هآرتس - بقلم: يوسي ميلمان "في ألمانيا يسمونه “السيد حزب الله”. ولكن يمكن أن نطلق عليه صفة “السيد حماس”: على مدى ثلاثين سنة كان غيرهارد كونراد، شخصية رفيعة في وكالة المخابرات الخارجية (بي.ان.دي) في بلاده، الموازية والحليفة المخلصة للموساد. في إطار مناصبه المتنوعة كان قد أكثر من زيارة دمشق وبيروت وغزة والقاهرة والقدس وغيرها. ولكنه أيضاً يتماهى مع صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل وبين حزب الله وحماس.
هذه الصفقات تضمنت، ضمن أمور أخرى، صفقة جلعاد شاليط، الذي يكون في الشهر القادم قد مر عقد على إطلاق سراحه. إلى جانب ذلك، لعب كونراد دوراً مهماً في إطلاق سراح الحنان تننباوم، وإعادة جثامين جنود الجيش بني أبراهام وعيدي افيتان وعمر سواعد والداد ريغف واودي غولد فاسر – وأيضاً سمير قنطار قاتل عائلة هيرن من نهاريا – ونحو 1500 مخرب فلسطيني ولبناني وأشخاص من جنسيات أخرى. “لقد عملت دائماً بمصادقة من حكومتي، وبالطبع بتوجيه من جهازي، وهذا بناء على طلب حكومات إسرائيل”، قال كونراد في مقابلة مع “هآرتس”.
رفض كونراد طوال سنوات إجراء المقابلات معه. فقد عمل بالسر كرجل ظل، ولم يتم نشر اسمه وصورته إلى أن قامت صحيفة في برلين بتسريب اسمه في العام 2009. قبل بضع سنوات تقاعد. وهو يعيش الآن في برلين مع زوجته التي كانت أيضاً تعمل في مصلحة المخابرات، لكنه يواصل متابعة ما يحدث في إسرائيل والشرق الأوسط، وهو ضليع فيما يجري. صفقات تبادل الأسرى ممكنة فقط عندما “تتوافق النجوم”، أجاب كونراد على سؤال حول احتمالية عقد صفقة بين حماس وإسرائيل، “لكن لا نحتاج إلى الانتظار وحده كي يحدث ذلك. فالمطلوب تطوير نوع من إطار اتفاق، بالطبع إذا كان الطرف الثاني مستعداً لذلك”. على أي حال، أكد كونراد أن اتفاق إطار كهذا يبقى مؤقتاً، طالما لا توجد محفزات أخرى تشجع الطرفين على التقدم. “على الأغلب، الطرفان يعتبران الصفقة أمراً سيئاً. ودائماً سيكون هناك من يرفض، لأنه تم تقديم تنازلات كبيرة جداً للعدو. والمقابل الذي تم الحصول عليه قليل جداً”، شرح، “الكثيرون سيخيب أملهم لأنه لم يتم شملهم في القائمة، وآخرون سيكونون محبطين من رؤية قتلة أعزائهم وهم يخرجون إلى الحرية منتصرين. لذلك، هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على متخذي القرارات. يجب عليهم التصرف بحذر. وتقديم تقرير مبكر جداً يمكن أن يكون خطيراً. احتمالية التوصل إلى اتفاق تتعلق بالأساس بواقع سياسي محدد، وهذا الواقع يتشكل على الأغلب بالصدفة”.
ما هي النصيحة التي يمكنك أن تعطيها لمن يديرون المفاوضات الحالية بين إسرائيل وحماس؟
“عليكم بالصبر، وإعداد إطار واضح مع نقاط متفق عليها من قبل الطرفين في أقرب وقت. وإذا كان بالإمكان أيضاً فاتفاق على طريقة العمل. لا تحاولوا فرض هذا الإطار على الطرف الثاني، بل إذا كانت لديكم ورقة مساومة جيدة مثل عرض جيد أو أصدقاء أقوياء يمكنهم التأثير على الطرف الثاني. ولكن المطلوب أن يكون لدى كل طرف مصلحة جدية للتوصل إلى صفقة”.
رغم أن كونراد يتماهى مع إسرائيل وقيمها، إلا أن صفاته الأساسية هي التي مكنه من أن يحظى بثقة التنظيمات الإرهابية، “شخص جدي جداً، أمين، دقيق، ورجل تفاصيل لا يبقي أي زاوية مفتوحة”. هكذا وصفه عوفر ديكل، الذي كان نائب رئيس الشاباك، وبعد ذلك ممثل رئيس الحكومة في موضوع الأسرى والمفقودين بين الأعوام 2006 – 2009. بواسطة كونراد، دفع ديكل قدماً بالاتصالات غير المباشرة مع “حزب الله” في لقاءات في أوروبا وإسرائيل، وأعدّ الخلفية لصفقة شاليط، رغم أن من قام بإنهائها هو وريثه في المنصب، دافيد ميدان.
في العام 2009، بعد مرور ثلاث سنوات كانت فيها جهود لإطلاق سراح شاليط قد وصلت إلى طريق مسدود، تمت دعوة كونراد مرة أخرى إلى مهمة تبادل الأسرى. “المشكلة الكبيرة كانت عدم الثقة بين الطرفين”، قال. “عدم الثقة تمثل في أن كل طرف كان يشك في جدية نوايا واستعداد الطرف الثاني لتنفيذ التزاماته. كل طرف اعتقد أن الطرف الآخر خائن أو غير قادر على تزويد البضاعة، أو كلاهما معاً”.
كيف نجحت في التغلب على هذه الصعوبات، رغم ذلك؟
“إذا سمح لي القول، بكل تواضع، أن ما ساعد على الدفع قدماً بالصفقة هو سمعتي كـ السيد حزب الله”. هكذا قادة حماس، ومن بينهم محمود الزهار الذي التقى معه، استعانوا بتوصيات “حزب الله” وشهدوا على أن كونراد يمكن الوثوق به. “الصفقة مع “حزب الله” كانت نوعاً من التمرين على اليابسة”، لخص كونراد. “دليل أثبت للطرفين بأن يمكن احترام التعهدات وأن الأمر يكافئ الطرفين”.