عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان جلسة نقاش للأطراف ذات العلاقة حول قانون الاتصالات الجديد، وذلك بعد نشره مؤخرا في الجريدة الرسمية، لأخذ ملاحظاتهم إزاءه والخروج بتوصيات ومقترحات من شأنها خدمة الصالح العام.
استهلت الجلسة بترحيب المدير التنفيذي عصام الحج حسين بالحضور، وتوضيح الغاية من الجلسة واستعراض المستشار القانوني لائتلاف أمان، بلال البرغوثي أهم ما جاء بالقانون، مؤكدا على انسجام القرار بقانون مع توصيات ائتلاف أمان لسنوات طويلة، وخصوصا فيما يتعلق بحوكمة القطاع، وتحديدا ما يتعلق بإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم قطاع الاتصالات والرقابة عليه، مطالباً بالإسراع في تشكيلها، إضافة الى إلغاء الحكم المتعلق بإمكانية إلغاء الرخص، أو وقفها لمتطلبات الأمن القومي، والتي كانت تفتح المجال للاعتبارات السياسية وتدخل الأجهزة الأمنية بقطاع الاتصالات.
وأضاف البرغوثي أن هناك بعض الملاحظات التي لم يؤخذ بها، مثل صلاحيات الهيئة وتشكيلتها ومرجعيتها الى جانب أمور أخرى تتعلق بحماية كل من المستهلك والمستثمر.
أبو دقة: من الضرورة تمثيل قطاع المستهلكين في تشكيلة المجلس وأن يكون رئيس الهيئة من خارج القطاع الحكومي
فيما أشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق د. مشهور أبو دقة أن القانون جيد، لكنه يخاف من مغبة عدم تطبيقه، بقوله: "تساورني بعض الشكوك بعدم تطبيقه كالمرة السابقة". سرد أبو دقة بعض الملاحظات على القانون، من بينها المادة 3 بند 9، والتي تطرقت حول تنظيم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتحديد مهام كل من الهيئة والوزراة، إضافة لتحديد المهيمن، ووضع قواعد المنافسة بعد تحليل الأسواق.
كما أشار بدوره لعدم وجود ضمن تشكيلة مجلس ادارة الهيئة شريحة تمثل قطاع المستهلكين لضمان تزويد خدمات اتصالات وتكنولوجيا معلومات عالية الجودة بشروط وأسعار تنافسية مناسبة وعادلة للمواطن، مع الإشارة الى عدم وجود ضرورة لعضوية وزارة الاتصالات ضمن التمثيل، وانما أهمية وجود وزارة الداخلية، حسب المعمول به عالميا. وأضاء أبو دقة على أهمية أن يكون رئيس الهيئة من خارج القطاع الحكومي لضمان استقلاليتها، وأشار الى نقطة تعيين وعزل المدير التنفيذي، على أن تكون من صلاحيات مجلس الإدارة وليس الرئيس.
وأثار أبو دقة أيضا نقطة في المادة 16 بند 6 حول مرجعية موظفي الهيئة، حيث أنهم يخضعون لقانون الخدمة المدنية، والأصل أن يكون للهيئة نظام إداري مستقل على غرار ما ينطبق على هيئة مكافحة الفساد، وهيئة سوق رأس المال، ومجلس تنظيم قطاع الكهرباء، وغيرها من الهيئات المستقلة.
البردويل: يجب أن تتمتع الهيئة بكامل الاستقلال المالي والإداري
فيما أوضح بشير البردويل، مدير عام الرقابة في وزارة الاتصالات أن قطاع الاتصالات متطور بسرعة هائلة، ولمواكبة التطور وإخضاعه للحوكمة، تم إنشاء هيئات اتصالات في أغلبية دول العالم، تتمتع بالاستقلال المالي والإداري.
وخصص حديثه قائلا: " إذا لم تتحقق الاستقلالية المالية والإدارية في الهيئة، ستظل الوزارة الجسم المهيمن".
وبحسب رأيه، أوضح البردويل أن الاستقلال الإداري ضعيف جدا في القانون، ويتجسد الأمر في تمثيل جسم الهيئة المفترض أن يتكون من 9 أعضاء، مفيدا أنه يخشى هيمنة الحكومة من جديد من خلال الأعضاء الأربعة، ورئيس الهيئة المفترض تعيينه من الرئيس، ما سيحتم وجود أغلبية 5 أعضاء في نهاية المطاف من أصل 9 في جسم الهيئة.
كما أشار البردويل الى عدم وضوح القانون بشأن الاستقلال المالي، مستشهدا بسابقة سلبية في القانون القديم حول وضع الهيئة موازنتها، وإعادة الايرادات الى الخزينة العامة.
وقد استهجن البردويل الخلط الموجود في القانون، إزاء قطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إذ يتوجب الدمج بينهما أسوة بالحاصل عالمياً، لكن القانون لا يأتي على ذكر تكنولوجيا المعلومات إطلاقا.
محامي مجموعة الاتصالات: هناك العديد من التساؤلات المفتوحة الموجودة في القانون بدون وجود إجابات عليها
وأوضح المحامي هيثم الزغبي، محامي مجموعة الاتصالات بعض الأمور القانونية غير الواضحة، إذ من حق المستثمر أن يشعر أن القانون يحميه ويحمي استثماره، مشيرا لبعض الثغرات القانونية التي قد تشغل القضاء بدلاً من وضع الأمور في نصابها الصحيح، إذ نصت المادة 77 في القانون على إلغاء كل ما يتعارض مع القانون الجديد، مشيرا أن الصياغة التشريعية لا تقوم على الالغاء الضمني وانما الالغاء الصريح بذكر القوانين القديمة، حتى لا تتبعثر الجهود المبذولة في صناعة القانون الحالي.
وأثار الزغبي تساؤلا من خلال حذف واستبدال المادة 43 في القانون الأساسي، ما يلغي وجود مرجعية تشريعية، وانما يرجعها الى النظام الأساسي لمنظمة التحرير.
كما استهجن الزغبي إقحام حماية المستهلك في قطاع مصنف أنه منظم كقطاع الاتصالات، إذ لا يجدر أن يسري عليه ذلك، لما لذلك أن يؤدي الى ازدحام في التنظيم بدلا من حماية القانون لسيادة الهيئة التي يجب عليها أن تحمي العلاقات الثنائية بين المنتفع ومقدم الخدمة، وأكمل شرحه أن دور حماية المستهلك منوط بالقطاعات غير المنظمة.
كما أشار الزغبي الى مادة 3 بند 9 والتي تتحدث حول الرقابة، مشيرا أن الهيئات الناظمة لأي قطاع يجب أن تكون مستقلة من التأثير السياسي والتجاري، إذ لا يتوجب أن يكون ولاية عليها سوى القانون، مشددا على إعادة صياغة فقرة 11 من مادة 3، وأن تكون الرقابة واضحة لصالح الهيئة.
يجب أن يكون القانون واضحا من حيث المخالفات والعقوبات بنصوص قانونية
فيما يخص المخالفات، أكمل الزغبي أنه من الأجدى تدرجها وتصنيفها، كذلك وضع العقوبات والضوابط بشكل واضح، مشيرا أن وجود النص على المخالفات والعقوبات بشكل مفتوح سيثير متاعباً للقضاء فيما بعد، مستشهدا بأن "لا عقوبة الا بنص قانوني".
هيئة مكافحة الفساد: تطبيق نظام تضارب المصالح أوسع وأشمل مما نص عليه قانون الاتصالات الجديد
وقد تساءل مدير دائرة الشكاوى والبلاغات في هيئة مكافحة الفساد المحامي أسامة السعدي، حول الفرق ما بين الرخصة والتصريح والإذن والموافقة الخاصة، مشيرا أن التعدد في المسميات يثير تخبطا وبلبلة، مقترحا أن تستبدل جميع المسميات (برخصة) على أن تحدد الهيئة الغاية منها.
أما بخصوص تشكيل مجلس إدارة الهيئة، فقد تعذر وضوح الجهة التي سترشح مجلس الإدارة، فيما اقترح أن يكون هناك ممثلا عن مؤسسة المواصفات والمقاييس وممثلا آخر عن حماية المستهلك.
وحول تضارب المصالح الوارد في نص المادة 8 في الفقرتين 3 و4، اقترح السعدي أن تستبدل بتطبيق نظام تضارب المصالح الصادر في 2020 بما أنه أوسع وأشمل.
هاني العلمي: السلطة تجبرنا على دفع 7% من الدخل والقانون ينفّر المستثمرين من السوق بدلاً من تشجيعهم!
ومن جانبه ، أفاد مدير شركة كوول نت المهندس هاني العلمي أن القانون تشوبه بعض الضبابية ، خاصة بوجود فوضى و600 مشغل لشبكة لا سلكية، مستهجنا عدم وجود ممثل عن المشغلين والمستثمرين، إذ "نتلقى جميع المتغيرات كأمر واقع" على حد تعبيره، مشيرا أن قطاع الاتصالات محتل بشكل كامل، وخاضع لمزاجية ضباط بيت ايل! وقد أضاف العلمي أن السلطة تجبر المشغلين على دفع 7% من الدخل، كما اشترطت مؤخرا في نيسان/ ابريل 2021 وفق تعديل على الرخصة أن يُدفَعَ المبلغ كاملا قبل نهاية العام أي 31-12-2021 وإلا فإن ملفاتهم ستحال الى النائب العام، وبهذا تضغط الوزارة على المستثمرين ومقدمي الخدمات، إذ تشير جميع هذه المؤشرات الى "تنفير المشغلين والمستثمرين" حسب وصفه، وليس تشجيعهم على الاستثمار، خاصة المادة 20 التي تتيح إمكانية إنشاء شبكات خاصة، ما يمكّن أي بنك أو بلدية الحصول على شبكة فايبر بشكل مباشر وبمعزل عن مزودي الخدمة.
(بيتا): لدينا تساؤلات حول حظر منع المنافسة ومنع الاحتكار
وقد أشار رئيس مجلس إدارة اتحاد شركات أنظمة المعلومات- بيتا المهندس تامر برانسي، أن القانون جيد، لكن يجب وضع سقف زمني لإنشاء الهيئة، والضغط باتجاه الإسراع في تشكيلها. كما أشار برانسي أن العديد من المعيقات سببها الاحتلال، متسائلا إذا ما أخذ القانون إبان إعداده الاتفاقيات الاقتصادية مع الجانب الاسرائيلي بعين الاعتبار. كما تساءل أيضا إذا ما ستكون الهيئة خاضعة للرقابة من قبل ديوان الرقابة المالية والإدارية.
وتساءل د. أيمن الزرو حول نص المادة 41 على مصطلح (حظر منع المنافسة) بدلا من النص بوضوح منع الاحتكار.
حراك طفح الكيل: يجب توحيد الأسعار وإرساء شروط عادلة للمواطن
فيما أشار جهاد عبده، عضو في حراك (طفح الكيل) أن أهم توصية يجب التشديد عليها الآن هي الإسراع في تشكيل هيئة مستقلة، مشيرا الى أهمية الشفافية في تشكيلها، وأن يكون من مهامها الرقابة بشكل واضح ومفصل، إذ يعاني المواطن من إشكالية توحيد الأسعار، وحماية الشركات الصغيرة، معبرا أن "الصالح العالم مغيب على أرض الواقع لصالح الشركات الكبيرة."
الشعيبي: هناك مراكز نفوذ في مكتب الرئاسة تعمل على صنع التشريعات بدلا من الحكومة
فيما أفاد مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد الدكتور عزمي الشعيبي، أنه وللأسف القواعد الأساسية في نظام الحكم لم تعد وحدها الملزمة أو الموجه العام لمتخذ القرار، فالقانون الأساسي الفلسطيني وضع ضوابط على الحكومة كيف تصنع التشريعات، لكن هناك إشكالية في منظومة الحكم، والتي تذهب الى نظام سياسي يتخلي عن القانون الأساسي الفلسطيني، إذ يوجد مراكز نفوذ تعمل على صنع التشريعات بدلا من الحكومة وبسرية تامة، وضمن ما يناسبها لتبقى الأمور في نصاب سيطرتها.
وأعرب الشعيبي عن قلقه إزاء عدم التطرق الى المادة 43 من القانون الأساسي، مشيرا أنه لا توجد ورقة من الحكومة تفيدنا بسياستها العامة أو الإطار المرجعي قبل إقرار ونشر القانون، إذ كان يتوجب عليها الاجتماع مع جميع الأطراف لإيجاد صيغة توازن تحمي حقوق جميع الأطراف قبل الشروع بإقرار ونشر قانون يعتبر الآن ساري المفعول!
وأكمل الشعيبي :"للأسف، لدينا تجربة أليمة مع تشكيل بعض الأجسام المنظمة وصلاحياتها، ومع ذلك لم تنتبه الحكومة للإشكاليات التي واجهتنا سابقا مع هذه الأجسام، وما زالت تكرر نفس الأخطاء"، مشيرا أن ائتلاف أمان كان قد أعد في السابق تقريرا عن مفهوم الاستقلال المالي والإداري يكون متوافق عليه ومقر ومعتمد ومنشور في الجريدة الرسمية، إذ كان يتوجب على الحكومة الاسترشاد به قبل المضي قدما بإعداد أي قانون يخص أي جسم مستقل.