نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أرسله مراسلها ميهول سيرفاستافا من مدينة جنين الفلسطينية قال فيه إن السجناء الستة الذين فروا من سجن جلبوع قبل أن تقبض قوات الأمن الإسرائيلي عليهم من جديد، تحولوا إلى أبطال شعبيين وأصبحت الملعقة رمزا للمقاومة بعد عملية الهروب التي تمت من سجن أمني رهيب.
وقال إن القبض على آخر اثنين ظلوا أحرارا بعد عملية مثيرة للدهشة أنهت أسبوعين تحول فيهما السجناء إلى أبطال شعبيين والملاعق التي استخدمت للهروب رمزا للكرامة والفخر الفلسطيني. واعتمدت إسرائيل على الاستطلاعات الجوية ووحدات الشرطة والوحدة السرية في الجيش 9900 التي تقوم بتحليل الصور من خلال الذكاء الاصطناعي الاستخباراتي للقبض على السجناء الستة الذين فروا من سجن جلبوع العالي الأمنية في 6 أيلول/ سبتمبر.
وبالمقارنة مع الحشود الأمنية العالية وجد الفلسطينيون طريقهم للحرية من حفرة في داخل السجن عملوا عليها لمدة أشهر باستخدام الملعقة ومقبض غلاية الشاي وصحون بقيت معهم بعد الوجبات حسب واحد من محاميهم. وخمسة من السجناء هم عناصر في حركة الجهاد الإسلامي، واحدة من الحركات الفلسطينية المتشددة التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل حركة إرهابية.
وبالنسبة للكثير من الإسرائيليين فقد كانت العملية إحراجا كبيرا لمسؤولي السجن والذين أصبحت أخطاؤهم محلا للسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، وكان أحد الحراس إما نائما أو يشاهد التلفزيون، ولم يتم تحديث رقم هاتف السجن في دليل الهواتف لدى الشرطة، ونشرت الشركة التي أشرفت على بناء السجن مخططاته على الإنترنت.
وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت على العملية “انتهت”، مثنيا على الجيش وجهاز الأمن الداخلي “شين بيت” والشرطة للجهود التي قاموا بها. وعلق على الفشل الأمني الذي قاد لهروب الستة بالقول “ما كسر يمكن إصلاحه”.
وبالنسبة للكثير من الفلسطينيين، فالهروب هو فرصة نادرة لهم للترحيب والفرح بأبطال بلدتهم والسخرية من إسرائيل في نفس الوقت. وتقول منظمات حقوق إنسان إن عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية هو قريب من 4.650 وهم متهمون بتهم أمنية. وعلقت سالينا ضو، 18 عاما، الطالبة من مدينة حيفا “كانت مشاهدة الستة يهربون من أعلى السجون الإسرائيلية أمنا بأداة بسيطة مثل المعلقة، مدعاة للقوة، وأظهرت إسرائيل صغيرة جدا”.
وفي جنين البلدة التي اعتقل فيها آخر سجينين وتعتبر من الناحية التاريخية معقل المقاومة، فقد أضافت عملية الهروب إلى أسطورة زكريا الزبيدي، السجين الأكثر شهرة من بين الستة. وانضم الزبيدي للمقاومة بعدما أطلق الإسرائيليون النار على والدته وشقيقه وترفع في صفوف كتائب شهداء الأقصى. ووجهت له إسرائيل اتهامات بعنف ضد المدنيين الإسرائيليين في أثناء الانتفاضة الثانية، لكن لم تتم إدانته أبدا. وصدر عفو عنه في 2007 وتم اعتقاله من جديد في عام 2019 بعدما قالت إسرائيل إنه أطلق النار على حافلات كانت في طريقها للمستوطنات التي تعتبر حسب القانون الدولي غير شرعية. ولم تتم محاكمته بعد.
وقالت نازك جراح، 54 عاما والتي أرسلت أولادها إلى اعتصام ليلي دعما للسجناء الهاربين “إنه رجل عظيم، فقد والدته وشقيقه وبيته مرتين، وأتمنى الحرية له يوما” و”ما فعله لا يقوم به إلا الأبطال”.
وقادت عملية الهروب إلى تظاهرات عفوية في الضفة الغربية وسخرت فيها الجدات الفلسطينيات من الجنود الإسرائيليين ولوحن بالملاعق.
وفي محل حلاقة ليس بعيدا من بيت الزبيدي في مخيم جنين عبرت مجموعة من الأولاد عن حزنهم على القبض عليه. وقال عبد الله، 18 عاما “شعرت وكأن السماء تبكي” و”ما فعله كان مدهشا ورفع من معنوياتنا”. وفي الخارج، في الأزقة المكتظة، قال وائل، 36 عاما إنه قضى سنوات في نفس السجن الذي فر منه الزبيدي، لدفاعه عن المخيم ضد الجنود الإسرائيليين عام 2002، وكان الهروب من السجن مجرد حلم “بأي شيء يحلم السجين؟” و”الحياة في السجن الإسرائيلي مستحيلة وكل ما نفكر به هو الحرية”.
وفي الوقت الحالي يقوم المهندسون الإسرائيليون بفحص أمن السجن من جديد. وقالت مفوضة مصلحة السجون كاتي بيري إنه تم إحباط 300 محاولة هروب في العام الماضي. ويقول المحللون إن قدرة إسرائيل على اعتقال الستة في مدى أسبوعين يعطي صورة عن قدرة إسرائيل العمل داخل المناطق المحتلة. وحاولت عناصر حركة الجهاد الهروب من جلبوع مرتين في 2014. ولم تختف الإثارة بعد القبض على السجناء بين الفلسطينيين. وكما يقول شقيق زكريا الأصغر والذي قضى فترة في السجن “فلسطين هي سجن كبير وننتظر التحرر منه” و”أعطانا زكريا صورة رمزية عن التحرر من السجن الأصغر”.