استخدمت إسرائيل برنامج "بيغاسوس" الذي طورته شركة السايبر الهجومي NSO للتجسس على 6 ناشطين فلسطينيين في منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وكذلك على موظفين في وزارة الخارجية الفلسطينية، وفق ما كشفت اليوم، الإثنين، ثلاث منظمات دولية فحصت هواتف الناشطين الخليوية.
وتبين أن أربعة من بين هواتف الناشطين تستخدم خطوط تابعة للشركات الإسرائيلية "سيلكوم"، "بارتنر"، "هوت موبايل"، وحامليها هم من سكان القدس المحتلة. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن استخدام برنامج "بيغاسوس" للتجسس على خطوط هواتف شركات إسرائيلية. وثلاثة من هذه الهواتف تابعة لموظفين في المؤسسات الحقوقية التي أعلن عنها وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، أنها "إرهابية" وخارجة عن القانون.
وطالت عملية التجسس بواسطة "بيغاسوس" عددا من موظفي وزارة الخارجية الفلسطينية الذين لم تُكشف هوياتهم بعد، لكن من المرجح أن يكونوا موظفين على علاقة وثيقة بملف المحكمة الجنائية، وفق ما نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر موثوقة.
وأضافت الصحيفة أن ثلاثة موظفين من المؤسسات التي وضعها الاحتلال على قائمة "الإرهاب"، قد تحولت هواتفهم الذكية إلى أدوات تجسّس بواسطة برنامج "بيغاسوس"، وهم من حمَلة هوية القدس، والجنسيتين الأميركية والفرنسية، في مؤسسات "الحق" و"الضمير" ومركز "بيسان للبحوث والإنماء"، وأصابع الاتهام تتجه لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأفادت مؤسسة "الحق" بأنها اكتشفت، في 16 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، أن أحد موظفيها، وهو الباحث الميداني في القدس غسان حلايقة، قد تم اختراق جهازه بواسطة برنامج "بيغاسوس"، ما دفع مؤسسة "الحق" إلى التواصل مع بقية المؤسسات المستهدفة من الاحتلال، وفحص بعض الهواتف الذكية لموظفيها، وتحديدا "الآيفون"، ليتضح أن جهاز مدير مؤسسة "بيسان" للأبحاث، أبي العابودي، والذي يحمل الجنسية الأميركية، قد تعرّض أيضاً للاختراق، والمحامي المدافع عن حقوق الإنسان صلاح الحموري، والذي يحمل الجنسية الفرنسية، قد تم اختراق هاتفه فعلياً.
وتفيد المعلومات بأنه تم إخضاع أجهزة "آيفون" التابعة لبعض الموظفين للفحص، فيما تعذّر فحص هواتف "الأندرويد" وغيرها.
وكان الباحث المقدسي في مؤسسة "الحق" غسان حلايقة قد ساوره الشك بعدما أخبره أصدقاؤه أنه اتصل بهم، وعادوا ليسألوه عن سبب الاتصال، لكنه نفى أنه قد قام بالاتصال من الأساس. وبعد تكرار ذلك أكثر من مرة، تم إخضاع جهازه للفحص، ليتضح أن "الفحوصات التكنولوجية أثبتت أن هاتف حلايقة مخترق منذ شهر تموز/يوليو 2020".
وفيما يتعلق باختراق هاتف المحامي صلاح الحموري، وهو مقدسي ويحمل الجنسية الفرنسية، فقد تبين بعد يوم واحد من كشف نتائج الفحص بشأن هاتف حلايقة، أصدرت سلطات الاحتلال أمرا بسحب الهوية المقدسية من الحموري، الذي خضع هاتفه "الآيفون" هو الآخر للفحص، وتبيّن أنه مخترق.
ونقلت الصحيفة عن الحموري قوله إنه "الآن عرفت لماذا قال لي المحقق الإسرائيلي عند الإفراج عني في 30 أيلول/سبتمبر 2018 ’إنت لازم تشتري تليفون ذكي ويضل معك’. أعتقد أن الأمر مجرد دعابة ليس أكثر، ومن جهة ثانية كل شخص حالياً يعمل، يحمل هاتفا ذكيا لضرورات العمل المرتبطة بالإيميلات ومعرفة ماذا يحدث من أخبار وغيرها". وحسب الحموري، فإن "سحب هويته المقدسية بعد اكتشاف اختراق هاتف حلايقة ليس من باب الصدفة".
وفيما يتعلق باختراق هاتف رئيس مركز "بيسان" للبحوثـ أبي العابودي، الذي يحمل الجنسية الأميركية، فقد تبين بعد الفحص أن جهازه مخترق منذ شهر شباط/فبراير 2021. وقال للصحيفة إنه "حاليا، أفحص كل الخيارات القانونية وغير القانونية لملاحقة الجهة المسؤولة عن الاختراق".
واستعانت هذه المؤسسات من أجل التأكد من الاختراق بخبراء الأمن الرقمي في منظمة "فرونت لاين ديفندرز للشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، و"سيتيزن لاب" في كندا، ومنظمة العفو الدولية "أمنستي".
وترى أوساط في هذه المؤسسات، أن قرار حكومة الاحتلال وضع ستّ مؤسسات مجتمع مدني على لائحة الإرهاب بعد خمسة أيام من كشف أمر التجسس، جاء بهدف تبرير القرار أمام العالم، علما أن الاحتلال الإٍسرائيلي لا يملك أي أسباب أمنية ضد هذه المؤسسات أو موظفيها.
وأشار موقع "درج" الاستقصائي إلى أنه "نحن اليوم أمام فصل جديد من هذه الفضائح، والفضيحة الجديدة مزدوجة، فهي تطال الشركة، ولكن أيضا تطال الحكومة الاسرائيلية التي استعملت برنامج ’بيغاسوس’ للتنصت على ناشطين حقوقيين فلسطينيين أقدمت لاحقاً على تصنيف جمعياتهم بأنها ارهابية".
ورأت منظمة العفو الدولية التي شارك مختبرها التقني في العمل على تحقيق "درج" أن نتائج هذا التحقيق الاستقصائي تظهر هذا أن "NSO فشلت في تنقية عملها من الانتهاكات. على الرغم من الأدلة الدامغة التي ظهرت من خلال مشروع ’بيغاسوس’ يستمر استخدام برامج التجسس الخاصة بـ NSO ضد المدافعين عن حقوق الإنسان".
وأدانت منظمة Front Line Defenders، وهي مؤسسة حقوقية مقرها إيرلندا وتعمل على قضايا حقوق الإنسان، "جهود إسرائيل لتجريم دعم المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يحظون بالاحترام والذين خدموا منذ فترة طويلة ومنظماتهم في مجالات حقوقية. هذه الإدانة حصلت أيضاً عندما أقدمت حكومات أخرى مماثلة كما في دول مثل روسيا ومصر ونيكاراغوا".