صحيفة عبرية: هذا ما يواجهه العمال الفلسطينيون في مكاتب التشغيل الإسرائيلية داخل القدس

الخميس 12 أغسطس 2021 07:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: هذا ما يواجهه العمال الفلسطينيون في مكاتب التشغيل الإسرائيلية داخل القدس



القدس المحتلة / سما /

هآرتس - بقلم: نير حسون       "طوابير طويلة ونقاط تسجيل تعطي بطاقات باللغة العبرية فقط ووقت انتظار طويل وقوفاً في الحر والاكتظاظ، كل ذلك هو من نصيب سكان شرقي القدس الذين يتوجهون إلى مكتب العمل المحلي. قبل أسبوع، ذهب باحثون من جمعية العمال “معا” إلى مكتب العمل في شارع يافا في غربي القدس، ومكتب العمل في واد الجوز شرقي المدينة. توجه الباحث ايرز فغنر، إلى غربي المدينة ووصل المكتب في الساعة الثامنة و41 دقيقة. بعد ست دقائق، كان يقف أمام نقطة التسجيل، وانتظر في قاعة مكيفة فيها مراحيض ومياه باردة. في الساعة 10:20 دقيقة، أي بعد ساعة و40 دقيقة على وصوله، خرج فغنر من المكتب بعد أن قابل الموظف.

في ذاك الصباح وصلت الباحثة رزان مشاهرة، إلى المكتب في شرقي المدينة. تقدمت من نقطة التسجيل التي تقع خارج المكتب لأخذ بطاقة انتظار. الشاشة تسمح بتغيير لغة القائمة إلى العربية، لكن البطاقة باللغة العبرية. تقدمت مشاهرة مع بطاقتها للفحص الأمني وانتظرت 35 دقيقة. بعد الانتظار، تم إدخالها إلى ساحة داخلية غير مكيفة ومشتركة مع خدمة التشغيل ومع مكتب السكان التابع لوزارة الداخلية. ورغم أن كل شخص يحصل على بطاقة مع رقم، فإن من يترك الطابور لغرض الشرب من ماكينة مياه الشرب أو الذهاب إلى الحمام سيفقد دوره. لأن البطاقة تعطي فقط حق الدخول من الساحة إلى المكتب، لكن الطابور نفسه غير مرقم.

الانتظار في الساحة يكون بوقوف مكتظ. “الساحة مقسمة بواسطة حاجز من الحديد ينظم الطابور”، قالت مشاهرة. ” كان الوضع في الطابور إلى المكتب مكتظاً جداً، ووقف الناس متلاصقين. كان هناك اكتظاظ وحر، وقد حشر فيه مئات الأشخاص. لم أشاهد أي لافتات في المكان تبين كيفية الوقاية من كورونا أو التوجه إلى التدريبات المهنية أو الحصول على شرح ما. ولكن كانت هناك لافتة تمنع التصوير. بعد 40 دقيقة من الانتظار في الساحة المكتظة والحارة، أرادت مشاهرة الذهاب إلى الحمام. ناديت على الحارس، وقال لي بأني يمكنني ذلك، لكنه لن يحفظ لي دوري في الطابور”، قالت. “توجهت إلى الأشخاص وطلبت منهم الحفاظ على دوري كي لا أفقده. ولحسن حظي أنهم استجابوا لي. خرجت من الطابور الذي يقع بين الحواجز، وفي المدخل (إلى قاعة يمكن الذهاب منها إلى المراحيض) طلب مني الحارس إعطاء بطاقة الهوية مقابل إدخالي”.

في الوقت نفسه، تم إخلاء امرأة من الطابور شعرت بالسوء. بعد انتظار ساعتين و40 دقيقة في الطابور، أدخلت مشاهرة إلى ممر، وانتظرت هناك نصف ساعة. “الحارسة نادت على الناس بالأرقام، لكن ليس حسب رقم معين، بل حسب مئات”، قالت. “كل من هم بين الرقم 600 – 699 عليهم الدخول إلى موظف معين. الحراس يتحدثون العبرية فقط. الناس لا يعرفون ما قيل. عندها بدأت أترجم لهم”. في الساعة 12:30، تقريباً بعد أربع ساعات على وصولها، استقبلتها الموظفة.

هذه الشهادة تضاف إلى شهادات كثيرة أخرى عن الاكتظاظ والظروف القاسية في المكتب الموجود في شرقي المدينة. أ. من سكان شرقي القدس، ابن 45 سنة، وقف في الأسبوع الماضي ساعتين ونصفاً في الطابور بساحة غير مكيفة. “كان هناك الكثير من الأشخاص الذين لم يكن حتى بينهم مسافة 1سم”، قال. “بعضهم كانوا يرتدون الكمامات. أخاف من كورونا، لي أولاد وزوجة في البيت. وضعت الكمامة، لكنها من شدة الحر بللها العرق. استند الناس علي ودفعونني. شعرت وكأنني سمكة في علبة سردين أو خيارة في علبة مخلل. جلست في البيت مدة سنة ونصف بدون عمل بسبب كورونا، والآن يطلبون مني المجيء إلى مكتب التشغيل ويضعونني في حضن كورونا نفسها”.

وقال مواطن آخر: “الطابور نفسه كان مكتظاً جداً، وتدافع الناس، وكان يصعب عليهم التنفس والوقوف. شعرت بعدم الراحة لأنني سأتدافع مع نساء ومسنين مثل السردين. لا مياه أو هواء. وإذا خرجت من الطابور سأفقد دوري؛ لأن ماكينة المياه الباردة كانت على بعد عشرة أمتار وكان علي الخروج من الطابور للشرب”.

في الرسالة التي أرسلها فغنر والمحامية عبير جبران دكوار، من جمعية حقوق المواطن، إلى سلطة التشغيل، تم تفصيل القصورات في المكتب بشرقي المدينة. “الاكتظاظ ووقت الانتظار الطويل غير المعقول للحصول على خدمة في مكتب العمل في وادي الجوز، لا تمس فقط بحقوق سكان شرقي القدس الأساسية، بل تحول أيضاً مكتب العمل في شرقي القدس إلى أرض خصبة لتفشي كورونا”، كتب في الرسالة. جمعية حقوق المواطن وجمعية “معا” تتابعان استئنافين في المحكمة العليا حول الظروف داخل المكتب. يتناول الاستئناف الأول فهم اللغة، ويتناول الثاني مشكلة وقت الانتظار ونقاط التسجيل.

أزمة كورونا ضربت التشغيل داخل القدس بشدة، وزادت من الاكتظاظ في المكتب شرقي المدينة. تم تسريح الكثير من العمال الفلسطينيين داخل القدس في إجازة بدون راتب، قبل إقالتهم، بسبب تدهور فرع السياحة وفرع التمريض في المدينة عقب وقف الرحلات الجوية. حتى الآن هناك أكثر من 18 ألف طالب عمل فلسطيني في القدس، وهو رقم أكبر بمئات النسب المئوية مما كان في الفترة التي سبقت كورونا.

من سلطة التشغيل وردنا: “التفويض القانوني الذي بحسبه تعمل سلطة التشغيل في الأوقات العادية، وبالأحرى في أوقات الأزمات، هو إعادة طالبي العمل إلى دائرة العمل بصورة فاعلة. منذ اندلاع أزمة كورونا، تسير سلطة التشغيل إلى جانب توجيهات وزارة الصحة و”كابنت كورونا”، للتمكين من تطبيق تفويضها وطبقاً لتوجيهات الحكومة في نضالها بهدف خفض الإصابة. في سنة كورونا، فتحت سلطة التشغيل وأغلقت مكاتبها أمام استقبال الجمهور إزاء قرارات الحكومة بخصوص البطاقة الزرقاء. وإزاء ارتفاع عدد الإصابات الآن، تسعى سلطة التشغيل إلى تقليص عدد من يأتون إلى مكاتبها، باستثناء من يحتاجون حقاً لهذه الخدمة. إلى جانب ذلك، يأتي طالبو العمل إلى مكتب العمل في حالات كثيرة رغم أنه لم يطلب منهم المجيء. وهذا الواقع يزيد الاكتظاظ في المكاتب.

“بناء على ذلك، اتخذت سلطة التشغيل عدة نشاطات لتنظم الاكتظاظ، عن طريق تمديد زمن الاستقبال. وفي الوقت الحالي، ترسل سلطة التشغيل رسائل قصيرة لمئات آلاف طالبي العمل المسجلين لديها وتقترح عليهم تحديد وضعهم التشغيلي بعملية رقمية بسيطة يمكن لأي شخص أن يقوم بها، من أجل تقليص عدد الذين يأتون إلى المكاتب ودون المس بجهود السلطة لإعادتهم إلى دائرة العمل بشكل فعال. في موازاة ذلك، تفحص سلطة التشغيل أدوات أخرى تمكن من إعادتهم إلى العمل، إضافة إلى الحفاظ على صحة الجمهور بالحد الأقصى”.