بالنسبة لي، كانت النتيجة الوحيدة للقمة الافتراضية بين الرئيسين، بايدن وبوتين، هي الملاحظة المضحكة، أو الاستنتاج بأن بايدن يخشى أن يُترك وحيداً مع بوتين.
كان الرئيس الروسي وحده في الغرفة، بينما جلس حول الرئيس الأمريكي مجموعة من الأشخاص تشاركه اجتماعه مع بوتين.
ربما كان ينبغي على المحيطين ببايدن تقديم المساعدة له في الوقت المناسب، إذا ما توعّك الرئيس الأمريكي، أو تذكيره بما يجب عليه قوله، إذا ما لم تسعفه الذاكرة، أو إذا ما طالت فترات صمته ما بين الكلمات. إلا أن الأرجح هو حقيقة أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية كان بحاجة إلى عدد من الشهود، لإثبات أنه لم يتم شراءه من قبل بوتين، ولم يتم تصويره مع البغايا، ولم يصافح بوتين، ولم يتنازل عن المصالح القومية العليا للولايات المتحدة الأمريكية، مثلما نسب إلى خصمه ترامب بعد لقاءات شخصية مع بوتين وفي إطار "رشا غيت"...
فيما يخص الافتراض الأخير، أنا لا أمزح البتة. فلنتذكر فقط استجوابات مترجمة ترامب، ولا أمزح كذلك فيما يتعلّق بنتائج قمة بوتين وبايدن، التي لم تسفر سوى عن هذه الملاحظة المسلّية.
لا أميل شخصياً إلى رؤية أي علاقة ما بين هذه القمة، وعدم إدراج العقوبات ضد روسيا في الموازنة العسكرية الأمريكية.
وبالإضافة إلى العقوبات ضد "السيل الشمالي-2"، لم تكن هناك نقاط مهمة في القمة، وحتى تلك العقوبات، فقد نجح في عرقلتها الألمان، وإلى حين.
لقد جاء الطرفان إلى القمة بمطالب متضادة وغير قابلة للتنفيذ بشكل واضح. ولا زلت مقتنعاً بحتمية حدوث التصعيد في المستقبل القريب، ذلك أنه يستند إلى حجم وطبيعة التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية. إنها عملية موضوعية، تنحدر فيها الولايات المتحدة نحو الأسفل، بينما تصعد روسيا والصين، وكل شيء سينتهي إما بالدفن السلمي للولايات المتحدة، أو أنها، وذلك الأوقع والأكثر منطقية، ستحاول تغيير ذلك، باستخدام الورقة الرابحة الرئيسية، التي لا تزال موجودة في جعبتها: التفوق العسكري المطلق.
كما هو متوقع، كانت أوكرانيا هي القضية الرئيسية على طاولة الاجتماع، إلا أن محتوى ونبرة المناقشة على ذلك النحو العاجل والقوي تم فبركته قبل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع قبل المحادثات. لم يكن الاجتماع وجدول أعماله نتيجة الأحداث في أوكرانيا، وإنما كان مجرد خلفية وذريعة، وتم اختلاق هذه الهستيريا الجديدة حول الغزو الروسي الوشيك المزعوم لأوكرانيا فقط لتعزيز موقف بايدن في الاجتماع، حيث كانت القضية المحورية للقاء هي: مقترح أمريكي لروسيا بالاستسلام.
على سبيل القياس بالتوازي، يمكننا أن نتذكر كيف تزامن الاختبار الأول الذي أجرته الولايات المتحدة الأمريكية للقنبلة النووية مع مؤتمر بوتسدام، بينما كان ستالين وترومان وتشرشل يقسّمون العالم إلى مناطق نفوذ. ناقش ترومان وتشرشل لفترة طويلة كيفية إخبار ستالين بذلك السلاح المعجزة، وتابعا رد فعله عن كثب. لم يكن من ستالين سوى أن ألقى عبارة غير ذات معنى، مع ابتسامة خفيفة، وتجاهل هذه الرسالة. إذا أردتم رؤية هذه الابتسامة الستالينية، فهي نفس ابتسامة بوتين في بداية القمة مع بايدن.
بطريقة أو بأخرى، "روسيا سوف تهاجم أوكرانيا. كل شيء معدّ لذلك سلفاً، وإليكم العقوبات المميتة التي سيقبلها الغرب، حال اندلاع هذه الحرب". وبعد صياغة هذه الشروط لفرض أقصى العقوبات، وبعد أن صبرت واشنطن كثيراً وتعاملت مع عناد بوتين، فإنها الآن ستدفع بخرافها إلى الحظيرة، عفواً، أقصد حلفائها في قائمة الدول المستعدة لفرض هذه العقوبات.
يمكن لواشنطن أن تبدأ حرباً بين أوكرانيا وروسيا بمكالمة هاتفية إلى كييف، بينما تقف الحشود العسكرية الأوكرانية المكونة من 120 ألف فرد، على أهبة الاستعداد على حدود الدونباس، ويعني انتقالها إلى الهجوم تلقائياً انخراط روسيا وبالطبع الاعتماد التلقائي للعقوبات القصوى ضد روسيا، وكذلك، على الأرجح، تورّط كل من بولندا وليتوانيا وعدد غير محدود من الأعضاء الأوروبيين من "الناتو" في الأعمال العدائية، بينما لن تشارك الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب، انطلاقاً من تصريحات المسؤولين الأمريكيين، وكما أشرت سابقاً.
أعتقد أننا سنشهد في الأشهر المقبلة محاولات أمريكية لتوجيه الأحداث نحو هذا المنعطف.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب