في الاعتقال السابق توفي والدي، وفي الاعتقال الأخير توفيت ابنتي.. لقد حصل ما لم أكن أتوقعه للحظة".
بهذه الكلمات، بدأت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والنائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني، خالدة جرار، الحديث عن الاعتقالات الأربعة التي تعرضت لها، والتي بدأت منذ العام 1989، وآخرها انتهى قبل شهرين.
وقالت جرار إنها في الاعتقال الأخير نُقلت إلى سجن "معبار الشارون" في ظروف اعتقالية صعبة جدا، ولا تتوفر على أدنى مقومات الحياة الإنسانية.
وأوضحت في مقابلة مع "قدس برس" أن "سلطات السجن وضعت أسيرات جنائيات بجانبنا كي يتسببوا لنا بالإزعاج"، مضيفة أن "مصلحة السجون تعمدت، لمدة شهر كامل، نقلي بشكل يومي، إما للتحقيق في سجن المسكوبية، أو للمحاكمة في سجن عوفر، والجميع يعلم عذاب ما يسمى البوسطة والنقل فيها".
وبينت جرار أن أصعب اللحظات على نفسها؛ كانت "حينما توفيت ابنتي سُهى قبل إطلاق سراحي بشهرين، حيث كان بمقدور الاحتلال إطلاق سراحي للمشاركة في تشييع جثمانها، لكنه تعمد المماطلة والتسويف"، لافتة إلى عدم تمكنها من التواصل مع أهلها للحديث معهم إثر بلوغ نبأ الوفاة، "حيث لا يوجد أي وسيلة لذلك، سوى أننا كنا نسمع رسائل الأهالي من خلال الإذاعات المحلية فقط".
وقالت إنه "أثناء فترة انتشار وباء كورونا؛ استغلت مصلحة السجون الإسرائيلي تفشي المرض لمنعنا من الزيارة، واستمر المنع لأكثر من تسعة أشهر"، مشيرة إلى أنه "بعد ضغط من مؤسسات حقوقية ورفع قضايا أمام المحاكم؛ سُمح بالزيارة، إلا أن جهاز الشاباك الإسرائيلي منعنا من ذلك".
وأكدت أن مصلحة السجون تتعمد التضييق على الأسيرات بوضع كاميرات مراقبة في الساحة الخارجية للسجن "الفورة"، حتى تحد من خصوصيتنا، مضيفة أن "كمية الهواء التي تدخل الغرف محدودة، وأماكن الاستحمام موجودة خارج الغرف، وعند معاقبتنا بمنع الخروج من الزنازين تبقى الأسيرة لأيام دون استحمام".
وتابعت: "دائما ما تسعى مصلحة السجون لإيصال رسالة لنا بأننا لوحدنا كي نخشى من استفرادها بنا، عدا عن منعنا من ممارسة حقنا بالتعليم، والتضييق المتواصل علينا في مختلف الجوانب".
وشددت جرار على أن "جميع محاولات الاحتلال لإخراس صوتنا، وتخويفنا من الحديث جرائم الاحتلال المتواصلة والمستمرة بحق أبناء شعبنا وقضيتنا؛ ستبوء بالفشل، فنحن لن نستسلم، وسنستمر في ممارسة حقنا الطبيعي الذي كفلته كل الشرائع الدولية، من خلال المطالبة بحقوقنا حتى انتزاعها".
وعلقت جرار على حلول ذكرى إعلان الاستقلال من طرف منظمة التحرير الفلسطيني في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، بالقول إن "الاستقلال الحقيقي والسيادة على الأرض لم يتحققا، بل تراجعت الحقوق والثوابت، وزادت المؤامرات على القضية، ولا نزال تحت الاحتلال، والاستيطان يتوسع، والمساومة على حقوقنا تتزايد، ولا زال الشعب يعيش في كانتونات وفي الشتات، وحق العودة لم يتحقق منه شيء، والانقسام الداخلي يبعد حلم الاستقلال أكثر".