لماذا يستهدفون الرئيس محمود عباس؟ د. أحمد رفيق عوض

الأحد 19 سبتمبر 2021 11:08 ص / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا يستهدفون الرئيس محمود عباس؟ د. أحمد رفيق عوض



الكاتب هو رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس

هذا الدلع الذي تحظى به حكومة إسرائيل الحالية فلا أحد يضغط عليها أو يثقل عليها بالمطالب بسبب هشاشتها المزعومة، وهذا التفهم العجيب من مختلف الأطراف لموقفها الرافض للتسوية أو الحوار بسبب ما يقال عن أيدولوجيتها المتطرفة، فلم يبق أمام المجتمع الدولي والاقليم العربي  من خيارات سوى تعديل المواقف لترضي اسرائيل بالنزول عن الشجرة أو الهرولة من فوق المئذنة، ولم يبق سوى أن يغرى نفتالي بينت بكل ما يريد ليلمع زعامته ويضمن الانتخابات القادمة، فقد حصل هذا اليميني المستوطن على كل ما يريد حتى الآن، من اندماج ودمج وهيمنة، ولهذا لم يجد حرجاً أن يرفض الحوار مع الرئيس محمود عباس، ولم يجد حرجاً هو ومن يشاركه الحكم في رفض الدولة الفلسطينية وتأكيد خيارهم بدولة احتلال واحدة عنصرية، ولكنها ومن باب الخداع الكبير والايهام المستمر تقدم حكومة بينيت للفلسطينيين حزمة تسهيلات اقتصادية، وللعلم فقط، فإن هذه التنازلات عادة ما تلقيها اسرائيل للشعب الفلسطيني عندما تضطر ان تجامل هذا الطرف او ذاك، او عندما تريد ان تحرف الانظار عن التسوية او ان تغرق الفلسطينيين في خلافات داخلية حول رفض هذه التنازلات او قبولها، او من اجل سحب ذرائع وحجج واسباب الغضب المدمر.

اذن، هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تحظى بكل ما تريد، من الدلع والتفهم والاندماج والهيمنة وحتى قدرتها على البقاء والاستمرار بسبب الدعم الامريكي وغيره، انما تربط ما بين هذه "التنازلات" وبين الهجوم الشخصي على السيد الرئيس محمود عباس. ولا يخفى على أحد أن هذا الهجوم له أسباب واضحة، فما يقف وراء هذا الهجوم هو رغبة اسرائيل بعدم الدخول في مفاوضات حقيقية لها سقف او شرط سياسي، كما أنها تريد تفجر الوضع الداخلي الفلسطيني بسؤال الوراثة وخلافه، كما أنها ترمي بقنابل دخان كثيرة تعمي الأنظار بما فيها الأمريكية عن ضرورة الذهاب الى تسوية من منطلق ان الفلسطينيين منقسمون على أنفسهم وان رئيسهم غير ذي علاقة. ان ترافق ما تدعيه إسرائيل من حوافز اقتصادية وما تقوم به من استهداف الرئيس عباس انما يعكس عمليات الخداع والالاعيب السياسية المكررة طيلة ٥٤ سنة من احتلال مقيت، ولأنه من اوقح احتلالات التاريخ فهو يقتلك ولكنه ينعك من البكاء ولا يكتفي بذلك بل هو الذي يركب سيارة الاسعاف الى المستشفى ويدعي انه ضحية اصيبت بنكسة نفسية.

ان سياسة التدليع والتفهم واعطاء حكومة بينيت الوقت الكافي لنزع الالغام الداخلية ومنع عودة نتنياهو الى الحكم لا يعنينا نحن كفلسطينيين، وان من الواجب حقا ان لا يكافأ بينيت على مواقفه وان يدفع ثمن هذا الاندماج المجاني، لأنه من الواضح ان عمليات التطبيع والدمج والاندماج والهيمنة تجري على قدم وساق دون جهد حقيقي للتوصل الى تسوية سياسية مقبولة على الاقل. ان استهداف الرئيس خطير وقد يعني ان اسرائيل تريد ان تفجر الاوضاع الفلسطينية داخليا حتى تنجو او تتخلص من عبء الكلام او الضغوط للدخول في تسوية لا ولم تستعد لها حاضرا أوفي مستقبل الايام. المطلوب من الاقليم العربي ان يضغط من اخل     "جرّ"  بينيت ورجاله الى واقعية حقيقية، وليست مجرد الاستمرار في سياسة التدليع والتفهم انتظاراً لتغيرٍ لن يأتي على الاطلاق.