات الحكومية بالعمل الجاد لتصحيح الوضع، لكن حدث العكس، حيث كشف مكتب المراقب المالي أنه لم يتم تصحيح معظم أوجه القصور التي أثيرت سابقاً، وليس هناك من جهة محددة في الدولة تتعامل مع موضوع التحضير للزلازل أو التسونامي، وتعمل بشكل متكامل مع الوزارات المختلفة، ورغم أننا أمام تقرير رسمي نشر في 2018، لكن الحكومة لم تعط حتى الآن تعليماتها للجنة مختصة لتنفيذ توصيتها".
تكشف المحافل الإسرائيلية أن اللجنة الوزارية المختصة بالزلازل اجتمعت آخر مرة في 2016، رغم الحاجة لوضع خطة متعددة السنوات بميزانيات وأهداف محددة، وهذا يعني أن مسألة استعداد الدولة تستغرق سنوات، وإذا لم تكن هناك خطة متعددة السنوات بميزانية، فلن يتم حل الأمور تلقائيا، رغم أنه تم تحديد أوجه القصور في جميع المناطق، لكن الوضع القائم يتحدث عن سيناريو يتخلله وقوع زلزال يقتل سبعة آلاف إسرائيلي، ويجرح عشرات الآلاف، ويشرد مئات الآلاف، والإسرائيليون يشككون في أداء بنيتهم التحتية الحيوية خلال الكارثة المتوقعة، لأنها غير محمية.
في الوقت ذاته، فقد شهدت السنوات القليلة الماضية إجراء عدة أبحاث مع هيئة المسح الجيولوجي، خاصة في مناطق حول البحر الميت، المرشحة لوقوع الزلازل فيها، لأنه من المؤكد مائة بالمئة أنه سيحدث زلزال قوي للغاية هناك، ولكن كيف، ومتى بالضبط، هذه أسئلة لا يستطيع الإسرائيليون الإجابة عنها، رغم أن التقديرات تتحدث عن أن زلزالا قويا قد يدمر 30 ألف مبنى دمارا كاملا، و290 ألف مبنى قد يتضرر بطريقة متوسطة.
مع العلم أن المسافة بين شمال البحر الميت ومدن تل أبيب، يافا، حولون، بات يام، حيث توجد أحياء قديمة جدًا، لا تزيد عن 80 كيلومترًا، والزلزال الذي وقع قبل 5 أسابيع بقوة 6.5 درجات كان على بعد 600 كيلومتر، في جزيرة كريت في البحر المتوسط، لكن "إسرائيل" بأكملها اهتزت، وما هو مرصود لمواجهة الزلازل بموازنة لا تزيد عن ستة ملايين شيكل في السنة لا تكفي، لأن هناك ميزانيات إضافية يجب توجيهها لوزارات أخرى.
في عام 2018، قررت الحكومة الإسرائيلية السابقة تخصيص خمسة مليارات شيكل لتعزيز وحماية المباني السكنية، لكن الدولة عموما غير مستعدة بأي مقياس لزلزال مدمر، وهذا باعتراف كبار المسؤولين الإسرائيليين، خاصة الجنرال زئيف تسور-كام رئيس اللجنة الوطنية للطوارئ، وأمير ياهاف منسق اللجنة الوزارية الخاصة بالزلازل، لأن جميع المباني لم تنجح في الاختبار للإيفاء بالمعايير المطلوبة، فالبنية التحتية الحقيقية مهتزة للغاية، ومن أجل الإصلاح والتحسين والاستعداد، هناك حاجة لميزانية مناسبة، وليس فقط للعناية بالمباني في مناطق الخطر.
عربي 21