نشرت مجلة الإيكونوميست تقريرا يتناول الجريمة في أوساط فلسطينيي الداخل (وهم الفلسطينيون الذين يعيشون داخل إسرائيل)، ودور الاحتلال في ترسيخها عبر التمييز الذي يمارسه بين الجرائم التي يكون اليهود طرفا فيها، وتلك التي يقتل فيها عرب فلسطينيون.
وتقول المجلة إن ما لا يقل عن 109 من فلسطينيي الداخل قُتلوا هذا العام، بما يشير إلى تصاعد العنف خلال الفترة الأخيرة، بما في ذلك عملية إطلاق نار على منزل قائد الشرطة الجديد في كفر كنا بالجليل.
وتتابع المجلة أن الاهتمام غالبا ما يتركز على الاشتباكات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لكن يجري التغاضي عن الحديث حول نسب الجريمة المتزايدة التي يواجهها فلسطينيو الداخل. ففي عام 2020 لوحده، قُتل 96 منهم في حوادث إجرامية. وقد تم تجاوز هذا الرقم بالفعل عام 2021، مع 98 حالة وفاة خلال الأشهر التسعة الأولى فقط.
ويعتقد أن حوالي ثلاثة أرباع ضحايا القتل في إسرائيل تقع في مناطق عربية.
وشنت الشرطة الإسرائيلية في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري حملة أمنية، تم خلالها اعتقال 65 من فلسطينيي الداخل، إضافة إلى مصادرة عشرات الأسلحة. وصفت الشرطة ذلك بأنه أكبر عملية من نوعها.
وتمكن المحققون هذا العام من حل 22% من الجرائم التي وقع ضحيتها عرب فلسطينيون، لكن النسبة ترتفع إلى 71% في قضايا القتل التي كان الضحية فيها من اليهود.
وتعتبر المجلة أن إحدى المشاكل الرئيسية هي الافتقار إلى الشرطة في المناطق العربية. وعلى الرغم من وعود حكومية سابقة بتخصيص المزيد من الموارد لذلك، فإن 13% فقط من ضباط الشرطة هم من العرب، كما أن ثلث مراكز الشرطة المخطط لها في البلدات العربية لم يتم بناؤها.
وأتاحت الشرطة الإسرائيلية للمجرمين في المناطق العربية العمل بحرية والسيطرة على الوضع، بحسب المجلة.
ويعتبر بعض السكان العرب أنفسهم فلسطينيين (رغم امتلاكهم وثائق إسرائيلية) ويشعرون بأن التعاون مع الشرطة الإسرائيلية هو خيانة لهذه الهوية.
وتخطط الحكومة لتجنيد جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، الشين بيت، للاستفادة من التجسس الإلكتروني ومهارات جمع المعلومات الاستخبارية، وهو الأمر الذي لن يعجب الكثيرين.
من ناحية ثانية، يرى الكثير من فلسطينيي الداخل أن الجهاز عبارة عن أداة “للقمع السياسي”، ويخشون من أن يرى ضباطه العرب طابورا خامسا محتملا.
ويوافق العضو العربي في الكنيست عن حزب “راعم” منصور عباس على أن تستخدم الحكومة “جميع الأدوات والأجهزة التي تمتلكها” لمحاربة الجريمة.
واستطاع عباس المتحالف مع الحكومة الحصول على تمويل بقيمة 16 مليار دولار للمناطق العربية، سيذهب جزء منها إلى حفظ الأمن.
ورد منافسه أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، وهو تحالف معارض: “آخر ما نحتاجه هو المزيد من نفس الشيء: شرطة لليهود وشين بيت للعرب”.
وكان كاتب في صحيفة إسرائيل هيوم العبرية اعتبر أن حديث الحكومة الإسرائيلية عن تحسين الوضع العام في القرى العربية، وملاحقة الجريمة بشكل جدي، ما هو إلا أداة لتحسين صورة إسرائيل عالميا.
وكتب روبرت تشري: “في العديد من جامعات الولايات المتحدة، تزداد الأصوات التي تشهر بإسرائيل كدولة أبرتهايد. يؤدي هذا الموقف إلى تحرشات تجاه المزيد من الطلبة اليهود. ومع أن مديري الكليات باستطاعتهم اتخاذ إجراءات كفيلة بتقليص الاعتداءات، فإن تغيير الرواية المتعلقة بمعاملة إسرائيل تجاه مواطنيها العرب وحده يمكنه أن يضعف هذا العداء”.