هآرتس تتساءل: أيهما أكثر “أخلاقية”.. النووي الإيراني أم “مصنع النسيج” الإسرائيلي في ديمونا؟

السبت 02 أكتوبر 2021 06:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس تتساءل: أيهما أكثر “أخلاقية”.. النووي الإيراني أم “مصنع النسيج” الإسرائيلي في ديمونا؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: يوسي كلاين            "قبل أسبوعين تقريباً نشر في “هآرتس” أن القنبلة النووية الإيرانية قد أصبحت هنا، وأن الصواريخ أصبحت في الجو، لكن لم يحدث شيء: ورق التواليت في السوبرماركتات لم ينفد، ونسبة الحليب طويل الصلاحية لم تنخفض. هذا أمر مفاجئ. ماذا حدث لاستعدادنا المشهور؟ أين اليقظة التي سيمتدحها كل من يشاهدها؟ هل نسيتم كيف خوفونا بالتهديد الإيراني؟ كم الأموال التي استثمروها في هذا التهديد؟ وها أنتم ترون، عندما جاء لم يحدث شيء، بل يتجادلون حول التطعيم.

عرفنا أن السياسيين يكذبون، ولكن ليس بشأن التهديد الإيراني. الحديث هنا لا يدور عن غواصات أو عن الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، بل عن أساس وجودنا. غيمة صلبة من اليقين فوق رأسنا. وقد وثقنا بالتهديد الإيراني، ضخمنا لصالحه ميزانية الدفاع وحرصنا على أن نصغي وننضبط مثلما يرغب الحكام. نريد معرفة كل شيء عن التطعيم، أما عن هذا فلا نريد.

لم نسأل. التهديد الإيراني كان من المواضيع التي قالوا لنا عنها “دعكم من ذلك، لا تسألوا، لا فائدة من إعطائكم كل التفاصيل، ما الذي تعرفونه عن أجهزة الطرد المركزي. ثقوا بنا، سيكون الأمر على ما يرام مثلما كان في الغواصات. وثقنا بهم. لم نسأل إذا كان التهديد الوجودي على إيران أم علينا فقط. اعتقدنا أنه يجب أن تفرغ رفوف البقالات في طهران وليس لدينا. وعرفنا أن لديهم ما يخافونه. كل ولد يمكنه الدخول إلى ويكيبيديا ويشاهد أن لدينا أكثر من مئة قنبلة نووية وصواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوساً متفجرة نووية بمدى آلاف الكيلومترات. فممّ الخوف إذاً؟ لقد صدق كاتب المقالات إسرائيل هرئيل. فحسب رأيه، علينا أن نهاجم بمواجهة عسكرية فورية، الآن واليوم، وعلى الأكثر عشية انتهاء العيد. الأساس هو عدم الاحتواء، والأمر الرئيسي هو عدم الجلوس على المؤخرة و الانشغال بمسألة من هو المستفيد من لقاح “فايزر”.

صحيح أن للراحة الكبيرة المصاحبة لهجوم مبكر ثمناً، لكنه ليس في السماء. قدّر إيهود باراك بأن أي هجوم انتقامي من إيران سيتسبب بأقل من مئة جثة، وهو ثمن يتناسب مع الفائدة الكبيرة لتدمير ومحو واجتثاث التهديد الإيراني إلى الأبد. أو على الأقل كالعادة، لمدة ثلاثة أشهر.

يدور الحديث عن خسائر قابلة للاستيعاب. عاموس يادلين، رئيس معهد بحوث الأمن القومي، تحدث عن رؤوس متفجرة تحمل مواد كيميائية وعن سفن انتحارية. المؤرخ أليكس فلرشتاين، المختص بالسلاح النووي، قدر أن قنبلة نووية في وسط تل أبيب ستقتل 84 ألف شخص (طمأننا بأن مدة الاحتضار ستتراوح بين بضع ساعات وبضعة أسابيع).

الحديث لا يدور عن تهديد وجودي، بل عن “عملية”. نهددهم ويهددوننا. وقد هدد بني غانتس ويئير لبيد من فترة غير بعيدة، وهدد بنيامين نتنياهو وشاؤول موفاز قبلهما. صحيح أن خامنئي قال: “لن نستخدم السلاح النووي”، لكن من الذي يثق بشخص مسلم. هذا خيال شرقي، يختلف كلياً عن مصداقيتنا الغربية. نعم، حتى نحن كذبنا هنا وهناك، لوّحنا بـ “مواجهة” و”مصنع النسيج في ديمونا”، لكن هذا مسموح لنا (بسبب الكارثة). يمكننا فهم لماذا لا نثق بهم، لا يمكن الوثوق بنظام متدين، وطني ومتطرف، يعتقد أنه هدية الله للعالم. لا يمكن الوثوق بدولة ترتكز اعتباراتها على جنون رجال دين مصابين بجنون العظمة (القصد إيران، نعم). إذا كان الأمر هكذا، فلماذا نتثائب عندما تكون الصواريخ في الطريق؟ ولماذا لا نبالي؟ ربما أننا بهدوء وبضوء مفاجئ، بدأنا بالتشكيك بوجود “التهديد الإيراني”. ربما فهمنا أن الأمر يتعلق بـ “امسكوني” المشهورة من ساحة المدرسة الأساسية، عندما يتشاجر شخصان وينتظران شخصاً آخر يأتي من غرفة المعلمين وينقذهما من قَسَمٍ بأن يقتل أحدهما الآخر.

نفهم أن احتمالية سقوط صواريخهم علينا تشبه احتمالية سقوط صواريخنا عليهم؛ أي أن الاحتمالية ضئيلة. وأننا إحصائيون في حوار طرشان. وأن هناك احتمالية أخرى تثير القشعريرة وبحق، وهي أن النووي الإيراني ليس هو ما يعرض سلامة العالم للخطر، بل أيضاً سيطرتنا في المناطق التي يمكن أن تشكل ذريعة لاستخدام القنبلة.

كتب المؤرخ بني موريس بأن الخيار الذي أمامنا هو العيش في خوف دائم من إيران أو مهاجمتها (“هآرتس”، 23/9). وهو لم يكتب أن هذا هو أيضاً خيار إيران، التي ربما يجدر بها مهاجمتنا وعدم العيش في خوف دائم من دولة عظمى نووية هستيرية.