زودت إسرائيل دول في الخليج برنامج "بيغاسوس" للتجسس من خلال اختراق الهواتف الذكية، والذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO، قبل توقيع "اتفاقيات أبراهام" مع الإمارات والبحرين، في منتصف أيلول/سبتمبر العام 2000.
وتبين من تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم، الجمعة، أنه بعد شهر من توقيع هذه الاتفاقيات، انتهت صلاحية رخصة نسخة "بيغاسوس" التي تستخدمها السعودية. ورفضت وزارة الأمن الإسرائيلية تمديد مدة الرخصة بسبب التقارير التي ترددت عن انتهاك السعودية لحقوق الإنسان، بواسطة هذا البرنامج. ويذكر أن السعودية استعانت بالبرنامج في عملية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. ومن دون تجديد الرخصة، لا تتمكن NSO من تزويد صيانة دائمة لـ"بيغاسوس" وبذلك ينهار هذا البرنامج.
وتحدث مستشارون لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مع الموساد ووزارة الأمن الإسرائيلية، لكنهم لم ينجحوا في التوصل إلى حل. وفي هذه المرحلة، أجرى بن سلمان بنفسه اتصالا هاتفيا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، بنيامين نتنياهو، طالبا تجديد رخصة برنامج التجسس، وفقا لتقرير الصحيفة الأميركية الذي شارك في إعداده محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين برغمان.
وأشار التقرير إلى أنه كان بحوزة بن سلمان رافعات ضغط هامة. فالسعودية لم تندد بـ"اتفاقيات ابراهام"، وبن سلمان سمح لطائرات إسرائيلية باستخدام المجال الجوي السعودي في طريقها إلى الخليج.
وبعد المحادثة بين بن سلمان ونتنياهو، أوعز الأخير لوزارة الأمن بإصلاح المشكلة فورا. وفي الليلة ذاتها اتصل مسؤول في وزارة الأمن بغرفة العمليات في NSO من أجل إعادة تفعيل نسخة برنامج "بيغاسوس" الموجودة بحوزة النظام السعودي. وبعد الأمر المباشر الذي أصدره نتنياهو، تم تشغيل "بيغاسوس" في السعودية، بالرغم من عدم التوقيع على جميع الوثائق المتعلقة بذلك، وفقا للتقرير.
وذكر التقرير أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (FBI) اشترى نسخة من "بيغاسوس" ووضعها في حواسيبه، في العام 2019. ويذكر أن الولايات المتحدة أدخلت مؤخرا NSO إلى القائمة السوداء التي تلحق ضررا بأمنها القومي.
وأضاف التقرير أن "بيغاسوس" ساعد في القبض على بارون المخدرات "إل تشابو"، وإحباط مؤامرات إرهابية وإسقاط شبكات عالمية تنكل بالأطفال، لكنه أشار إلى أنه عندما وضع تقنيو NSO البرنامج في مبنى FBI في نيو جرسي، كان قد أصبح الاستخدام الإشكالي للبرنامج في دول معروفا، وبضمن ذلك استخدام المكسيك له ضد صحافيين وسياسيين، واستخدام الإمارات للبرنامج في اختراق هواتف ناشط حقوق إنسان وسجنه، واستخدام السعودية له ضد ناشطين من أجل حقوق المرأة.
وأفاد التقرير أنه في العام نفسه الذي اغتيل فيه خاشقجي، بأمر من بن سلمان، اشترت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) برنامج "بيغاسوس لصالح حكومة جيبوتي، بادعاء مساعدتها في محاربة الإرهاب، وذلك بالرغم من انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة فيها، وبضمن ذلك ملاحقة صحافيين وتعذيب معارضين.
واضاف التقرير أن المديرية الأميركية للإنفاذ ضد المخدرات (DEA) والأجهزة السرية وقيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي، أجرت مداولات مع NSO، لكن FBI "كان سباقا". واشترى عملاء مكتب التحقيقا الفدرالي أجهزة هاتف ذكية واستخدموا فيه شرائح سيم من دول أخرى، إذ تمت برمجة "بيغاسوس" بشكل لا يسمح باختراق أرقام هواتف أميركية. وعندها دربوا تقنيو الشركة الإسرائيلية العملاء الأميركيين على كيفية اختراق الهواتف.
وشملت النسخة التي حصل FBI عليها تقنية "زيرو كليك"، أي أنها لا تتطلب من حامل الهاتف الضغط على رابط في هاتفه من أجل اختراقه. وأصبح بإمكان العملاء الأميركيين الاطلاع على أي معلومة في الهاتف المخترق: الرسائل بالبريد الإلكتروني، الصور، جهات الاتصال، موقع حامل الهاتف. كما كان بمقدورهم السيطرة على الكاميرا والميكروفون في الهاتف المستهدف.
وعقب مكتب نتنياهو على التقرير في بيان، جاء فيه أن "الادعاء بأن رئيس الحكومة نتنياهو تحدث مع زعماء أجانب وعرض عليهم هذا البرنامج مقابل إنجاز سياسي أو أي إنجاز آخر، هو كذب مطلق. وكافة مبيعات هذا البرنامج ومنتجات مشابهة أخرى لشركات إسرائيلية إلى دول أجنبية تمت بمصادقة وإشراف وزارة الأمن، مثلما يلزم القانون الإسرائيلي".