معاريف: إلى قادة واشنطن.. امنحوهم غرفة في سفارتكم أو ليبنوا قنصليتهم في أبوديس

الثلاثاء 26 أكتوبر 2021 07:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف: إلى قادة واشنطن.. امنحوهم غرفة في سفارتكم أو ليبنوا قنصليتهم في أبوديس



القدس المحتلة/سما/

معاريف -بقلم: إسحق ليفانون- ثمة شروط ينص عليها ميثاق فيينا من العام 1963 لفتح قنصلية في دولة ما. وحسب ذاك الميثاق، فإن الدولة الراغبة في فتح قنصلية تتلقى موافقة الدولة المضيفة خطياً. وهذا ينطبق على الولايات المتحدة وإسرائيل. من المهم أن نتذكر ثلاثة أمور في هذا السياق: الأول، غالباً ما تفتح القنصليات خارج حدود العاصمة كي تخدم سكاناً معينين أو توسع العلاقة بين الدولتين. ثانياً، إذا لم تكن موافقة من الدولة المضيفة، فلا تفتح القنصلية. بكلمات أخرى، فإن فرض فتحها بدون موافقة ومن طرف واحد، معناه خلق أزمة دبلوماسية حادة وخرق الميثاق. ثالثاً، تتقرر مهام وأنواع نشاط القنصلية في اتفاق متبادل بين الدولة الطالبة والدولة المضيفة. وكل شيء حسب الميثاق. لا يوجد هنا، على حد قول بعض المحللين، قرار حصري للولايات المتحدة التي تسعى لاستخدام عقاراتها كما تراه مناسباً وتلبية لمصالحها. عندما غيرت المؤسسات المقررة في الولايات المتحدة (الإدارة، ومجلسا الشيوخ والنواب) مكانة القدس رسمياً، أي اعترفت بها كمدينة موحدة وعاصمة لإسرائيل ونقلت إليها سفارتها، فإن الوضع الذي كان قبل ذلك ألغي تلقائياً، وميثاق فيينا ينطبق على كل طلب أمريكي جديد. لا يمكن أن تفرض الولايات المتحدة فتح قنصلية في شرقي القدس بالقوة إلا إذا كان توجهها ليّ ذراع إسرائيل، وهذا سيؤدي إلى أزمة.

سطحياً، ما يحرك طلب واشنطن بفتح قنصلية في القدس هي اعتبارات سياسية أكثر منها قنصلية. على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت تريد عن حق وحقيق الاهتمام بسكان معينين ترغب في خدمتهم، أم أنها تريد استخدام طلب فتح القنصلية كورقة سياسية مع تداعيات على مستقبل مكانة القدس. إذا كان الموضوع قنصلياً صرفاً، فثمة حلول، مثل فتح قسم قنصلي في داخل السفارة الأمريكية في القدس العاصمة. ويمكن لهذا القسم أن يضم فرعاً في كل مكان في المدينة، فلإسرائيل قسم شبيه بالسفارة في باريس. وثمة إمكانية أخرى، وهي فتح القنصلية في أبو ديس التي توجد خارج الحدود البلدية للمدينة وقريبة من السكان الذين تريد خدمتهم. على الولايات المتحدة أن تقطع الجانب السياسي لطلبها، وأن تعود إلى التطبيق الأمين لميثاق فيينا. إن الولايات المتحدة بطلبها أن يكون موقع القنصلية في شرقي القدس، فإنها في واقع الأمر تقرر مسبقاً ما سيكون عليه الحل السياسي المستقبلي للمدينة عندما نصل إلى المحادثات مع الفلسطينيين. وسواء بقي الموضوع سياسياً أم انتقل إلى مستويات قنصلية، يبقى المفتاح في يد إسرائيل، وإسرائيل دولة سيادية قد تلبي طلب الولايات المتحدة مثلما يمكنها أن تعترض عليه أيضاً.

إن العلاقات الخاصة بين الدولتين تفترض من الطرفين ألا يجتازا خطوطاً قد تمس بهما. على الولايات المتحدة أن تبقي مسألة القدس للمباحثات مع الفلسطينيين وفقاً لما اتفق عليه بين الطرفين. وعلى إسرائيل من جهتها أن تبدي ما يكفي من سعة القلب في مسألة القنصلية إلى حد لا يمس بسيادتها أو بحياتها الخاصة مع واشنطن.