صحيفة عبرية: “أزمة البوظة”.. بين صورة إسرائيل عالمياً وآثار “البيبية”

الإثنين 26 يوليو 2021 08:18 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: “أزمة البوظة”.. بين صورة إسرائيل عالمياً وآثار “البيبية”



القدس المحتلة /سما/

معاريف - بقلم: نداف تمير  مدير عام جي.ستريت إسرائيل

اعتقدت ببراءتي أن رحيل نتنياهو عن كرسي الحكم سيخفف ميل إدخال الدولة في حالة هستيريا عقب تهديدات وهمية أو مبالغ فيها لشطب تحديات الدولة الحقيقية عن جدول الأعمال. لأسفي الشديد، يظهر رد فعل حكومة التغيير على تهديد البوظة أننا لم نتخلص بعد من البيبية وتأثيرها السام على الرأي العام.

لقد فشلت الـ BDS فشلاً ذريعاً في محاولة المس باقتصاد إسرائيل. فالاقتصاد الإسرائيلي أقوى من أي وقت مضى لوجود طلب على حداثة ودينامية القطاع الخاص الإسرائيلي في كل العالم. ولكن الـ BDS نجحت في نزع ردود فعل هستيرية من حكومات إسرائيل تهدد علاقة إسرائيل بالجماهير الأهم لنا في الجانب الليبرالي والتقدمي من الرأي العام العالمي. بخلاف الشكل الذي يعرض فيه اليمين التقدميين ككارهي إسرائيل، فإن حالة “بن آند جري” تمثل العكس تماماً.

بن كوهن، وغري غرينفلد اللذان أسسا كبرى شركات البوظة، هما يهوديان من فيرموند، نجحا اقتصادياً، ولكنهما لم يهجرا قيمهما التقدمية. فإلى جانب التزامهما في العدالة الاجتماعية وبحماية البيئة، قررا إقامة أحد مشاريعهما الأولى خارج الولايات المتحدة – في إسرائيل بالذات. وقد رأيا في إسرائيل تجسيداً للقيم والوعد بإصلاح العالم. وحتى بعد أن تغيرت إسرائيل بسبب الاحتلال المتواصل وابتعاد حكومات إسرائيل الأخيرة عن القيم الليبرالية لإعلان استقلالنا، لم يستسلم الرجلان لضغط الـ BDS بمقاطعة إسرائيل وأقاما خطاً واضحاً بين إسرائيل في حدودها الأصلية وتلك التي خلف الخط الأخضر.

هذان الرجلان مثال على الأغلبية الساحقة من يهود الولايات المتحدة، الذين يبتعدون عن إسرائيل ليس بسبب الـ BDS بل لأن إسرائيل تبتعد عن قيمهم. أولئك اليهود يعبرون عن انتقادهم الذي ينبع في الغالب من قلق عميق على مستقبل الدولة القومية للشعب اليهودي. وكمن يعارض المقاطعات، لأني لا أرى فيها أداة تفيد هدف تحقيق حل الدولتين والحقوق التي يستحقها الإسرائيليون والفلسطينيون، فإن أعارض المحاولة الإسرائيلية لمنع حرية التعبير بقدر لا يقل عن أولئك الذين يختارون هذه الوسيلة التي هي شرعية وغير عنيفة على نحو ظاهر.

إن ردود الفعل الشرطية التي تتبعها حكومات إسرائيل على النقد وعلى الـ  BDS تمنح الـ BDS انتصاراً هائلاً؛ لأن الليبراليين الأمريكيين يرون في المس بحرية التعبير مساً بإحدى القيم الأكثر قدسية في الديمقراطية الليبرالية.

لقد رأى نشطاء الـ BDS كيف أن وزارة الشؤون الاستراتيجية التي أغلقتها الحكومة الجديدة تبنت أنظمة عسكرية كي تتصدى لتحدٍ ينبغي التصدي له بالحوار وبتجسيد القيم الليبرالية لدولة إسرائيل ومؤيديها. لا شك أن نشطاء الـ BDS يفركون أياديهم فرحاً الآن، لأن الحكومة الجديدة تبين أيضاً أنها تعمل بشكل يدفع بمؤيدين جدد إلى أذرعهم، ويبتعدون عن إسرائيل لأنها تشتمهم وتحاول كمّ أفواههم.

الصحوة ليست متأخرة، وهذه الحكومة الجديدة جلبت روحاً جديدة؛ فقد جددت منظومة العلاقات الحميمة مع الإدارة الأمريكية، التي تسمح بالبحث بشكل بناء في الاختلافات والتأثير بقدر أكبر بكثير. وهي تجدد العلاقة مع التيارات غير الأرثوذكسية في اليهودية، وتجدد العلاقة مع الدول الليبرالية في أوروبا وخطاب وزير الخارجية الجديد يئير لبيد في موضوع اللاسامية أظهر نهجاً منعشاً لمن يدرك أن سبيل مكافحة اللاسامية هو في خلق تحالف واسع مع الآخرين في العالم ممن يعانون من العنصرية وكراهية الأجانب، وليس الإصرار على أن الكراهية تجاهنا هي الوحيدة التي ينبغي الاهتمام بها. إن طريق العمل حيال الـ BDS لا يكون بالمقاطعات المضادة، ولا تجاه جهات تهمها صورة إسرائيل. إنها لخسارة أن تعيدنا أزمة البوظة إلى أنماط قديمة لسهتيريا زائدة.