استؤنفت مساء اليوم، الإثنين، المفاوضات حول المشروع النووي الإيراني في فيينا، بين طهران والمجموعة الدولية الموقع على الاتفاق المبرم عام 2015، في محاولة لإعاد إحياء الاتفاق، وذلك بعد توقف دام خمسة أشهر.
وبعد نحو ساعتين من انطلاقها، أعلن المندوب الروسي، ميخائيل أوليانوف، انتهاء الاجتماع الأول من مفاوضات فيينا النووية التي عقدت على مستوى رؤساء الوفود، مشيرا إلى أن "الجولة بدأت بنجاح كبير".
وقال الممثل الروسي الدائم لدى المنظمات الدولية، في تغريدة على تويتر: "اتفق المشاركون على المزيد من الخطوات الفورية خلال الجولة السابعة من المفاوضات".
من جانبه قال منسق الاتحاد الأوروبي في محادثات فيينا، إنريكي مورا، إن "إيران مصممة على رفع العقوبات"، وتابع "سنتحدث عن ذلك غدا".
وشدد مورا على أن "هناك رغبة لدى الحكومة الإيرانية الجديدة في الحوار بجدية"، مشيرا إلى أنه يشعر "بتفاؤل كبير إزاء ما شاهدته في اجتماع اليوم".
The meeting of the Joint Commission on #JCPOA is over. The participants agreed on further immediate steps during the seventh round of negotiations which started quite successfully. pic.twitter.com/qZyqpaiqFw
— Mikhail Ulyanov (@Amb_Ulyanov) November 29, 2021
وأضاف منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المفاوضات النووية مع إيران، "نسعى ليكون البرنامج النووي الإيراني شفافا وتحت مجهر الأسرة الدولية"، وأوضح أنه خلال جولة المفاوضات الحالية "سيتم البناء على ما تم خلال الجولات الست السابقة".
وعبر مورا عن تفاؤله "بشأن تحقيق نتائج إيجابية خلال الفترة المقبلة"، مشيرا إلى أنه "علينا إعادة الحياة إلى الاتفاق النووي لوضع حد لمعاناة الإيرانيين"، وأكد أن "الوفود منفتحة على التعرف على موقف إيران بشأن برنامجها النووي".
ولفت إلى أن "الوفد الإيراني جديد ومن الطبيعي أن تأخذ الأمور وقتا لتوضيح وجهات النظر".
وفي وقت سابق، أفادت وكالة "إرنا" الإيرانية بأن الاجتماع للجنة المشتركة للاتفاق النووي بدأ أعماله على مستوى مساعدي وزراء الخارجية ومدراء الشؤون السياسية لدى وزارة الخارجية الإيرانية وسائر الدول الأعضاء في مجموعة 4+1 (الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى ألمانيا).
وترأس هذا الاجتماع مساعد المنسق العام للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، مورا. فيما يرأس الفريق الإيراني المفاوض، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، علي باقري كني.
وأجرى الوفد الإيراني مباحثات تمهيدية خلال اليومين الماضيين، مع الوفدين الروسي والصيني ومنسق مفاوضات فيينا عن الاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، وذلك بعد وصوله إلى فيينا يوم السبت الماضي.
ومع الإعلان عن انطلاق جولة التفاوض، شدد وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان، على أن "نافذة هذه الفرصة لن تبقى مفتوحة إلى الأبد"، معتبرا أن "الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث يجب أن تعي هذه الحقيقة جيدا".
ونقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر إيرانية مطلعة، قولها إن طهران قدمت خلال المباحثات التمهيدية ""شروحًا مستفيضة" للموقف الإيراني ومطالب إيران ومتطلبات التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي.
وأكدت المصادر أن طهران أبلغت أطراف المفاوضات التي اجتمعت بها (الجانبان الصيني والروسي، وممثل القوى الأوروبية ومنسق المفاوضات) "أهمية وضرورة التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي، بما يمكّن إيران من جني منافعه الاقتصادية بالكامل".
وحول المباحثات الرسمية، قالت المصادر إنه "لا يوجد حتى هذه اللحظة جدول أعمال محدد للجولة الجديدة"، مشددة على أنه "ستجرى خلال مباحثات اليوم مراجعة نتائج الاجتماعات السابقة وتحديد أطر الجولة والإطار الزمني لها".
وأوضحت أن "لجان الخبراء المنبثقة عن مفاوضات فيينا ستباشر اجتماعاتها بعد الاجتماع الرسمي لرؤساء الوفود، على أن يلتقي رؤساء الوفود خلال الأيام القادمة".
وفي تصريحات صدرت عنه قبل يوم من المفاوضات، أعلن رئيس الوفد الإيراني في فيينا، باقري، أن "الهدف الأول لطهران من المفاوضات هو إلغاء كافة العقوبات المفروضة على بلاده". وأضاف أن "بلاده جاهزة للحوار على أساس الحصول على ضمانات ملموسة والتحقق من التزامات الطرف الآخر".
وسمح الاتفاق الموقع عام 2015 ويسمى رسميا بـ"خطة العمل المشتركة الشاملة"، برفع جزء من العقوبات المفروضة على إيران في مقابل تقليص برنامجها النووي مع مراقبة مشددة للأمم المتحدة عليه. إلا أن الاتفاق تلاشى تدريجا مع قرار الولايات المتحدة الانسحاب منه أحاديا.
وقبيل استئناف مفاوضات فيينا النووية، اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، بريطانيا وأطرافًا أخرى بـ"عدم الجدية" في هذه المفاوضات وبالسعي لإيجاد أرضية لإطالة أمدها.
وأشار خطيب زادة، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، إلى المقال المشترك لوزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، ونظيرها الإسرائيلي، يائير لبيد، في صحيفة "تلغراف" البريطانية، قائلاً إن نشر هذا المقال عشية استئناف المفاوضات فيينا "دليل على عدم جدية بعض الدول".
وأضاف المتحدث الإيراني أن إسرائيل "كانت قد سعت منذ اليوم الأول لمنع التوقيع على الاتفاق النووي والقضاء على الاتفاق، واليوم، فيما هي طرف معارض أساسي لمفاوضات فيينا وإحياء الاتفاق النووي، تقوم وزيرة الخارجية البريطانية بكتابة مقال مشترك مع وزير خارجية الكيان الصهيوني. عندما تنظرون إلى هذا الاصطفاف تعلمون أقله أن بعض الدول الأوروبية لا تحظى بإرادة كافية لرفع العقوبات".
واتهم خطيب زادة هذه الدول بالسعي لإطالة أمد المفاوضات وعدم تنفيذ الاتفاق النووي، رابطًا مصير مفاوضات فيينا بـ"جدية وحسن نوايا الجانب الأميركي"، محملًا الولايات المتحدة مسؤولية ما آل إليه الاتفاق النووي والانسداد خلال الجولات السابقة من المفاوضات.
وتابع: "إذا ما سعت أميركا لإنهاء المأزق في فيينا، فحينئذ ستكون الظروف صعبة، لكنها إذا رجعت إلى المفاوضات لكسر المأزق، فهي ستكون على الطريق الصحيح".
وقال خطيب زادة إن بلاده تخوض مفاوضات اليوم بـ"جدية وحسن نية"، داعيًا الجانب الأميركي أيضًا إلى أن تكون لديه الجدية نفسها للوصول إلى حلّ، متهمًا إياه بالسعي خلال الجولات الست السابقة إلى الحفاظ على تراث الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، والتمسك بسياسة الضغوط القصوى والعقوبات.
وشدد المسؤول الإيراني على أن "نافذة مفاوضات فيينا لن تكون مفتوحة للأبد"، داعياً جميع الأطراف إلى "اغتنام الفرصة"، مع تأكيده أن طهران لا ترغب في وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.
"لا مفاوضات مباشرة قبل رفع العقوبات الأميركية"
وحول دعوة المبعوث الأميركي للشأن الإيراني، روبرت مالي، إيران، إلى التفاوض مباشرة، باعتباره الطريق الأمثل للوصول إلى حلّ، قال المتحدث الإيراني إن بلاده لن تخوض أي تفاوض مع واشنطن من دون رفع كامل للعقوبات التي فرضتها عليها.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن الوفد الإيراني "لن يجري أي تفاوض ثنائي مع الوفد الأميركي". وقال إن "تركيبة الوفد الإيراني دليل على أن إيران شاركت في المفاوضات بجدية، وهي عازمة على رفع العقوبات". وأضاف خطيب زادة أن إيران تدخل مفاوضات فيينا "بعزم وإرادة جادة للوصول إلى اتفاق"، مضيفاً أنها تريد "حوارات مثمرة".