قال باحث إسرائيلي في معهد هرتسيليا إن جميع الاشتراطات والأهداف التي وضعتها "إسرائيل" أمام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وحركة حماس قد تلاشت ولم يتبق منها إلا الهدوء الميداني.
وبحسب مايكل ميلستين الباحث في معهد السياسات والاستراتيجيات في معهد هرتسيليا، فإنه وبعد حوالي ستة أشهر من عملية "حارس الأسوار"، تمكنت حماس من استعادة جميع المقدرات التي فقدتها نتيجة للمعركة التي بدأتها.
وأضاف ميلستين: "حصدت الحركة إنجازات استراتيجية لم تحققها عشية الصراع على شكل تحركات مدنية غير مسبوقة من جانب “إسرائيل” تجاه قطاع غزة مؤخرًا، بما في ذلك زيادة عدد العمال والعاملين وإزالة الحواجز أمام تصدير واستيراد البضائع".
وتابع قائلاً: "يتم الترويج والتقدم نحو هذه التحركات دون مطالبة حماس بالتنازل عن قضايا أساسية، مثل الأسرى والمفقودين، واستمرار حشدها وتكثيفها العسكري وتوجيه النضال المسلح والشعبي في الضفة الغربية، وبعد أن روجت الحركة للاحتكاكات في قطاع غزة خلال الأشهر الستة الماضية، والتي قتل خلالها الجندي من حرس الحدود في هجوم على السياج الحدودي، لا تواجه حماس سوى طلب واحد: الحفاظ على الهدوء الأمني في قطاع غزة، وهو وضع يثبت وجوده بمرور الوقت مع قدرة الحركة على السيطرة على المنطقة".
واعتبر ميلستين أن معظم الأهداف الاستراتيجية التي حددتها "إسرائيل" في نهاية المواجهة الأخيرة لم تتحقق عمليًا، باستثناء الهدوء الأمني، وتلاشت معظم استعراضاتها الإعلامية حول تغيير قواعد اللعبة، وعلى رأسها اشتراط التحركات المدنية في هذه القضية بموضوع الأسرى والمفقودين.
واعتبر أن الترويج للتسوية في المخطط الحالي وبدون تنازلات جوهرية من جانب حماس يمكن أن يضر "بالردع الإسرائيلي" ضد الحركة، فيما يفهم السنوار سياسة "إسرائيل" كدليل على رغبتها القوية في الهدوء الأمني في قطاع غزة، بالنظر إلى تركيزها على قضايا أخرى (كورونا، الاقتصاد، إيران) وعلى خلفية التركيبة الهشة للحكومة الحالية، في مثل هذه الحالة قد يقدّر السنوار أن فرص المبادرات الهجومية من قبل "إسرائيل" ضئيلة (بما في ذلك في سياق تقويض جهود بناء القوة لحماس)، وقد يأخذ بعين الاعتبار الظروف المناسبة لإعادة إطلاق حملة ضد “إسرائيل” بسبب التوترات في القدس والضفة الغربية أو لدى فلسطينيي 48 .. من منطلق تقدير أنه لن يتم تحصيل ثمن باهظ في مثل هذا السيناريو.
وبحسب الباحث الإسرائيلي فإن "التسوية بصياغتها الحالية تعكس قبولاً إسرائيلياً لأهمية حركة حماس حتى الآن كحقيقة طويلة الأمد، تشبه إلى حد كبير الطريقة التي يُنظر بها إلى حزب الله على الجبهة الشمالية، علاوة على ذلك، فإن تبني التسوية يعكس الحقيقة المرة وهي أن “إسرائيل ليس لديها بدائل استراتيجية حقيقية فيما يتعلق بقطاع غزة، بما أن الإطاحة بحكم حماس واحتلال قطاع غزة لم يعد يتم النظر فيه بجدية، وبالنظر إلى أن أفكار نزع السلاح في قطاع غزة ونشر قوة متعددة الجنسيات في المنطقة غير واقعية، ليس أمام "إسرائيل" خيار سوى الاختيار بين الاشتباك المستمر الذي يعني غياب الهدوء الأمني، خاصة لسكان مستوطنات محيط قطاع غزة، وبين ترتيبات طويلة المدى سوف تستخدمها حماس لتكثيف قوتها استعداداً لمعركة مستقبلية".