لماذا انقلب ترامب على صديقه نتنياهو؟ د. خالد رمضان عبد اللطيف

الجمعة 17 ديسمبر 2021 08:30 ص / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا انقلب ترامب على صديقه نتنياهو؟ د. خالد رمضان عبد اللطيف



ماذا يخفي الغضب المعلن مؤخراً من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد صديقة القديم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، وهما اللذين كانا أوثق حليفين سياسيين طوال السنوات الأربع الأخيرة التي أمضياها معًا في السلطة، إلا الحالة انفضحت ولم تعد كذلك؛ فقد صرح ترامب أنه لم يتحدث مع حليفه السابق منذ الانتخابات بسبب تهنئة نتنياهو للرئيس الأمريكي جو بايدن على فوزه في الانتخابات الرئاسية، بينما كان ترامب يشكك بنتائجها، والسؤال الآن: ما هي دلالات هذا الغضب، وتداعياته، ونتائجه؟.
من وجهة نظر ترامب، فإن نتنياهو كان بوسعه البقاء صامتًا، لكنه ارتكب خطأ فادحًا بتهنئته لغريمه بايدن، وتكمن أهمية هذه التصريحات في أن نتنياهو يشن الآن حملة مستمرة لاستعادة منصب رئيس الوزراء فيما يخضع للمحاكمة بتهمة الفساد، ومن بين الأوراق السياسية الرابحة التي يُعوِل عليها نتنياهو هي علاقته الوثيقة مع اللاعبين الرئيسين في السياسة الأمريكية، وعلى رأسهم شخص واحد على وجه التحديد لم يزل يتمتع بشعبية جارفة في إسرائيل هو ترامب الذي مثلت ولايته فرصة كبيرة لإسرائيل، لكنه الآن يفقد دعم ترامب له في وقت الشدة.
والواقع، أن كلًا من ترامب ونتنياهو عملا معاً، لأسباب سياسية وداخلية، على رسم تصور عام بأنه لا خلافات بينهما في القضايا الرئيسة، ولكن بنهاية رئاسته، خلُص ترامب إلى أن نتنياهو لا يريد السلام مع الفلسطينيين، وأنه يستخدمه فقط في مواجهة إيران، ويشعر ترامب بالحسرة إزاء مساعدته في ضمان بقاء نتنياهو سياسيًّا، لكنه لم يحصل على الشيء نفسه في المقابل، ولهذا، فسر تهنئة نتنياهو لبايدن بعدم الولاء، خاصة أنه لم يهنئه فقط، بل سجل التهنئة على شريط فيديو، ما يعني استفزازاً سافراً لترامب المهزوم في الانتخابات.
الأدهى، أن الرئيس الأمريكي السابق كان على علم بشعور زعماء مثل الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو، والروسي فلاديمير بوتين بأن “الانتخابات مزوَّرة”، بينما جاءت الطعنة الخلفية من حليفه نتنياهو الذي أقر مبكراً جداً، وحتى قبل أن يجف الحبر على الورق، بفوز بايدن، وقد استفز ترامب أيضاً في فيديو التهنئة أن  نتنياهو تحدث عن صداقة عظيمة تربطه ببايدن، وهذه كذبة أخرى، إذ لم تكن بينهما صداقة؛ لأنه لو كانت بينهما صداقة فعلًا لما أقدمت إدارة أوباما على إبرام صفقة مع إيران، وها هي إدارة بايدن على وشك تكرار ذلك مرةً أخرى.
غازل ترامب إسرائيل ونتنياهو، كما لم يغازلها أي رئيس أمريكي سابق، فقد انسحب من الاتفاق الإيراني، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعترف بالاستيطان، كما أوقف دعم واشنطن المالي لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، واعترف بهضبة الجولان المحتلة باعتبارها جزءًا من إسرائيل قبل الانتخابات الاسرائيلية مباشرةً في أبريل 2019، عندما كان نتنياهو يخسر استطلاعات الرأي، ولا شك أن قرار ترامب بشأن الجولان عزز من مكانة نتنياهو الانتخابية، فماذا يفعل ترامب أكثر من ذلك؟.
الغريب أن نتنياهو، استلهم من ترامب مشهده الأخير في السلطة، فلجأ للادعاءات نفسها التي استخدمها ترامب بأن الانتخابات مزورة، وأنه تعرض لمؤامرة من الدولة العميقة للإطاحة به من السلطة، ويبدو أن لغة الشخصين تتشابه لأن العملية الديمقراطية أربكت إحساسهما الغامر بأنه من غير الممكن هزيمتهما، فقد أقنعا نفسيهما بأن أي شخص يحكم غيرهما سيُشكل تهديدًا وجوديًّا على البلاد، وقد مثلت هذه التكتيكات المتناغمة بين رجلي واشنطن وتل أبيب السابقين تحدياً مباشرًا للانتقال السلمي للسلطة.

خبير دولي متخصص في العلاقات الدولية والدبلوماسية