كاتب يهودي: معاداة الصهيونية ومعاداة السامية والخلط بينهما

الثلاثاء 14 ديسمبر 2021 04:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
كاتب يهودي: معاداة الصهيونية ومعاداة السامية والخلط بينهما



واشنطن /سما/

كتب بيتر باينارت، الكاتب اليهودي الأميركي الشهير، الذي يعتقد أن الأوان قد آن ليكون هناك دولة واحدة لليهود والفلسطينيين في فلسطين، متطرقا إلى خلط الأوراق بين معاداة الصهيونية، الحركة الكولونيالية “التفوقية”، ومعاداة السامية، العنصري مشيرا إلى “إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، ووزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو ، والمدير التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير (إي.دي.إل- ADL (، جوناثان جرينبلات ، أن معاداة الصهيونية – ومعارضة الدولة التي تمنح اليهود امتيازًا على الفلسطينيين – تشكل معاداة للسامية، وأن ذلك خطأ” مستشهدا بساتمار ريبي، “وهو من أشد المعادين للصهيونية، وهو ليس معاد للسامية”.

ويشير باينارت إلى أن 20٪ من اليهود الأميركيين يعتقدون أن إسرائيل يجب أن تكون دولة ديمقراطية غير يهودية، وهؤلاء أيضا ليسوا معادون للسامية أيضًا “والغالبية العظمى من الفلسطينيين معادون للصهيونية. لماذا لا يكونون كذل؟ وهم اللذين عنت وتعني الصهيونية السياسية الطرد والقهر” وفي أحسن الأحوال “تقدم الدولة اليهودية (إسرائيل) للفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها مواطنة من الدرجة الثانية أو عدم المواطنة بتاتا، ومعارضة الفلسطينيين للصهيونية لا يجعلهم معادون للسامية، بل يجعلهم بشرا”.

ويقول باينارت أن السؤال الحقيقي ليس ما إذا كانت معاداة الصهيونية تشكل معاداة للسامية، مشيرا إلى تداخل معاداة الصهيونية، والصهيونية كأيديولوجية) مع معاداة السامية، “لأن بعض أعداء الصهيونية هم بالفعل معادون للسامية: ميثاق حماس لعام 1988 ، على سبيل المثال ، أدان وجود إسرائيل كدولة يهودية واقتبس أيضًا بروتوكولات حكماء صهيون ، التي تدعي أن اليهود يسعون للسيطرة على العالم”.

ويشرح باينارت، :”لكن بعض الصهاينة معادون للسامية أيضًا: آرثر بلفور ، وزير الخارجية البريطاني صاحب وعد بلفور الشهير عام 1917 الذي أعلن أن “وجهة نظر حكومة جلالة ملك بريطانيا المؤيدة لإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، والذي دافع بقوة عن فكرة قيام إسرائيل، وهو الذي أيضا دافع كرئيس للوزراء (في بريطانيا) قبل اثني عشر عامًا من وعده (1917) ، عن التشريع الذي يقيد الهجرة اليهودية من أوروبا الشرقية”.

ويقول باينارت أن من الواجب التفكير في ثلاث دوائر: معاد الصهيونية ، الصهيونية ، ومعاد للسامية. متى يتداخلون – ومتى لا يتداخلون؟

ويشرح الكاتب الذي يتعرض لهجمات متلاحقة من اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة : “في الولايات المتحدة ، تشير البيانات إلى أنه – على عكس ما تسمعه من السياسيين والقادة اليهود – من المحتمل أن يكره الصهاينة، اليهود أكثر من مناهضي الصهيونية، حيث يظهر استطلاع تلو الآخر أن العداء لإسرائيل في الولايات المتحدة اليوم أكبر بكثير في دوائر اليسار السياسي منه في اليمين السياسي. وبينما تطلب الاستطلاعات عمومًا آراء الناس حول إسرائيل ، وليس الصهيونية ، فمن المنطقي أنه إذا كان من المرجح أن يدين اليساريون إسرائيل ، فمن المرجح أنهم يعارضون الصهيونية أيضل”.

ومع ذلك ، بحسب باينارت، “تشير الدراسات حول معاداة السامية إلى أن مشاعر معاداة السامية، أقوى بكثير في قطاعات اليمين الأميركي، حيث أجرى في وقت سابق من هذا العام ، عالما السياسة إيتان هيرش، ولورا رويدن الأميركيين سلسلة من الأسئلة المستخدمة تقليديًا لقياس المواقف المعادية للسامية – على سبيل المثال ، “اليهود في الولايات المتحدة لديهم الكثير من القوة” و “اليهود أكثر ولاءً لإسرائيل من ولائهم لأمريكا ، إلخ، ووجدا أنه “في حين أن معاداة السامية في الولايات المتحدة تُكتب غالبًا من خلال مقولة كلا الجانبين ، فإن أدلتنا – وهي الأولى من نوعها في اختبار الفرضيات من خلال التجارب على عينة تمثيلية كبيرة – تشير إلى أن مشكلة معاداة السامية أكثر خطورة في أوساط اليمين من أوساط اليسار ، وما لم تُعرّف معاداة الصهيونية على أنها معاداة السامية ، وفي هذه الحالة ، تجد أن الأميركيين الذين يكرهون اليهود، والأميركيون الذي يكرهون الصهيونية، يختلفون عن بعضهم البعض”.

ويمضي باينارت بالقول ، “في أوروبا ، تبدو القصة متشابهة إلى حد ما ، ولكن مع تطور مقلق، ففي هذا الخريف ، نشر أندراس كوفاكس ، عالم الاجتماع وأستاذ الدراسات اليهودية في جامعة أوروبا الوسطى ، وجيورجي فيشر ، مدير الأبحاث السابق لمؤسسة غالوب في المجر ، دراسة رائعة بعنوان “تحيزات معادية للسامية في أوروبا”، حيث (إلى حد ما) ، أن الأدلة التي حدداها تشبه ألأدلة من الولايات المتحدة. كقاعدة عامة ، على سبيل المثال ، يحب الأوروبيون الغربيون اليهود أكثر بينما يحبون إسرائيل أقل ، بينما يحب الأوروبيون الشرقيون اليهود أقل ويحبون إسرائيل أكثر. على سبيل المثال ، تُظهر رومانيا وبولندا وجمهورية التشيك بعضًا من أعلى معدلات الدعم لإسرائيل والعداء لليهود في القارة، وفي المقابل ، في بريطانيا والسويد وهولندا ، التعاطف مع إسرائيل أقل بكثير وكذلك معاداة السامية”.

يقول باينارت أن ألأسباب وراء ذلك ليست لغزا، “حيث وجد كوفاكس وفيشر علاقة قوية بين معاداة السامية وكراهية الأجانب. وكتبا أن “معاداة السامية هي إلى حد كبير مظهر ونتيجة للاستياء والابتعاد والرفض تجاه شخص غريب بشكل عام ، وهذا هو السبب في أن الدول الأكثر معاداة للسامية في أوروبا هي أيضًا الأكثر كرهًا للإسلام. لكن كراهية الأجانب ذاتها التي تدفع بعض الأوروبيين – وخاصة الأوروبيين الشرقيين – إلى كره اليهود يمكن أن تجعلهم أيضًا معجبين بإسرائيل، فإن إسرائيل ، في نهاية الأمر، لديها بالضبط نوع سياسة الهجرة التي يريدها العديد من الأوروبيين الذين يكرهون قدوم الأجانب إلى دولهم، أي سياسة هجرة ترحب بأعضاء المجموعة المهيمنة (المماثلة عرقيا لهم) وتبعد أي شخص آخر إلى حد كبير”. وعلاوة على ذلك ، يقول باينارت “إذا كنت ممن يكرهون الأجانب ويكرهون اليهود في بلدك لأنهم يضعفون النقاء العرقي والديني ، فإن إسرائيل تقدم لهم مكانًا يذهبون إليه ويكونون مع نوعهم الخاص، وهذا أحد أسباب اعتناق آرثر بلفور للصهيونية في عام 1917، فقد أحب فكرة إنشاء وطن لليهود في فلسطين جزئيًا لأنه أراد أن يذهب يهود أوروبا الشرقية إلى هناك وليس إلى بلاده”.

ويشير باينارت إلى أن أوجه التشابه مع (مواقف) اليمين الأميركي واضحة “فإن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، يشيطن جورج سوروس (الملياردير اليهودي أليبرالي) بعبارات لا سامية كلاسيكية بينما يثني على إسرائيل باستمرار، وعندما كان كان دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وصف اليهود الأميركيين بأنهم يتصارعون على الأموال، وموالون لإسرائيل ، ، بينما كان (ترامب) يمنح بنيامين نتنياهو دعمًا غير مشروطا، حيث أن الديناميكية الأيديولوجية هي نفسها…اليهود في بلدهم (أمريكا، أوفي أوروبا) هم سيئون لأنهم يقوضون التسلسلات الهرمية العرقية والدينية التقليدية – لأنهم ليسوا مسيحيين ولأنهم يميلون إلى دعم مجموعات الأقليات والمهاجرين الأخرى، لكن إسرائيل تتمسك بالتسلسل الهرمي العرقي والديني ، مما يجعلها جيدة”.

ويستشهد بايتارت بالكاتبة اليمينية، آن كولتر ، ، التي غالبًا ما تسخر من اليهود الأميركيين ، فيما تعبر عن إعجابها التام بإسرائيل لأن لديها (إسرائيل) نوع سياسة الهجرة التي تريد كولتر تنفيذها في الولايات المتحدة.

ويقول الكاتب : “لو كان هذا هو كل ما وجده كوفاكس وفيشر ، فقد يشعر اليساريون ببعض من الغرور، ولكن هذا ليس كل شيء، كون أن الأوروبيين الذين يناهضون إسرائيل هم أقل احتمالا من الأوروبيين المؤيدين لإسرائيل للتعبير عن مواقف تقليدية معادية للسامية. فمن غير المرجح أن يقولوا إن “معاناة اليهود كانت عقابًا من الله” أو أن “مصالح اليهود في هذا البلد مختلفة تمامًا عن مصالح بقية السكان” لكن كوفاكس وفيشر، وفق باينارت، “حققا أيضًا فيما إذا كانت المشاعر المعادية لإسرائيل تتفشى إلى معاداة السامية بطرق أخرى، ووجدا الأمر كذلك بالنسبة لجزء كبير من الأوروبيين المعادين لإسرائيل، فقد طلبا في نموذجهما الاستطلاعي، من الأوروبيين الرد على تصريحات مثل ، “بسبب السياسة الإسرائيلية ، أكره اليهود أكثر وأكثر” ، أو “عندما أفكر في سياسة إسرائيل ، أفهم لماذا يكره بعض الناس اليهود” ، و “الإسرائيليون يتصرفون مثل النازيين تجاه الفلسطينيين. ” ووجد الباحثان أنه بينما ما يقرب من ربع الأوروبيين الذين يؤيدون مقاطعة إسرائيل لا يوافقون على كل هذه التصريحات المعادية للسامية ، يتفق ربع آخر مع بعضها ، وربع آخر يتفق معها تماما.

كما أن من المرجح بشكل خاص أن يسمح المسلمون الأوروبيون لعدائهم لإسرائيل بالتأثير على وجهة نظرهم تجاه اليهود. حيث لاحظ كوفاكس وفيشر أنه في حين أن المسلمين الأوروبيين أقل احتمالًا من العديد من المسيحيين في أوروبا الشرقية أن يتبنوا وجهات نظر معادية للسامية لا تتعلق بإسرائيل ، إلا أنهم أكثر ميلًا إلى تبني وجهات نظر معادية للسامية تتعلق بإسرائيل.

يقول باينارت “إن الاعتراف بهذا هو أمر صعب لأن المتعصبين مثل ترامب، أو أوربان سيكونون سعداء للغاية لاستخدام معاداة السامية الإسلامية لتبرير الإسلاموفوبيا المنتشر في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. لكن المسلمين التقدميين الشجعان مثل مهدي حسن اعترفوا بذلك.. كما كتب في مقال نشر عام 2013 في مجلة ذي نيو ستيتمان-The New Statesman ، “لا يتم التسامح مع معاداة السامية فقط في بعض أقسام الجالية المسلمة البريطانية ؛ بل إنه أمر روتيني وشائع “.

يشرح باينارت أن “من الواضح أن مسلمي أوروبا ليسوا وحدهم الذين يخلطون بين إسرائيل واليهود، حيث يفعل المناهضون للصهيونية من غير المسلمين في الولايات المتحدة ذلك أيضا عندما يطلبون من الطلاب اليهود الرد على أفعال إسرائيل. وكذلك يفعل الصهاينة. وخلط دونالد ترامب الهوية اليهودية والولاء لإسرائيل عندما قال لمجموعة من اليهود الأميركيين في عام 2020 أن إسرائيل هي “دولتكم”.كما يقوم زعماء يهود الشتات بذلك عندما يزعمون أن الصهيونية هي تعبير متأصل عن الهوية اليهودية وليست خيارًا سياسيًا”.

ويخلص باينارت في تحليله إلى “إن الخلط بين الصهيونية واليهودية أمر خطير لكل من الفلسطينيين واليهود. إنه أمر خطير بالنسبة للفلسطينيين لأنهم يوصفون بأنهم معادون للسامية بسبب معارضتهم لدولة يهودية. إنه أمر خطير بالنسبة لليهود لأنهم يُلامون على أفعال تلك الدولة اليهودية. وعلى الرغم من أن معاداة السامية ، بشكل عام ، هي مشكلة أكبر في الولايات المتحدة وأوروبا بين أوساط اليمين منها في أوساط اليسار ، فإن هذا النوع الخاص من معاداة السامية ، الذي ينبع من الخلط بين إسرائيل واليهود ، يمثل مشكلة في كل من اليمين واليسار” ما يتطلب مكافحتها.