قال مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في الأراضي الفلسطينية المحتلة عمر شاكر، إن السلطة في رام الله غير جادة بالتحقيق في جريمة قتل الناشط السياسي نزار بنات، مؤكدًا أن المطلوب هو قيام المجتمع الدولي بفتح تحقيق مستقل في الجريمة.
وأضاف شاكر، إذا لم تقُم السلطة بمحاسبة المتورطين في جريمة القتل أو إن كان هناك تشكيك في نتائج التحقيق، "فإنه من المهم جدًّا فتح تحقيق مستقل".
وأشار إلى أن سنوات التجارب من العمل في أراضي السلطة الفلسطينية يستدعى وجود تحقيق من جهة دولية.
وتابع: السلطة أصبحت دولة "بوليسية"، وهذا أمر خطر لكونها تحت احتلال إسرائيلي، وإن التنسيق الأمني يساعد ويؤدي دورًا في جرائم الاضطهاد، "وقد تكون أجهزة السلطة متورطة بجرائم ضد الإنسانية".
ونبه إلى أنه "من دون شك فإن اغتيال الناشط السياسي وسوء المعاملة ضد المتظاهرين في رام الله أوضحت حقيقة وضع الحريات في فلسطين وحقوق التعبير عن الرأي، خاصة أن المسؤولين الفلسطينيين يقفون على منبر الأمم المتحدة ويتحدثون عن حقوق الفلسطينيين وفي الوقت نفسه هناك قمع من قبل السلطة الفلسطينية بحق المتظاهرين".
وتابع شاكر: "حاليًّا المجتمع الدولي يركز على الحقوق ومدى وجود مساحة حرية التعبير في الساحة الفلسطينية خاصة للمعارضين والصحفيين والناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان".
ضغط مهم
وذكر الحقوقي الدولي أن هناك ضغطًا ونقاشًا وصفه "بالمهم" في أوروبا وأمريكا؛ لعرقلة تمويل أجهزة السلطة المتورطة في انتهاكات خطرة، متمثلة بالتعذيب والاعتقالات التعسفية.
واستدرك: "الاحتلال ما زال موجودًا، ومقدرة السلطة محدودة، ورغم ذلك توجد دولة بوليسية.. إذا واصلت السلطة نهجها أتوقع أن الضغط سيتركز على التمويل أكثر من أي وقت مضى في السنوات الأخيرة".
واستطرد: "هناك نقاش لدى العالم يتمحور حول وجود دور آخر للسلطة غير القمع ضد الفلسطينيين، وهناك نقاش إذا كانت تؤدي دورًا سلبيًّا أم إيجابيًّا".
وعن واقع الحريات بالضفة، رأى شاكر أنه لا يوجد حرية تعبير بشكل حقيقي ولا يوجد مساحة للنقد والمعارضة ضد السلطة وسياساتها، وإن أي شخص يخرج بمظاهرة أو يكتب على المواقع الإلكترونية فإنه يُقمع، "وهذا يعني أن السلطة الفلسطينية وصلت لمرحلة أصبحت فيها دولة بوليسية من دون سلطة حقيقية أو بسلطة محدودة الصلاحية، وهذا خطر لكونها تحت احتلال".
وأشار إلى تقرير أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" طالبت فيه بوقف تمويل جهاز المخابرات والأمن الوقائي واللجنة الأمنية المشتركة في الضفة الغربية لارتكابهما جرائم وانتهاكات ضد حقوق الإنسان.
وأوضح: "لكن أغلب البلدان بررت عدم وقف التمويل أن انتهاكات السلطة لا تقارن بالانتهاكات الموجودة بالشرق الأوسط وأنها ليست بنفس الدرجة، وأن السلطة مهمة في عملية التسوية وحل الدولتين".
وقال: "أما حاليًّا فالنقاش بدأ يتغير ويتمحور حول إن أصبح سلوك السلطة مثل الأنظمة الديكتاتورية، ومدى احترام القوانين الدولية، لأنه لا يمكن دعم قوة كل أسلوبها يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان".
استراتيجية واحدة
وأقر مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في الأراضي الفلسطينية بوجود قمع للحريات في الضفة، مستغربًا تصريح رئيس الوزراء برام الله محمد اشتية الذي خرج وتعهد بأنه سيحترم حرية التعبير عامةً وحق المتظاهرين بالتجمع السلمي، "وفي الليلة نفسها التي صرح فيها تقوم السلطة باعتقالات للناس وللمدافعين عن حقوق الإنسان".
واعتقد أن "هناك خطة واستراتيجية ممنهجة وحملة ضد نفس الأشخاص والنشطاء الفلسطينيين من قبل الاحتلال والسلطة".
ولدى سؤاله عن سلوك السلطة في التعامل مع جريمة قتل بنات، قال: "واضح أن السلطة تحاول تغيير الموضوع وحرف الأنظار.. يريدون تغيير تركيز المجتمع الفلسطيني كأنه شيء خطأ حدث ويجب أخذ خطوة للأمام".
وأضاف شاكر: "بالنسبة للشعب الفلسطيني فهو يريد إيجاد محاسبة حقيقية، بخلاف حادثة قتل أحمد أبو حلاوة فلم يكُن هناك محاسبة بعد عقد لجنة تحقيق ولم توجه تهم أو حكم ضد المتهمين في جريمة التصفية والتعذيب لأبو حلاوة في أثناء اعتقاله".
وأكد أن الحل يتمثل بوجود تحقيق دولي مستقل يؤدي إلى محاسبة مرتكبي جريمة قتل بنات، وأنه "يمكن للأمم المتحدة أن تتولى من خلال المفوض السامي، وكذلك المدافعون عن حقوق الإنسان يمكن أن ينفذوا تحقيقًا، وهذا يتطلب قدومهم لفلسطين".
ولفت إلى أن (إسرائيل) تمنع ممثلين عن الأمم المتحدة من الدخول للأراضي المحتلة، مبينًا وجود مشكلة تتعلق بفتح تحقيق دولي مستقل بمقتل بنات إن كانت (إسرائيل) ستسمح لممثلي الأمم المتحدة بالدخول لفلسطين.
"فلسطين" سألت شاكر: كيف يمكن أن تساعد الأمم المتحدة ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" في وقف انتهاكات السلطة بحق المعتقلين السياسيين، فأجاب: عام 2018 وثقت المنظمة انتهاكات السلطة وأصدرت تقريرًا من 147 صفحة ودائمًا تتحدث عنه في أوروبا وأمريكا والبلدان الممولة للسلطة.
وشدد على أن استمرار الوضع الحالي يحتم على تلك الدول تغيير سياساتها تجاه السلطة من عدة نواحٍ: التمويل والتعاون المتبادل والتركيز على الحريات وحقوق الإنسان.
التنسيق الأمني
وحول موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إزاء سياسة الفصل العنصري التي يمارسها الاحتلال، أكد أن منظمته طالبت بفتح تحقيق دولي بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الفصل العنصري.
وذكر أنه جرى فتح تحقيق دولي في شهر مايو/ أيار من قبل الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بجنيف، لا يركز على العدوان على غزة وما جرى بشرقي القدس فقط بل على التمييز ضد الفلسطينيين، "وهذا التحقيق رسمي هدفه التركيز على جرائم الاضطهاد العنصري".
وتطرق شاكر إلى التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، لافتًا إلى أن "هيومن رايتس ووتش" وثقت جرائم ضد الإنسانية من فصل عنصري واضطهاد في الأراضي المحتلة.
وختم: "التنسيق الأمني يساعد ويؤدي دورًا بجرائم الاضطهاد وقد تكون أجهزة السلطة متورطة بجرائم ضد الإنسانية وتؤدي دورًا في قمع الشعب الذي يتحدثون باسمه في المنابر الأممية والدولية"، مؤكدا أن "هيومن رايتس ووتش" تعدُّ هذه "انتهاكات خطرة يجب أن تتوقف".