هآرتس - بقلم: نيتسان ألون وافي مزراحي وجادي شمني "حظيَ عنف المستوطنين المتطرفين في يهودا والسامرة، مؤخراً، باهتمام كبير عقب تصريحات مختلفة لزعماء إسرائيليين، ولكنه نوقش أيضاً في محادثات المستشار الأمريكي للأمن القومي جاك ساليبان مع مستضيفيه الإسرائيليين. وفي وقت سابق، بعد أن طرحت نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند هذا الموضوع في لقائها مع وزير الأمن الداخلي عمر بارليف.
مازال الإرهاب الفلسطيني في يهودا والسامرة يشكل تهديداً ملموساً. نحن كقادة للمنطقة في السابق، كنا مشاركين في نشاطات حازمة لأذرع الأمن وعلى رأسها الجيش الإسرائيلي و”الشاباك”، ضد هذه التهديدات، وهو نشاط يستمر ويتعاظم حتى اليوم. ولكن عنف جهات فلسطينية لا يمكنه أن يشكل تبريراً لتجاهل سياسي أو عملي للمشاغبين الخارجين عن القانون في الجانب اليهودي. مؤخراً، توجهت حركة “قادة من أجل أمن إسرائيل” (هيئة تضم أكثر من 300 من كبار خريجي أجهزة الأمن، ونحن من بينهم) وزراء وأعضاء كنيست، وحذرتهم من أربعة مخاطر يكتنفها عنف المستوطنين المتطرفين:
على المستوى الأمني: باعتبارنا الجهة الأقوى التي تسيطر على الأرض، علينا التأكد من أنه يتم استخدام منظومة حازمة وناجعة لإنفاذ القانون في يهودا والسامرة. العنف الشعبي اليهودي يمس بقدرة الجهات الأمنية للقيام بدورها الأساسي، ألا وهو مكافحة الإرهاب الفلسطيني ومنع تحويل هذه المنطقة إلى جبهة قتال أخرى. إن عنفاً غير مسيطر عليه من جانب مستوطنين متطرفين يمس بالقوة الرادعة للجيش الإسرائيلي، وتثبت قوات كبيرة للقيام بمهام شرطية على حساب مهامهم، وتضع الجنود وقادتهم في أوضاع ليست لهم.
على المستوى الأمني: يثبت عنف المتطرفين الإسرائيليين للمجتمع الفلسطيني أنه لا يوجد سيد في هذه المنطقة يدافع عنها، ويعرض السلطة الفلسطينية كأداة فارغة غير قادرة على الحكم في المناطق الواقعة تحت مسؤوليتها، كما أنه يسحب البساط من تحت قدرتها على تبرير التنسيق الأمني بين أجهزتها وقواتنا، وهو أمر ضروري لبقائها مثلما هو ضروري لأمن المواطنين الإسرائيليين. أسهم هذا التنسيق في منع مئات العمليات الإرهابية وإنقاذ حياة أشخاص مثلما ثبت مؤخراً، عندما أنقذت أجهزة الأمن الفلسطينية مواطنين إسرائيليين وجدا نفسيهما في وسط جمهور هائج في رام الله.
على المستوى القيمي – الاجتماعي: إن عنف اليهود ضد الفلسطينيين، وضد نشطاء إنسانيين إسرائيليين، وضد قوات الأمن في منطقة تحت سيطرتنا، يعارض قيم اليهودية والمجتمع الإسرائيلي. كدولة قانون، من واجبنا التأكد من أن المواطنين الإسرائيليين لا يعملون خلافاً للقانون وبصورة تمس بالأمن وبمصالح وطنية أخرى. المشاغبون يعملون بعنفٍ جماعي منظم، ويتحدّون سيادة الدولة وقوانينها، ومكانة الجيش الإسرائيلي، وبشكل خاص احتكار الدولة لاستخدام القوة. وهذه الديناميكية لا تعترف بالخطوط الخضراء أو بالجدران الفاصلة، وستنزلق في النهاية وتقوض أساس النظام الاجتماعي في إسرائيل.
على الصعيد السياسي: يُلاحظ أن الاهتمام الدولي بهذا الموضوع وصل إلى نقطة حاسمة، ويتم اختبار إسرائيل بقدرتها على مواجهة هذه الظاهرة. العنف جلب نقداً لاذعاً ليس فقط من أعدائها، بل أيضاً من أصدقاء بارزين لها، من بينهم الإدارة الأمريكية والكونغرس في واشنطن والجالية اليهودية الأمريكية. كل حالة فوضوية وعنيفة في “المناطق” يلزم زعماء عرباً أصدقاء من مصر والأردن وحتى الخليج، بالرد. وهذا سيضر بتوجه التطبيع مع الدول العربية، وكذلك مع دول إسلامية خارج المنطقة.
إذا لم تعالج هذه الظاهرة المدمرة بصورة فورية وبدون تساهل، فستخرج عن السيطرة. كما أن استمرار هذا التوجه قد يؤدي إلى نتائج خطيرة منها المس بالتنسيق الأمني؛ وسيعزز جهات متطرفة وعلى رأسها حماس؛ ويؤدي إلى تدهور الفلسطينيين نحو اليأس إلى درجة انتظامهم بالدفاع عن النفس. وهو تطور قد يتدهور إلى انتفاضة ثالثة؛ وإلى تعبيرات عن تماهٍ في أوساط مواطني إسرائيل العرب، مع تداعيات على مجالات النظام العام والاندماج الجماهيري المتزايد؛ وسيؤدي في نهاية الأمر إلى زيادة أعمال العنف في كلا جانبي الخط الأخضر، مع المس الحقيقي بالأمن الشخصي لكل مواطن/ة ومقيم/ة.
عنف المستوطنين المتطرفين غير محتمل على الصعيد الأخلاقي، ويقوض الاستقرار في المناطق، ويمس بأمن إسرائيل ومواطنيها، ويضر بالمصالح الاستراتيجية في المنطقة وخارجها.
على المستوى السياسي – الأمني: ابتداءً من رئيس الحكومة ومروراً بالوزراء، وحتى المستويات التنفيذية المسؤولة عن الموضوع، يجب التجنّد لاحتواء فوري وقوي، وحازم، ولا هوادة فيه لهذه الظاهرة.