كشف تقرير موسع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة، النقاب عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن منذ عامين، إلى جانب الغارات الجوية، عمليات هجومية برية، يتخللها قصف بصواريخ دقيقة الإصابة ضد الوحدة 840 التابعة لـ"الحرس الثوري الإيراني" والقيادة الجنوبية لـ"حزب الله" في العمق السوري، بما في ذلك استهداف جنود نظاميين من جيش الأسد يعملون مع هذه القوات، في سياق حرب إسرائيل لإبعاد القوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها عن الحدود مع الجولان السوري المحتل.
ويذهب التقرير، الذي وضعه المراسل العسكري أليكس فيشمان، إلى أن ضابط المراقبة والرصد السوري، النقيب بشار الحسين، من اللواء 90، الذي ينتشر عناصره قرب الحدود مع الجولان السوري، فوجئ أخيرا عندما اكتشف حجم "شعبيته " في صفوف وحدات الجيش الإسرائيلي المختلفة، بعدما نشرت وحدة الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، في موقعها بالعربية، صورة له ومعها تحذير (وللدقة لائحة اتهام وقرار حكم)، بعدما صوّره موقع الوحدة المذكورة محورا رئيسا يربط بين قوات الجيش السوري، المسؤولة عن هضبة الجولان، وقيادة حزب الله هناك، واتهمه بمساعدة حزب الله بمراقبة وجمع معلومات استخباراتية عن إسرائيل.
وبحسب فيشمان، فإن الرسالة للضابط المذكور واضحة: نحن نعرف عن نشاطك ومن الأفضل لك أن تقطع العلاقات مع عناصر نصر الله. وبعد أيام معدودة، وخلال ساعات الليل، تم محو مكتبه كليا في قاعدة اللواء 90، شمال شرقي القنيطرة، بصاروخ دقيق الإصابة، في توقيت تم اختياره بعناية، ويبدو أنهم قرروا عدم المسّ بالضابط السوري وإنما الاكتفاء بتهديده، فشنّ الهجوم عندما كان خارج مكتبه. ومنذ ذلك الوقت، لم يظهر النقيب السوري الحسين في المنطقة.
ووفقا للتقرير الذي استخدم حالة النقيب السوري الحسين لإظهار حجم النشاط الإسرائيلي البري، وليس فقط الجوي، فإنه يتطرق إلى أسلوب آخر تم استخدامه مع الرائد لبيب خضر، من وحدة المدفعية الـ90 في الجيش السوري، عندما تم إنزال كميات هائلة من المناشير، حذّرته بأن "يبتعد عن الشر ويغني له"، بحسب المنشور، وأن يهتم ببناء وطنه والعودة إلى بيته سالما. رافق إسقاط هذه المناشير استعراض عضلات، وقرر الرائد المذكور على أثرها أن يختفي هو الآخر من الميدان.
وأدعى التقرير أن الضابطين لم يكونا الوحيدين اللذين تم تهديدهما من قبل الجيش الإسرائيلي، إذ تلقى ضباط ومسؤلون سوريون آخرون رسائل مشابهة، بموازاة "عمليات جراحية" غير قليلة، ظلّت كلها غامضة وسرية، نفذت في الجولان السوري في الجانب غير المحتل، مثل إبادة مواقع رصد مشتركة لـ"حزب الله" والجيش السوري، وتدمير موقع رصد أقيم في مقر مستشفى سوري متروك في القنيطرة، مرة تلو الأخرى.
ويتطرق التقرير إلى وصف الجيش الإسرائيلي العلاقة بين الجيش السوري الأول في الجولان وقيادة "حزب الله"، على رأسها "الحاج هاشم"، بأنها علاقة بين الرحم والجنين الذي يستضيفه، وتؤكد الحاجة لقطع حبل السرة بين الاثنين. ويبين التقرير أن العمليات، التي بدأت قبل عامين، وأوكلت للواء 210 في قيادة الشمال في جيش الاحتلال، هي حرب تشمل مئات العمليات البرية الهجومية التي دمجت أيضا بإطلاق نيران مدفعية ذكية، تشبه ماكينة جز العشب، وتبدأ من خط الحدود متوغلة في العمق السوري، ويتوقع أن يكثّف نشاطها على ضوء "النجاح الإسرائيلي" في صد التموضع الإيراني في سورية.
وبحسب التقرير، فإن هذه العمليات ستستهدف مستقبلا عددا أكبر من المواقع التابعة للجيش السوري، في ظل تقديرات إسرائيلية بأن نظام الأسد الآن في مرحلة عليه الاختيار فيها بين التوجه نحو إعادة الإعمار أو مواصلة منح إيران حرية العمل في بلاده.
ويشير التقرير أيضا إلى أن إيران، إضافة لنشاطها العسكري، اشترت أراضي وعقارات في الجولان السوري المحتل، بفعل مديونية النظام السوري لإيران، والمقدرة بنحو 80 مليار دولار. ويتم استخدام بعض العقارات كمخازن للسلاح والعتاد العسكري الذي طلبه حزب الله. وهذا الأمر دفع الجيش الإسرائيلي لشن حملته على هذا الوجود، لتفادي تكريس وضع يصبح فيه جنوب سورية نسخة عن لبنان، عبر البدء بعملية جمع معلومات استخباراتية لتشكيل صورة للوضع في جنوب سورية، بعد عودة قوات النظام و"حزب الله" إليها في العام 2018، وتحديد شبكة الأشخاص والعناصر القيادية في الموقع، مثل جواد هاشم، نجل قائد لواء الجنوب المسؤول عن عمل حزب الله، وتحديد مواقع انتشار عناصر الوحدة الإيرانية 840 وأين ينتشر عناصر الحزب.
ويكشف التقرير أيضا أن عملية اغتيال الأسير الجولاني المحرر من هضبة الجولان مدحت صالح، ابن قرية مجدل شمس، في أغسطس/ آب الماضي، بعيار أطلقه قناص، هي رسالة استوعبها لإيرانيون حتى بعد تعيين خلف له.