قدمت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، التماسا عاجلا إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، بخصوص الطفل محمد غسان منصور (17 عاما)، المعتقل إداريا لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت "الحركة العالمية"، في الالتماس، إن الحكومة الإسرائيلية تحرم بشكل تعسفي الطفل منصور من حريته، من خلال استخدام الاعتقال الإداري الذي يرقى إلى مرتبة الاعتقال التعسفي.
وأشارت إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت الطفل منصور من منزل عائلته في جنين في حوالي الساعة الثانية من فجر يوم التاسع من نيسان/ إبريل 2021، واحتجزته لمدة 15 يومًا في ظروف مهينة وغير إنسانية في معتقل حوارة الإسرائيلي، شمال الضفة الغربية، وهناك تم عقد محكمة له عبر "الفيديو" أمام محكمة سالم العسكرية الإسرائيلية، وقد تم تمديد اعتقاله خمس مرات على الأقل، وذلك حسب المعلومات التي جمعتها الحركة.
وفي إفادته للحركة العالمية، قال الطفل منصور إن جنود الاحتلال اقتحموا منزل عائلته يوم اعتقاله بعد أن كسروا باب المنزل، وأن أحدهم ضربه على رأسه بكعب البندقية، دون أن يكلمه ودون أن يتأكد من هويته، وأسقطه أرضا، وبعد التأكد من هويته ربطوا يديه للخلف بمربطين بلاستيكيين وشدوهما بقوة، ولم يخبروه أو يخبروا عائلته عن سبب اعتقاله ولم يبرزوا أي مذكرة اعتقال، ومن ثم أخرجوه من المنزل وكان أحدهم يمسكه من عنقه، فيما كان آخر يوجه له الركلات.
وأضاف الطفل منصور أنه عند وصولهم الشارع دفعه أحد الجنود بقوة إلى داخل جيب عسكري، على أرضية الجيب، وقام بتعصيب عينيه، ومن ثم غادروا المنطقة دون أن يخبروه إلى أي جهة سيقتادونه، وقال: "لم يسمحوا لي بوداع أهلي".
وتابع: "وصلنا إلى حاجز الجلمة (شمال شرق جنين) وهناك أنزلوني من الجيب وأوقفوني جانبه وكنت محاطا بالكثير من الجنود، تقدم مني جندي أعتقد أنه طبيب عسكري لأنه قام بفحصي وسألني أسئلة عامة حول صحتي، وقد فعل ذلك وأنا مقيد اليدين ومعصوب العينين. لم يسمحوا لي بالذهاب إلى الحمام، وبقيت على هذا الحال حوالي ساعة، وبعدها أرجعوني إلى الجيب وتم نقلي إلى مستوطنة "مبو دوتان"، وقد وصلت إلى هناك الساعة الخامسة فجرا وأجلسوني على كرسي في ساحة حتى الساعة الثانية بعد الظهر، وأنا مقيد اليدين ومعصوب العينين منذ أن اعتقلوني من المنزل، وهناك قدموا لي الماء والطعام".
نُقل الطفل منصور في اليوم ذاته إلى "معتقل حوارة" (قرب نابلس)، وهناك أجرى له الجنود تفتيشا عاريا، وقد مكث فيه 15 يوما، في ظروف وصفها بـ"صعبة للغاية، فمعاملة الجنود هناك سيئة جدا، والطعام رديء، ولا يوجد مرحاض في الغرفة، ومن أجل قضاء الحاجة على الأسرى أن يطلبوا ذلك من الجنود الذين كانوا يماطلون. هناك لا يمكن الاستحمام، فأنا لم استحم طوال الـ15 يوما"، قال الطفل منصور.
وبعد الـ15 يوما في "معتقل حوارة"، نقل الطفل منصور إلى سجن "مجدو" وعند وصوله أجروا له فحص فيروس "كورونا"، وفتشوه بشكل عار، قبل أن يضعوه في العزل لمدة ثلاثة أيام، ومن ثم جرى نقله إلى قسم 3 الخاص بالأطفال.
وفي 25 نيسان/ إبريل 2021، صادقت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سجن "عوفر" على أمر اعتقال إداري بحق الطفل منصور لمدة ستة أشهر، وقد استأنف الطفل منصور أمر الاعتقال الإداري، وفي 9 آب/ أغسطس 2021، رفضت محكمة الاستئناف العسكرية الإسرائيلية في "عوفر" الاستئناف.
وأشارت "الحركة العالمية" إلى أن الطفل منصور يقبع حاليا في سجن "مجدو"، حيث سينتهي أمر اعتقاله الإداري الحالي ومدته ستة أشهر في 18/10/2021، في حال لم يتم تجديده، مؤكدة أنه لم يُسمح لمنصور ولا لمحاميه بالاطلاع على أي دليل ضده، بحجة أن اعتقاله يستند على "معلومات سرية".
وأوضحت "الحركة العالمية" أنه نظرا لأن الأطفال المحرومين من حريتهم معرضون بشكل متزايد لخطر العنف، وقد يؤثر الاحتجاز على صحة الأطفال ونموهم، فإن المعايير الدولية لقضاء الأحداث مبنية على مبدأين أساسيين: الأول، يجب أن تكون مصالح الطفل الفضلى هي الشغل الشاغل في جميع القرارات التي تؤثر عليهم، والثاني، يجب أن يكون حرمان الأطفال من حريتهم فقط كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة، حيث تنص اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل صراحة على أن الاحتجاز "يجب ألا يستخدم إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة".
وتابعت: علاوة على ذلك، في حالات النزاع المسلح الدولي، يُسمح بالاحتجاز الإداري في ظروف محدودة للغاية فقط في الحالات الأكثر استثنائية "لأسباب أمنية قهرية" عندما لا يكون هناك بديل آخر، ولا ينبغي أبدا استخدام هذه الممارسة كبديل لتقديم اتهامات أو لغرض وحيد هو الاستجواب أو كرادع عام للنشاط المستقبلي.
وأكدت "الحركة العالمية" أن خطر الضرر المحتمل والسياق المحدد لاعتقال الطفل منصور يحدد الظروف التي تبرر هذا الطلب لاتخاذ إجراء عاجل من جانب الفريق الأممي العامل بشأن قضيته، ونظرًا لوضعه كقاصر، فإن استمرار اعتقال الاحتلال للطفل منصور يمثل تهديدًا خطيرًا على صحته، بما في ذلك سلامته الجسدية والنفسية.
وشددت على أن اعتقال الطفل منصور ينتهك الضمانات الأساسية المنصوص عليها في القانون الدولي، وهو يعتبر احتجازًا تعسفيًا من الفئتين الثالثة والخامسة على النحو المحدد من قبل الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، ويجب الإفراج عنه فورًا.
يذكر أن سلطات الاحتلال أصدرت أوامر اعتقال إداري بحق أربعة أطفال منذ بداية العام الجاري، هم أحمد أنور بايض (17 عاما) من أريحا الذي اعتقل بتاريخ 12/5/2021 وصدر بحقه أمر اعتقال إداري لمدة أربعة شهور، وأفرج عنه في 10/8/2021 بعد تقديمه استئناف، و براء يوسف محمد (16 عاما) من الخليل وقد اعتقل بتاريخ 12/5/2021 وصدر بحقه أمر اعتقال إداري لمدة أربعة شهور، وأفرج عنه في 9/9/2021، والطفل أمل عرابي من مخيم الجلزون بمحافظة رام الله والبيرة، الذي جددت سلطات الاحتلال أمر اعتقاله الإداري للمرة الثالثة، حيث من المقرر الإفراج عنه في 18/1/2022 في حال لم يتم تجديد الأمر، إضافة للطفل محمد منصور.
كما وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال اعتقال سلطات الاحتلال الإسرائيلي 39 طفلا إداريا، منذ شهر تشرين أول/ أكتوبر 2015، وحتى اليوم.
والاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن، حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، حيث يتم استصدار أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها ستة شهور قابلة للتجديد.
وتؤكد "الحركة العالمية" أنه يجب على إسرائيل إما أن تحاكم الأطفال وتمنحهم حقوق المحاكمة العادلة أو أن تطلق سراحهم على الفور.
وفي الضفة الغربية المحتلة، حيث يطبق القانون العسكري على السكان الفلسطينيين فقط، يسمح الأمر العسكري الإسرائيلي 1651 بالاعتقال الإداري بحق البالغين والأطفال لمدة تصل إلى ستة أشهر، ويخضع لتجديدات لأجل غير مسمى.
وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل منهجي ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية كل عام، بشكل يفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة.