قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، أن “البؤر الاستيطانية” تعتبر الذراع التنفيذي لسياسة السطو على الأراضي الفلسطينية التي يمارسها الاحتلال.
وأوضح المكتب التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في تقريره الأسبوعي حول الاستيطان، ان إسرائيل تنظر الى المستوطنين باعتبارهم إحدى ادواتها التنفيذية في فرض السياسة التي تنتهجها ضد الفلسطينيين، وتجد فيهم جيشا فعليا للدولة وخط دفاع متقدم في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ويبدو ذلك واضحا من خلال التناغم المتعاظم بين المستوطنين وقوات الاحتلال منذ دعا “ارئيل شارون” يوم كان وزيرا للزراعة في حكومة “بنيامين نتنياهو” زعران المستوطنين لاحتلال رؤؤس الجبال والتلال في الضفة الغربية.
ولفت الى ان اعتداءات المستوطنين المتكرّرة على الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم ومزروعاتهم، التي ازدادت وبشكل كبير، تجري تحت حماية جيش الاحتلال وبمشاركة منه، باعتبارهم مخزون هذه الدولة وأداتها الإستراتيجية في الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، فالأراضي التي لا يتم الاستيلاء عليها بقوانينها العسكرية كخطوة اولى وشرعنتها من قبل نظامها القضائي ومحاكمها الصورية كخطوة تالية يتم الاستيلاء عليها بواسطة عنف المستوطنين وعربدتهم واعتداءاتهم على أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم.
وأشار “المكتب الوطني” الى ان هذه المعطيات يوكدها التقرير الأخير الذي أصدرته منظمة “بتسيلم “، والذي جاء بعنوان “سيطرة الدولة على أراضٍ في الضفة الغربية بواسطة عنف المستوطنين” ، حيث كشفت المنظمة بالاعتماد على عينة من خمس بؤر استيطانية أنّ المستوطنين فيها نجحوا عبر اعتداءاتهم المنهجية بالاستيلاء على 38 ألف دونم ومنع أصحابها الفلسطينيين من الدخول إليها. والمناطق التي يشير إليها التقرير هي: منطقة يطا في جنوب شرق جبل الخليل، ومنطقة جنوب غرب جبل الخليل، ومنطقة الأغوار، والمنطقة الواقعة غربي رام الله، والمنطقة الواقعة غربي نابلس.
في حين أوردت صحيفة “هآرتس” على لسان سكرتير عام الجمعية الاستيطانية “أمنه” أنّ الـ150 بؤرة ومزرعة استيطانية التي تنتشر في أنحاء الضفة تسيطر على 200 ألف دونم ، أي ضعف مساحة الأرض المبنية للمستوطنات.
ومن بين تلك البؤر الاستيطانية “مزرعة أوري” شمال الأغوار التي أقيمت عام 2016، وتمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم هناك والتي تصل مساحتها إلى أكثر من 14 ألف دونم، ويليها بؤرة “تسفي بار يوسف” قرب مستوطنة “حلميش” وأقيمت قبل 3 سنوات، ويحرم المزارعون الفلسطينيون من الوصول إلى أراضيهم التي تقدر بنحو 2500 دونم، وبؤرة ثالثة أقيمت هذا العام قرب قرية زنوتا جنوب بلدة الظاهرية في الخليل، والتي تم الاستيلاء على 1850 دونمًا من أراضيها، إلى جانب بؤرة رابعة شرقي يطا أقيمت عام 2020 وتم الاستيلاء على 1537 دونم من قرى المنطقة. وقد تم ذلك من خلال اللجوء إلى العنف والترهيب الممنهج وبمساعدة الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين أصحاب تلك الأراضي . هذا الى جانب منطقتين أخريين في الضفة لا يشملهما التقرير الحالي، اذ تم الاستيلاء على 36500 دونم أخرى على الأقل، منها 26500 دونم لمستوطنتي “شيلو” و”عليه” شمال شرق رام الله على اراضي قرى قريوت والساوية واللبن الشرقية وترمسعيا، و10000 في “تقوع” و”نوكديم” جنوب غرب بيت لحم.
280 مستوطنة وبؤرة استيطانية في الضفة من دون القدس
ومعروف أنّ دولة الاحتلال استولت على أكثر من مليوني دونم من أراضي الضفة الغربية لغرض الاستيطان، وأقامت أكثر من 280 مستوطنة وبؤرة استيطانية في الضفة الغربية دون القدس يسكنها ما يقارب نصف مليون مستوطن، بينها 158 مستوطنة تعترف بها إسرائيل بشكل رسمي وحوالي 130 بؤرة ومزرعة استيطانية لا تعترف بها بشكل رسمي ولكنها تقر بوجودها الفعلي وحاجتها الى تسوية اوضاعها، وقد أقيم ثلثها في العقد الأخير، وتُصنّف على أنّها مزارع استيطانية.
وأمام ظهور هذه المعطيات الجديدة في وسائل الاعلام الاسرائيلية دعت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، وزير الحرب الإسرائيلي “بيني غانتس” إلى رفع الغطاء عن المستوطنين، ووقف جرائمهم وانتهاكاتهم بحق الفلسطينيين العزل وأراضيهم ومزروعاتهم. وأوضحت الحركة أن هذه الاعتداءات تتم بحماية جيش الاحتلال وتستهدف الشريحة الضعيفة من الفلسطينيين في القرى والحقول وخلال زراعة أراضيهم أو قطف ثمار الزيتون.
مخططات استيطانية لحسم السيطرة على القدس
على صعيد آخر، تمضي حكومة الاحتلال في مخططاتها وسياساتها لحسم السيطرة الكاملة على القدس وتقليص عدد الفلسطينيين فيها، وفي المقابل زيادة عدد المستوطنين في المدينة، حيث أعطت محكمة بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة قرارها النهائي بهدم 84 منزلًا في في حي وادي ياصول في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، بحجة توسعة ما تسميه “غابة السلام”. وعقب القرار الإسرائيلي هذا، بات خطر الهدم والتشريد يتهدد نحو 600 مقدسي يقطنون في وادي ياصول ويعيشون حالة من الخوف والترقب الشديدين على مصيرهم المجهول. ويمتد الحي الواقع جنوب غربي سلوان، على مساحة 310 دونمات، ويسكنه 1050 مقدسيًا، 84 منزلًا استلم أصحابه سابقًا أوامر بالهدم، بحجة البناء دون تراخيص. وتضم “غابة السلام” أشجارا ومتنزهات بسيطة مقامة منذ سنوات، ومكاتب لـسلطة الطبيعة تستخدمها يوميًا في أعمالها ومشاريعها العنصرية.
وفي نشاطات الاحتلال الاستيطانية في القدس بدأت شركة “شيميني بروبيرتيز” العقارية الإسرائيلية حملة لتسويق 400 وحدة سكنية استيطانية ستبنى في مستوطنة “نوف تسيون” المقامة على سفوح بلدة جبل المكبر شرق المدينة. و هذا المخطط الجديد يتضمن إحداث نقلة نوعية، ليصبح حيا يهوديا راقيا، على أن يحمل نفس اسم مستوطنة “نوف تسيون” المقامة على أراضي الفلسطينيين شرق القدس. يذكر أنه في العام الماضي بنيت حوالي 90 وحدة استيطانية في ذات المستوطنة.
وفي القدس كذلك تم الكشف عن حجم العنصرية والتمييز العنصري على أساس الدين وعن فحوى الاتفاق الموقع بين بلدية القدس الإسرائيلية وسلطة أراضي إسرائيل لبناء آلاف الوحدات السكنية في الاحياء اليهودية وبأنه لا يشمل الأحياء الفلسطينية في المدينة؛ حيث تستند الخطة وفق الاتفاق على التجدد الحضري واسع النطاق، لكن هذه الخطة لا تطبق في الأحياء الفلسطينية. ويشكل هذا شكلا جديدا من أشكال التمييز في مجال السكن في القدس الشرقية.
أنشطة استيطانية في عمق الضفة
وفي نشاطات دولة الاحتلال الاستيطانية في عمق الضفة الغربية، شرعت سلطات الاحتلال ببناء حي سكني بالقرب من مستوطنة “أريئيل”. ويهدد هذا الحي الاستيطاني الجديد مدينة سلفيت ويمنع التوسع العمراني للفلسطينيين في المنطقة. ويتواجد الحي السكني الجديد في منطقة تبعد عن مستوطنة “أريئيل” حوالي 2 كيلو متر، ويضم في مرحلته الأولى 730 وحدة استيطانية ستبنى باتجاه المناطق السكنية الفلسطينية، ما سيمنع التوسع العمراني للفلسطينيين بالمنطقة.
ومن الجدير ذكره بأن مخطط الحي الاستيطاني تم التحضير له في تسعينيات القرن الماضي، وفي تشرين الأول الماضي ، أي بعد 30 عاما ، تم إخراجه من الادراج والشروع في تنفيذه من قبل وزارة الإسكان الإسرائيلية التي نشرات مناقصات لبناء الحي.
وفي محافظة رام الله، ما زال الخطر يتهدد جبل الريسان، فقد سطت سلطات الاحتلال على 5 دونمات جبلية من أراضي الجبل. ويقع جبل الريسان شمال غرب رام الله، متوسطاً قرى رأس كركر وخربثا بني حارث، وكفر نعمة ودير بزيع، وظل لمدّة طويلة متنفسًا لتلك القرى، وملاذ سكانها عندما تضيق بهم الحياة.