كتاب: نتنياهو حاول الانسحاب من الاتفاق مع الإمارات قبل إعلانه بيوم

الثلاثاء 14 ديسمبر 2021 04:24 م / بتوقيت القدس +2GMT
كتاب: نتنياهو حاول الانسحاب من الاتفاق مع الإمارات قبل إعلانه بيوم



القدس المحتلة / سما /

حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، الانسحاب من اتفاق تطبيع العلاقات مع الإمارات، في 12 آب/أغسطس العام 2020، وقبل يوم واحد من إعلان مرتقب عنه للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، حسبما كشف كتاب الصحافي الإسرائيلي، باراك رافيد، بعنوان "سلام ترامب: اتفاقيات أبراهام والانقلاب في الشرق الأوسط" الصادر مؤخرا عن دار النشر "يديعوت الكتب".

وقال مسؤولون سابقون في البيت الأبيض وكانوا مطلعين على الأحداث، إن اعتبارات سياسية كانت في خلفية محاولة نتنياهو الانسحاب من الاتفاق، إثر تقديره أن الحكومة توشك على التفكك خلال أيام وأنه ستجري انتخابات مبكرة.

وكان نتنياهو قد تمكن من تشكيل حكومة، في أيار/مايو 2020، بعد ثلاث جولات انتخابية وبعد أن انضم إليها حزب "كاحول لافان"، برئاسة بيني غانتس. ورفض نتنياهو طلب غانتس بأن يتراجع في الاتفاق الائتلافي عن تعهده بتنفيذ مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية لإسرائيل، بحلول الأول من تموز/يوليو من العام نفسه.

وبحسب الكتاب، فإن البيت الابيض لم يكن متحمسا لمخطط الضم، فقد كان ترامب منشغلا بمواضيع أهم بالنسبة له. وكان ترامب قلقا حينها من تراجعه في الاستطلاعات أمام المرشح الديمقراطي، جو بايدن، كما أن المظاهرات ضده على خلفية انتشار فيروس كورونا جعلت الوضع في واشنطن متوترا جدا.

وفي حينه، أعلنت الأردن أن تنفيذ مخطط الضم سيقوض اتفاقية السلام مع إسرائيل. وفي موازاة ذلك، نشر سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شدد فيه على أن إسرائيل لا يمكنها تنفيذ الضم وفي الوقت نفسه تطبيع علاقات مع دول عربية. وكان نتنياهو يروج أن العالم العربي لا يعارض مخطط الضم.

ووفقا للكتاب، فإن نتنياهو غضب جدا من مقال العتيبة، والسفير الإسرائيلي في واشنطن،رون ديرمر، هاتف العتيبة "وصرخ عليه وهدد بأنه لا مفر أمام نتنياهو الآن سوى أن يضم".

وكان العتيبة قد حضر إلى منزل كبير مستشاري ترامب وصهره، جاريد كوشنير، في آذار/مارس العام 2019، وقبل أسبوع من الانتخابات للكنيست. وأبلغ العتيبة كوشنير بأن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، "مستعد للتقدم نحو تطبيع علاقات مع إسرائيل"، وفقا للكتاب، على أن يتم ذلك بعد تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة بعد الانتخابات. إلا أن نتائج هذه الانتخابات، وكذلك الانتخابات التي تلتها، لم تمكن نتنياهو من تشكيل حكومة.

وفي 29 أيار/مايو 2019ن وصل كوشنير إلى المسكن الرسمي لرئيس الحكومة الإسرائيلية، من أجل لقاء نتنياهو، حيث أبلغه بقرار الإمارات بشأن التطبيع، إلا أن نتنياهو لم يهتم بذلك، إذ كان يفكر بالحملة الانتخابية المقبلة.

وفيما يتعلق بمخطط الضم، أشار الكتاب إلى أن السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، كان الوحيد الذي دفع البيت الأبيض إلى تأييد الضم. كما حاول فريدمان التوسط بين نتنياهو وغانتس من أجل التوصل إلى تسوية.

وقال مسؤول سابق سابق في البيت الأبيض، اقتبسه الكتاب، إن كوشنير طلب من فريدمان تخفيف الضغوط في موضوع الضم، وأبلغه "أنت موجود على بُعد 10 آلاف كيلومتر من هنا ولا تدرك ماذا يحدث في واشنطن. لدينا كورونا. وهناك الانتخابات 0الرئاسية الأميركية). والضم ليس الأفضلية الأولى للرئيس الآن".

غير أن فريدمان استمر بدفع الضم وطلب لقاء مع ترامب لبحث الموضوع. وفي 24 حزيران/يونيو، أي قبل اسبوع من موعد إعلان نتنياهو عن الضم، التقى فريدمان مع ترامب، الذي كان مزاجه سيء. وأشار الكتاب إلى أن ترامب غضب من خطاب ألقاه نتنياهو في البيت الأبيض، قبل ذلك بنحو ستة أشهر، وحوّل مراسم استعراض خطة "صفقة القرن" إلى دعاية انتخابية لصالحه.

وعندما بدأ فريدمان التحدث لصالح مخطط الضم، قاطعه ترامب قائلا "ديفيد، لماذا نتحدث عن ذلك اصلا؟". كذلك قاطعه ترامب عندما ادعى أن هذا موضوع هام. وقال ترامب للسفير إنه فعل من أجل إسرائيل أكثر من أي رئيس آخر، في إشارة إلى اعترافه بسيادة إسرائيل في الجولان والقدس المحتلة ونقل السفارة الأميركية إليها. ولاحقا، اعترف فريدمان بوجود خلاف داخل الحكومة الإسرائيلية حول مخطط الضم.

وفي نهاية اللقاء قال ترامب إن لا مشكلة لديه بدفع مخطط الضم، وطالب وزير الخارجية، مايك بومبيو، بأن يتخذ القرار، لكنه أردف أن "عليكم أن تعلموا أمرا واحدا.. إذا حدث أمر ما سيء نتيجة لذلك فأنتم تتحملون المسؤولية". وتم الاتفاق على سفر فريدمان ومبعوث البيت الأبيض، أفي بيركوفيتش، إلى إسرائيل، من أجل لقاء نتنياهو وغانتس ومحاولة التوصل إلى تفاهمات حول مخطط ضم متفق عليه، أو إزالة الموضوع عن الأجندة غلى ما بعد الانتخابات الأميركية. وأبلغ كوشنير بيركوفيتش أن أي قرار بشأن الضم يجب أن يحصل على مصادقة أميركية وأن يشمل تعويضا للفلسطينيين. ويقتبس الكتاب كوشنير أنه "قلت لنتنياهو أن الهدف هو تطبيق خطة ترامب وليس تنفيذ خطوة ضم أحادية الجانب".

وبحسب الكتاب، فإن نتنياهو بصورة غير دبلوماسية، عندما طالب بيركوفيتش بأن "توقف عن التسريب لباراك رافيد"، المحلل السياسي في موقع "واللا" الإلكتروني ومؤلف الكتاب. واقتبس الكتاب مسؤولا سابقا في البيت الأبيض قوله إنه "لم نكن نريد أن يبدو ذلك (الضم) كنهب أراضي أحادي الجانب".

وتابع الكتاب أن "نتنياهو لم يحب ما سمعه (من بيروكوفيتش). ونبرات الصوت بدأت ترتفع ثانية، ونتنياهو هدد بالتقدم في خطوة الضم في الضفة الغربية وبدون ضوء أخضر من البيت الأبيض ايضا. وقال لبيركوفيتش ’أنتم لا تفون بما تعهدتم به لي’. وحذر المبعوث الأميركي نتنياهو من أن خطوة كهذه ستجعل الرئيس يغرد ضده في تويتر".

ورد نتنياهو بالادعاء أنه "في فترة قريبة جدا من الانتخابات سيهاجم الرئيس خطوة داعمة لإسرائيل غلى هذه الدرجة؟". وأجاب بيركوفيتش أن "الرئيس لا يحبك كثيرا في هذه الايام، كما لدى جاريد (كوشنير) مشاعر ليست جيدة تجاهك. وأنت تأخذ أهم صديق لك في العالم وتحوله إلى عدو. ولم يعد بإمكان ديفيد مساعدتك. ولا يمكنني أن أقول لك ماذا تفعل، لكن أنصحك بصدق ألا تفعل ذلك".

وقال مسؤول سابق في مكتب نتنياهو إنه إثر الموقف الأميركي، درس نتنياهو بجدية في تلك الأيام دفع مخطط الضم من دون مصادقة ترامب أيضا. "لقد تعامل بيبي مع ذلك بشكل صعب، وهذا المزاج لم يفارقه. ورأى بذلك تراجعا أميركيا. لقد صعد على أشجار أمام الجمهور الإسرائيلي ونشأت لديه مشكلة كبيرة" حسبما نقل الكتاب عن أحد مستشاري نتنياهو.

تطبيع علاقات بدل الضم

خلال لقاء آخر عُقد بعد يومين، قال نتنياهو لفريدمان وبيركوفيتش إنه يريد ضم 13% من مساحة الضفة الغربية، بحيث تشمل المستوطنات، ورفض منح الفلسطينيين أي شيء. وبحسب الكتاب، فإن كوشنير وبيركوفيتش كانا محبطين وقرار طرح اقتراح على نتنياهو يتمثل بقرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وفي اليوم التالي، في 30 حزيران/يونيو 2020، أي قبل يوم واحد من الموعد الذي حدده نتنياهو للإعلان عن الضم، عاد بيركوفيتش إلى لقائه للمرة الثالثة، وسأله إذا كان سيوافق على التراجع عن الضم مقابل تطبيع علاقات مع الإمارات. وكان نتنياهومتشككا، لكنه وافق على بحث ذلك في موازاة استمرار المفاوضات حول الضم.

وفي الأول من تموز/يوليو عاد بيركوفيتش إلى واشنطن، وتلقى اتصالا من العتيبة. "لقد طرح إمكانية ألا تنفذ إسرائيل الضم مقابل تطبيع علاقات مع إسرائيل". وأطلع بيركوفيش كوشنير على هذه المحادثة، وقال الأخير "دعنا نفعل ذلك". كذلك أبلغ بيركوفيتش فريدمان، الذي سارع بدوره إلى إبلاغ نتنياهو، "الذي كان لا يزال متشككا لكنه وافق على الدخول في مفاوضات".

وبدأت مفاوضات كهذه بعد عدة ايام، بحيث كان العتيبة عن الجانب الإماراتي وديرمر عن الجانب الإسرائيلي، وكان كوشنير وبيركوفيتش الوسيطان اللذان نقلا الرسائل بين الجانبين. وبحسب الكتاب، فإن المفاوضات لم تكن مباشرة لأن الإمارات أرادت أن يتعهد نتنياهو لترامب، وليس لها فقط، بوقف مخطط الضم.

وجرت المفاوضات خلال شهر تموز/يوليو 2020، بحيث كان المبدأ العام للاتفاق تطبيع علاقات كامل مقابل وقف مخطط الضم. وطلب العتيبة خلال المفاوضات أن تتعهد إسرائيل بألا تنفذ إسرائيل مخطط الضم أبدا، لكن ديرمر رفضت. وبعد ذلك طلب العتيبة تجميد مخطط الضم لخمس سنوات، معتبرا أنه بذلك لن يخرج إلى حيز حتى لو فاز ترامب بولاية ثانية.

وتم الاتفاق، بوساطة كوشنير وبيركوفيتش، على تأجيل الضم لثلاث سنوات. واقتبس الكتاب عن مسؤول سابق في البيت الأبيض قوله إنه "كان واضحا للجميع أن ثلاث سنوات هي وقت طويل وإما أن الضم لن يبقى واقعيا لأن ترامب لن يكون رئيسا أو حتى ذلك الحين لن يكون الضم خطوة إشكالية".

وخلال المفاوضات، اتصل ديرمر ببيركوفيتش وأبلغه أن نتنياهو يريد تغيير شروط الصفقة، وأنه سيوقف مخطط الضم فقط في حال وافقت ثلاث دول عربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وليس الإمارات وحدها، "وإلا فإن هذا ليس مجديا لنا". وأثار الرد الإسرائيلي غضب كوشنير، بحسب الكتاب، الذي قال لبيركوفيتش "قُل لرون إن دولة واحدة هي كل ما سيحصل عليه وإذا كان لا يريد ذلك فليذهب إلى الجحيم". وقال بيركوفيتش لديرمر إنه "أقول لك بنعومة، خُذ ما يطرحونه عليك".

وانتهت المفاوضات باتفاق، في 26 تموز/يوليو. لكن بعد أسبوع، فوجئوا في البيت الأبيض من تصريح نتنياهو خلال اجتماع لكتلة الليكود في الكنيست بأنه لم تتم إزالة مخطط الضم عن الأجندة. وقال أحد مستشاري نتنياهو إن الأخير تردد في تلك الأيام حول ما إذا كان الانسحاب من الضم مقابل تطبيع علاقات هو قرار صحيح، حسبما جاء في الكتاب.

وتقرر إجراء محادثة تلفونية بين ترامب ونتنياهو وبن زايد، في 13 آب/أغسطس، وإصدار بيان بشأنها. ويكشف الكتاب عن أن نتنياهو تراجع قبل ذلك بيوم واحد. فقد اتصل ديرمر مع بيركوفيتش وأبلغه بأن كل شيء التغى. وقال إن "رئيس الحكومة ربما سيتوجه إلى انتخابات، ولا أعرف إذا كنا سنتمكن من صنع هذا الاتفاق". وأوضح ديرمر أنه نشأت أزمة ائتلافية حول موعد المصادقة على الميزانية، وأن الحكومة ستسقط على ما يبدو، ولذلك نتنياهو يعتقد أن الوقت ليس مناسبا لتوقيع اتفاق مع الإمارات.

وقال كوشنير بغضب شديد لطاقمه: "قولوا للإسرائيليين إنه لا يوجد أي وضع يمكن أن نلغي. وسننفذ ذلك، وسوف يشكروننا لاحقا". وهاتف فريدمان من واشنطن مكت نتنياهو وصرخ على مستشاريه، ثم هاتف ديرمر وأبلغه: "رون، هذا سيحدث غدا. ولا خيار أمامكم". وحسب الكتاب فإن نتنياهو فهم الرسالة، وبعد ساعات استأنفت الأطراف التحرك بموجب الخطة.