يستقبل سكان ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية وتحديدا سكان مدينة سيدني وضواحيها الشرقية صباح يوم غد نهاية فترة من الإغلاق جاوزت المئة يوم ، حيث فرضت الحكومة إغلاقا صاحب تفشي متغير دلتا سريع الإنتشار في منتصف شهر يونيو من العام الحالي. وقد كان الفيروس قد وصل للولاية بالرغم من وجود قيود شديدة على القادمين للبلاد من خارج استراليا و من الهند تحديدا حيث كان متغير دلتا متفشي بشكل كبير هناك. بدأت الولاية اجرائات احترازية تمثلت بتقليل عدد الأشخاص المسموح لهم بالاجتماع في مكان واحد ثم منع استقبال اي شخص من خارج المنزل بغض النظر عن درجة القرابة لمدة مئة يوم واقفلت دور العبادة والمحال التجارية بكافة اشكالها بإستثناء محلات بيع المواد الغذائية وبعض مواد البناء بشرط تسجيل الدخول والخروج منها بشكل صارم متصل باصدار غرامات لمن لا يلتزمون بهذا الإجراء. هذا كله كان متزامنا مع اغلاق المدارس والجامعات ومعاهد التدريس والمسارح والمتاحف وكل ما يتصل لمناحي الحياة من انشطة. فرض ارتداء الكمامة في الاماكن المغلقة وعندما ارتفع عدد الحالات فرضت ايضا في الأماكن المفتوحة وخلال السير في الشوارع او القيام بالنشاط الرياض الذي منع لأكثر من شخص في ذات المكان. شلت حركة المدينة واقتصر استخدام المواصلات على من وصفتهم الحكومة بالعمال الحيويين اي من تتصل وظائفهم بسير مناحي هامة في حياة الناس في سيدني وضواحيها كالاطباء ورجال الامن والشرطة وعمال النظافة وسائقي النقل وغيرهم ممن لا تستقيم اعمدة الحياة دون حركتهم.
بدأ اغلاق الولاية ولم يتجاوز عدد الحالات اصابع اليد الواحدة لكنه وصل في أعلى احصائية مسجلة الى ما يناهز الألفي حالة، وكانت الحكومة تتأرجح بين تيارين احدهما يدعوا لتشديد الإغلاق وإحكامه مصحوبا بنفاذ عقوبات تقنن لهذا الغرض، وآخرون يرون في الاجرائات الحكومية قصر رؤية وتعدي على حريات الأفراد والقاء لإقتصاد الولاية نحو الهاوية. وفي كل هذا كانت رئيسة وزراء ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية، غلاديس بريجيكليا تقوم بالتحدث لاربعة ملايين من سكان سيدني كل يوم في مؤتمر صحفي تشرح لهم فيه آخر المستجدات على كافة الأصعدة. في البداية قالت بأنه سيتم فرض عزل عام صارم على سيدني لمدة أسبوعين وكان ذلك في شهر يونيو حزيران من العام الحالي. لكن فترة الأسبوعين كانت تمدد مع نهايتها لاسبوعين آخرين ومن ثم شهر وشهرين إلى ان وصلت إلى ما يقارب المئة يوم. كان مطلب السلطات الرسمية التي كررته على لسان كل مسؤؤليها بأن اخذ اللقاح الخاص بالفيروس ووصول نسبة التطعيم الى 80 بالمئة من اجمالي قاطني سيدني وضواحيها الشرقية هو الشرط الوحيد لإعادة فتح الولاية وإستئناف حياة شبه طبيعية. ومع تزايد أعداد المصابين وإنتشار اكبر للفيروس وجدت الولاية نفسها أمام عجز بعدد اللقاحات المتوفرة ودار سجال بين الولايات على من بإمكانه أن يزود ولاية نيو ساوث ويلز بلقاحات قد تكون هي اكسير الحياة في حال تفشي الوباء في هذه الولايات. لكن رئيسة الوزراء عملت بشكل كبير وجاد على توفير لقاحات سواء من ولايات استرالية اخرى أو من خارج استراليا. اليوم، يفصلنا يوم واحد عن انهاء هذه الفترة من الإغلاق وصل عدد متلقي لقاح كورونا بجرعتيه السبيعن بالمئة وفقا للإحصائيات الرسمية وستكون الحكومة وصلت لنسبة الثمانين بالمئة المنشودة مع شهر ديسمبر من هذا العام وفقا للتقديرات الرسمية. لكن اجبار المواطنين على أخذ اللقاح وربط هذا بعودة الحياة وبقدرتهم على العودة لمزاولة اعمالهم وعدم السماح لكل من لا يأخذ التطعيم بالعودة الى مكان عمله جلبت على الحكومة ورئيسة الوزراء الكثير من الإنتقاد واحتدم النقاش فيما إذا كان الحق في اللقاح هو حرية شخصية أم مفروض بقوة الحكومة والقانون. لكنه من الممكن القول بأن الكثير من رافضي التطعيمات لم يجدوا بدا من اخذ التطعيمات للحصول على بطاقة تمكنهم من العودة للحياة بعد انتهاء الإغلاق وفرضت على رؤساء الأعمال الطلب من موظفيهم أن يتلقوا اللقاح كشرط للعودة للعمل.
ستعود مدينة سيدني لنفض غبار مئة يوم من الإغلاق في الغد، وستصحو البلاد على كم من الأعمال التي خسر اصحابها الكثير من استثماراتهم وقد أودى الإغلاق بالكثير من المشاريع الصغيرة التي كانت طور الولادة والإنشاء. الأرقام المختصة بالخسائر الإقتصادية لولاية نيوساوث ويلز هي ضخمة وليس هنا مجالا لذكرها بالتفصيل، لكن في هذه الفترة لعل اكثر ما يطوق اليه سكان سيدني هو العودة للشعور بجزء من الحرية التي انتهكها الوباء وقليلا من عودة الحياة الى مجاريها ولو لحين. هل سيكون هذا اخر إغلاق ام سيكون فترة من النقاهة قبل أن ترى الحكومة ثانية بأن المصابين في ازدياد وأن اعادة الإغلاق شر لابد منه؟ ليس هناك اجابة حتى اللحظة.