قال محمود الزهار، عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن التصعيد الشعبي الميداني مؤخراً في قطاع غزة يأتي للضغط على إسرائيل من أجل وقف "جرائمها" بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف الزهار في حديث خاص لـ "الأناضول"، إن حركته "لا تعمل من أجل اندلاع حرب، ولكن يتم التصعيد على المستوى الشعبي الميداني نتيجة تضييق إسرائيل الخناق على غزة، ومساسها بالأمور الحياتية كالغذاء والماء والكهرباء".
واستبعد الزهار شنّ إسرائيل حرب جديدة على القطاع حالياً، وقال "التقدير العام بأن إسرائيل لن تُقدم على مغامرة جديدة (..) وهي لا ترى أن جولة تصعيد جديدة يمكن أن تنقذها".
واستدرك بالقول إن "إسرائيل غير مأمونة الجانب، لكننا على قناعة بأنهم لن يغامروا بإدخال المنطقة في حرب جديدة، بينما لم يرمّموا بعد آثار الدمار الذي أصابهم في العدوان الأخير (الحرب الإسرائيلية في مايو الماضي)".
واعتبر الزهار أن "ما جرى خلال الحرب (من أضرار لحقت بإسرائيل) لم يحدث في تاريخ الكيان الإسرائيلي".
وتابع "تصريحاتهم الأخيرة تشير إلى أنهم (قادة إسرائيل) يدركوا بأن قدرات (حركة) حماس والمقاومة لم تتأثر خلال الحرب، بل ويمكنها تحقيق إنجازات أكبر مما حُققت".
وعادت الفصائل الفلسطينية، مؤخرا، لتنظيم مهرجانات قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة.
كما استأنف نشطاء إطلاق بالونات حارقة، انطلاقا من القطاع، تتسبب باندلاع حرائق في المناطق الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
وفي 10 مايو/ أيار الماضي، شنت إسرائيل عدواناً على قطاع غزة استمر 11 يوماً، وأسفر عن استشهاد 260 فلسطينياً وإصابة الآلاف، فيما ردت فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق مئات الصواريخ على المدن والتجمعات الإسرائيلية، نجم عنها مقتل 13 إسرائيلياً وإصابة المئات.
**مشروع "المقاومة"
وحول مشروعية المقاومة، أكد الزهار أن من حق الفلسطيني في أي مكان أن يدافع عن نفسه بكل الوسائل، "وإذا فشلت الوسائل السلمية فمن حقنا أن نتسلح بما يمكن للدفاع عن أرضنا ومقدساتنا".
وأردف "إسرائيل لديها قنابل نووية، فهل من المنطق أن يُحرم الفلسطيني من حمل البندقية للدفاع عن نفسه؟ خاصة أن السلطة الفلسطينية تخلّت عن هذه المهمة، ووقفت عند مبدأ خاطئ وجريمة اسمها التعاون الأمني مع إسرائيل".
واعتبر الزهار أن مشروع حركة حماس هو مشروع مقاومة للاحتلال الإسرائيلي وليست مشروع حرب، "فالحرب أداة من أدوات المقاومة، والحركة تعمل منذ انطلاقتها في مشروع المقاومة المُدافع عن الشعب الفلسطيني".
وتابع "لا نرغب في حروب عشوائية، لكننا نريد حرباً نهائية تُحرر أرضنا كما حررت كثير من الدول المستعمرة أرضها بالمقاومة.. ونحن نُجهز أنفسنا لذلك".
وأكمل "خلال في المعركة (الحرب الإسرائيلية) الأخيرة، استطعنا أن نُقدم نموذجاً في كيفية إيلام العدو، وكيف يمكن أن نحرر فلسطين إذا توفرت الظروف المناسبة".
وحول انتظار قرارات المحاكم الإسرائيلية بخصوص طرد العائلات الفلسطينية من منازلها بحي الشيخ جراح في القدس المحتلة، اعتبر الزهار أن تلك القرارات "سياسية ومُنحازة لأجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية".
وأضاف "هذه القرارات لا نحترمها ولا نضعها في حساباتنا، ونحن لن نفرط في حقنا في الدفاع عن أبنائنا الفلسطينيين في الأراضي المحتلة".
**تبادل الأسرى
وفيما يتعلق بمفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، أكد القيادي البارز بالحركة أن الحراك بهذا الشأن مستمر، ولكن "حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي".
وأوضح الزهار، أن حركته تضغط في اتجاه أن يكون التبادل عن طريق مفاوضات ووسيط مقبول من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل.
وأكد أنه "لا سبيل لتحرير أسرانا إلا بصفقة تبادل الأسرى كما جرى في صفقة شاليط عام 2011".
وأشار الزهار إلى أن "اعتماد إسرائيل على حُسن النوايا هو اعتماد خاطئ، كما أن انتظار التدخلات العربية أو الغربية دون الخوض في مفاوضات تبادل حقيقية قد ثبت فشله".
وتتوسط مصر بين إسرائيل و"حماس" لتبادل 4 جنود إسرائيليين محتجزين في غزة منذ عام 2014، بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وبهذا الصدد، قال الزهار إن إسرائيل حالياً "تلعب لعبة الأمن وتبذل جهوداً استخبارية، مُعتقدة أنها يمكن أن تحصل على أسراها بدون ثمن".
وأضاف "نحاول أن نحافظ على ما بين أيدينا (الجنود الإسرائيليين)، وإذا توفرت لنا فرصة أخرى لزيادة عددهم، سنفعل".
وكشف الزهار أن حركته قدّمت للوسطاء قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين المطلوب الإفراج عنهم، وفي مقدمتهم أصحاب المحكوميات العالية وأحكام المؤبد، والأسرى المرضى، مُشيراً إلى أن القائمة ليست ثابتة أو نهائية.
وأوضح أنه يتم التواصل مع الأسرى داخل السجون، في تحديث القائمة وتعديلها.
ورفض الزهار الكشف عن الحالة الصحية للجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة، أو الإفصاح عما إذا كانوا أحياء أم جثث لأموات، مكتفياً بالقول: "لا نعطي أية معلومات بهذا الشأن".
**التطبيع مع إسرائيل
وفي سياق آخر، رحّب عضو المكتب السياسي لحماس بأية جهود للمصالحة والتقارب ما بين الدول العربية، نافياً أن يكون لدى حركته تخوفات من أية تداعيات لذلك.
وأوضح الزهار، أن الأمر الوحيد المرفوض هو احتمالية أن يساهم هذا التقارب في انزلاق مزيد من الدول العربية إلى مسار التطبيع مع إسرائيل.
وقال الزهار "لا مصلحة لدينا في استمرار القطيعة بين الدول العربية، ونرحب بكل الجهود التي تسعى للمصالحة وإعادة التقارب".
واستدرك "لكن في ذات الوقت، لا نقبل للدول التي تساند الشعب الفلسطيني بأن تنفصم عن تاريخها لتنضم إلى دول التطبيع، وتصبح أدوات إضافية للضغط على الفلسطينيين".
ولفت إلى أن المطلوب من الدول التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل أن تتراجع عن ذلك، وأن تعود لمساندة الشعب الفلسطيني.
وخلال العام الماضي، قررت أربع دول عربية، هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.