هآرتس - بقلم: عميرة هاس "في غرفة مقفلة بعيادة مصلحة السجون ينام شخص يرفض تناول الطعام منذ 113 يوماً. إلى جانب الانخفاض الحاد في وزنه، يجد صعوبة في التكلم والتواصل، وصعوبة حتى في شرب المياه. وكلما تحرك يشعر بتسارع نبضات قلبه.
جرى نقله متعباً على كرسي متحرك للالتقاء بمحاميه، هشام أبو هواش (40 سنة) المضرب عن الطعام احتجاجاً على اعتقاله الإداري.
عندما اعتقل في تشرين الأول 2020 شرعت الشرطة في التحقيق معه، ونفى كل ما نسب إليه. في ليلة اعتقاله، قال لزوجته بألا تقلق؛ لأنه لم يفعل شيئاً، وسيعود إلى البيت قريباً. لم تقلق، رأته يعمل في البناء في مدينته دورا جنوبي الضفة من الصباح حتى المساء. خمسة أولاد هم مسؤولية كبيرة، لا سيما عندما يكون أحدهم مريضاً بالكلى ويحتاج إلى علاج باهظ الثمن. خاب أمل الأب والأم.
لم يكن لدى النيابة العسكرية أدلة واضحة تمكنها من صياغة لائحة اتهام لتقديمها للمحكمة العسكرية. ولكن “الشاباك” استل مواد سرية وقع القائد العسكري على أساسها على أمر اعتقال إداري أول مدة ستة أشهر، في 17 آب، وبعد أن كان أمر الاعتقال الإداري الثاني قد تم توقيعه، بدأ أبو هواش الإضراب عن الطعام.
يعرّض أبو هواش صحته وحياته للخطر احتجاجاً على سلب حريته من دون محاكمة. لا يملك سوى هذا الأسلوب ليخبر العالم بأنه مسجون دون تقديم لائحة اتهام ضده، وبدون أدلة وبدون الحق الليبرالي الأساسي للدفاع عن النفس، وتوضيح الدوافع الغريبة لشهود النيابة، حسب رأيه. إذا كان أبو هواش قد اعتقد أن الإضرار بجسده وصحته وحياته سيثير اهتمام الآخرين بممارسات إسرائيل المنتشرة، مثل اعتقال مئات الأشخاص بدون محاكمة، فقد خاب أمله. لا العالم أو رجال القانون في إسرائيل أو الصحف المحلية يتأثرون بالسهولة التي تقوم فيها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط بسجن أشخاص بدون محاكمة، تقريباً 500 فلسطيني منذ بضع سنوات.
في العقد الأخير، بدأت ظاهرة الإضراب عن الطعام الفردي لمعتقلين إداريين فلسطينيين. كانت السلطات تدرك الورطة التي سيتسبب بها موت معتقل إداري في السجن. لذا، عنيت بتقديم العلاج للمضربين عن الطعام في مستشفيات مدنية قبل فترة طويلة من يوم المئة لإضرابهم، حيث يكون بالإمكان إنقاذهم من الموت. منذ العام 2015 بدأ قضاة المحكمة العليا في إعطاء أوامر أيضاً بـ “تعليق” (تجميد) الأمر في الوقت الذي يكون فيه المعتقل خاضعاً للعلاج. كان هذا سلماً مؤدباً من لينزل بوساطته الطرفان عن الشجرة.
ولكن “الشاباك” في هذه المرة يدعي أنه أبو هواش وهو في وضعه الصحي المتدهور، يعرض أمن الدولة للخطر. وفي الوقت الذي كان فيه مضرباً عن الطعام، تم إصدار أمر الاعتقال الثالث ضده. حتى التدهور الواضح في وضعه وخطر الموت الذي يقف أمامه، لم تجعل أطباء مصلحة السجون يعطون أوامر لعلاجه.
أمس، ناقش قضاة المحكمة العليا طلباً قدمه محاميه جواد بولص، بأن يتم علاجه وتعليق أمر اعتقاله الإداري. لكن النيابة العامة للدولة، ممثلة الشاباك، رفضت. في البداية، غضب القاضي إسحق عميت، على المحامي بولص لإجراء نقاش، لأن محكمة الاستئنافات العسكرية في الغد ستناقش التماس أبو هواش ضد اعتقاله الإداري. وقد طلب بولص من المحكمة ترك الإجراءات والتطرق بعناية لوضع أبو هواش الصحي، والتذكير باتفاق مفاده حظر السماح بموت أي معتقل إداري في السجن. سمع عميت ذلك ثم أمر بأن يقوم طبيب عيادة مصلحة السجون بفحص أبو هواش على الفور، وأن يقدم رأياً طبياً للمحكمة العسكرية.
هل سيفسر الأطباء في مصلحة السجون هذه التعليمات كإشارة من المحكمة العليا، التي بحسبها محظور السماح بموت أي معتقل إداري في السجن حتى لو كان فلسطينياً؟