تلقت حركة حماس رسائل من القاهرة باتخاذ خطوات عملية وسريعة، على صعيد إعادة إعمار غزة، وتحسين الأوضاع المعيشية، في مقابل حفاظ فصائل المقاومة على حالة الهدوء وخفض التوتر، بشكل يسمح بدخول المعدات والفرق الهندسية، والشروع في بدء عمليات البناء، وذلك في أعقاب لقاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، وفق ما نقلت صحيفة "العربي الجديد" اليوم، الأحد، عن مصدر قيادي في حماس.
إلا أن المصدر لفت إلى أن حماس لم تتلق من مصر أي مؤشرات بشأن الحركة على معبر رفح، سواء للافراد أو البضائع، وقلل من أهمية ما يُثار بشأن اتفاقات بين القاهرة وتل أبيب متعلقة بتشديد الإجراءات على دخول البضائع إلى غزة، عبر معبر رفح.
وقال المصدر إن "المقاومة تعرف جيداً كيف تبني قدراتها وتطور ترسانتها العسكرية بعيداً عن المعبر، كما يحلو للجانب الإسرائيلي أن يروّج دائماً لضرب العلاقة بين مصر وقطاع غزة"، مضيفا أن "هناك اتفاقيات وتنسيقا مشتركا بين حماس ومصر بشأن تأمين الشريط الحدودي، إذا كان الجانب الإسرائيلي لا يعلم ذلك".
وتابع المصدر أن "غزة لا تستجدي حريتها وقادرة على انتزاعها، ولكن في النهاية المقاومة وفصائلها تراعي وساطات الأطراف العربية والدولية، التي أخذت على عاتقها التوصل إلى حل". ولفت إلى أنه "حين نتأكد من عدم جدية الموقف الإسرائيلي، فوقتها سيكون القطاع في حل من أي شروط خاصة بالتهدئة لا يلتزم بها الاحتلال، في وقت يريدون إجبارنا على حفظها".
وتطرق المصدر إلى صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل، وشدد على أن "حماس لن تتراجع قيد أنملة في هذا الملف، ومتمسكة بكل ما فيه من تفصيل، وربما تكون المرونة المتاحة فيه متعلقة بالجانب الشكلي في كيفية التنفيذ".
وأضاف أنه "كلما يمرّ الوقت، يزيد من صعوبة الموقف على الجانب الإسرائيلي وليس على حماس أو المقاومة. كما أعلنا بإدخال شرط جديد للصفقة بتضمين أسرى الحرية الستة لقائمة الأسرى الذين سنطلب تحريرهم". وكشف أن "الجانب المصري أبلغنا أنه سيكون هناك اجتماع جديد بشأن الحديث عن عملية التبادل، من دون أن يقدم تفاصيل بشأن آخر ما طرأ"، واشار إلى أنه "ربما يكون هناك متغيرات جديدة، ووقتها سنطلع عليها ثم نقدم ردنا".
في موازاة ذلك، كشفت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد" عن تطورات وصفتها بالحاسمة على صعيد ملف التهدئة بين إسرائيل وقطاع غزة، قائلة إن "الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى مصر على رأس وفد، تم تشكيله بعناية فائقة، ساهمت في تحريك بعض الأمور التي كانت عالقة بشأن مواصلة مفاوضات التهدئة مع الفلسطينيين بشكل فعال".
وبحسب المصادر المصرية، فإن الأيام القليلة المقبلة ستشهد خطوات جديدة من أجل تحريك ملف صفقة تبادل الأسرى، في ظل موقف جديد نسبياً من جانب الحكومة الإسرائيلية، لافتة إلى أن الفترة الماضية شهدت لقاءات متعددة بين المسؤولين في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، والمسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية.
وأوضحت المصادر أنه "على سبيل المثال فيما يخص ربط البدء في إعادة إعمار غزة، بتسليم حماس للأسرى المتواجدين لديها أولاً، فهذا الملف تحرك كثيراً، وتولدت رؤية جديدة لدى الحكومة الإسرائيلية، التي تسعى إلى تحقيق نجاحات على الأرض في ظل هشاشة الائتلاف الحكومي الحالي".
وتابعت: "كذلك الجزئية الخاصة بعدم إطلاق سراح من تصفهم إسرائيل بالملطخة أيديهم بالدماء، هذه أيضاً حدث فيها اختراق جيد"، لافتة إلى أنه "خلال لقاء سبق زيارة بينيت، أطلعت المخابرات المصرية رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولتا، على آخر ما تداولته مع حركة حماس بشأن التهدئة في قطاع غزة، وهي المداولات التي حملها حولتا مجدداً إلى المجلس الحكومي المصغر، وأطلعهم عليها بدوره".
وكشفت المصادر المصرية عن رد حماس بشأن الرفض الإسرائيلي لإطلاق سراح من تصفهم تل أبيب بـ"الملطخة أيديهم بالدماء"، قائلة إن "المسؤولين في حماس قالوا إن الأسيرين الجندي أورون شاؤول والضابط هدار غولدن، تم أسرهما من داخل حدود الأراضي المحررة في معركة عسكرية، قاما خلالها بالطبع بقتل فلسطينيين، فبهذا المنطق نقول إننا لن نسلمهما".
وأشارت إلى أن الزيارة الأخيرة لبينيت إلى شرم الشيخ ولقاء السيسي، الأسبوع الماضي، ربما تكون أسفرت عن تعهدات مصرية، بضبط الوضع الأمني على الحدود، ومنع تسرب الأسلحة والذخائر إلى القطاع، وكذلك تشديد الرقابة المصرية على معبر رفح، بحيث يتم منع إدخال المواد التي من شأنها مساعدة الحركة على إعادة بناء قوتها. وأوضحت أنه "تم التوافق فيما يخص تلك الجزئية بالتحديد على آلية تنسيق بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، يتم بموجبها مراجعة عمل المعبر والمواد التي تدخل من خلاله إلى القطاع، بشكل يحافظ على عدم تعاظم قوة حماس". وكشفت أن الآلية التي تم التوافق على خطوطها العريضة، خلال زيارة بينيت لشرم الشيخ أخيراً، بحيث يتم استكمال تصورها بالكامل بشكل لاحق، ستؤدي إلى زيادة التنسيق الأمني بين الجانبين بشأن ملاحقة العناصر المتطرفة في المناطق الحدودية، وبحث زيادة أعداد القوات المصرية المتواجدة في سيناء
وفي هذه الأثناء، وصل وفد هندسي مصري إلى غزة عبر معبر رفح البري، بهدف التنسيق مع عدد من الجهات في القطاع بشأن مجموعة من الترتيبات الخاصة ببدء عمليات بناء بعض المرافق، ضمن المبادرة المصرية لإعادة إعمار القطاع التي أعلنتها القاهرة في وقت سابق.
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، قال، مساء الخميس الماضي، إن "المرحلة الأولى من إعادة إعمار قطاع غزة، الذي تعرّض لأضرار جسيمة بعد الهجوم الإسرائيلي في أيار/مايو الماضي، شارفت على الانتهاء". وأوضح أن "العملية تضمنت إزالة الأنقاض، والحطام الناتج عن الدمار الناجم عن القصف الجوي لغزة" من جانب إسرائيل. وأضاف: "هناك جهد يبذل لاكتشاف أفق سياسي يفتح نافذة جديدة للسلام بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، إلى جانب إعادة الإعمار التي تقودها مصر".
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه بينيت إن ملف إعمار غزة غير مرتبط بإعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع، لافتاً، في تصريحات إعلامية أخيراً، إلى أنه "يجب الفصل بين هذين الملفين، ويجب التعامل مع قطاع غزة بحكمة".
وقال مسؤولون سياسيون إسرائيليون، غداة لقاء السيسي وبينيت، اليوم، إنه في إطار صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، لن توافق إسرائيل على الإفراج عن أسرى فلسطينيين أدينوا بتنفيذ عمليات قُتل فيها إسرائيليون، "لكن سنبدي ليونة كبيرة في المفاوضات".