معاريف : على شفا المواجهة مع غزة

السبت 10 يوليو 2021 11:47 ص / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف : على شفا المواجهة مع غزة



غزة/ترجمة اطلس للدراسات/ بقلــم: تل ليف - رام

مر نحو شهرين على انتهاء حملة "حارس الاسوار" في قطاع غزة. من يريد أن يصف بسطور قليلة ولا لبس فيها الوضع في القطاع ويجمل نتائج الحملة - سيجد على ما يبدو صعوبة في ايجاد الاجوبة. غزة هي مشكلة معقدة، وعلى الاقل في هذه المرحلة يبدو أن الحملة الاخيرة هي مجرد جملة صغيرة. ففي الاسبوع الماضي ايضا واصلت قيادة المنطقة الجنوبية اجمال الحملة الاخيرة، استخلاص الدروس والتخطيط للمعركة القادمة التي باتت على الاعتاب.

بعد الحملة الاخيرة كان الجيش مطالبا بخطط جديدة، وقريبا - بعد مرحلة جمع الاهداف وإنعاش الأنظمة القتالية، ستعلن قيادة المنطقة الجنوبية عن الاستعداد للدرجة أ، التي هي عمليا اعلى مستوى من الحملة الاخيرة وتتضمن ايضا خططا لأعمال برية للكتائب المناورة.

غزة، كالمعتاد، لا يفترض أن تكون في مركز الاهتمام من ناحية دولة إسرائيل. فهي بالتأكيد ليست التهديد المركزي ولا التهديد الاخطر. ولا حتى في الساحة الفلسطينية. من أصل اعتبارات عديدة في القيادة في إسرائيل كانوا يفضلون ازالة الاشغال المركزي في قطاع غزة عن جدول الاعمال ولكن مثلما هو الحال دوما تقريبا، فان امكانية التصعيد في القطاع هو الاكثر اهمية وفورية. من ناحية جهاز الامن، فان على التركيز ان يكون على إيران - برنامجها النووي وأذرعها الأخطبوطية التي تطلقها في ارجاء الشرق الاوسط. مسألة دراماتيكية اخرى ترتبط بجارنا من الشمال. اقترح وزير الدفاع بيني غانتس هذا الاسبوع مساعدة انسانية للبنان. ولكن في مثل هذه الخطوة لا يوجد اي احتمال - حتى لو كان عنوان للحكم اليوم في لبنان، وبالتأكيد ليس في الفوضى السلطوية الحالية. في الوضع اللبناني المضطرب فان صاحب الكلمة هو من يمسك بالقوة العسكرية. ومن ناحية إسرائيل فان الخطر الفوري هو ان يعمق حزب الله وإيران سيطرتهما في لبنان أكثر فأكثر. كما أن جهاز الامن ملزم بان يأخذ بالحسبان الامكانية المعقولة دوما في الشرق الاوسط: في حالة احتدام آخر في الوضع الداخلي من شأن حزب الله ان يوجه صمامات الضغط في اتجاه إسرائيل. اضافة الى هاتين المسألتين، تتجه العيون الإسرائيلية ايضا الى الساحة الفلسطينية والى شرقي القدس. في هذه الاثناء يبدو أن الحل الوسط لأفيتار والذي تحقق الاسبوع الماضي انزل قليلا مستوى التوتر في المنطقة. في الاشهر الاخيرة وان كان ارتفاع في حجوم الارهاب ولكن الحقيقة هي ان القصة المركزية هي فلسطينية داخلية وهو ما يقلق إسرائيل حقا. فالسلطة الفلسطينية توجد في وضع سلطوي صعب على نحو خاص، حيث أن الاحتجاجات على موت نزار بنات في اثناء الاعتقال تشعل المنطقة.

ان تعزز قوة حماس في الشارع الفلسطيني في الضفة وفي شرقي القدس بعد حملة "حارس الاسوار" والاحتجاج الحاد ضد السلطة الفلسطينية من شأنهما أن يؤثرا ايضا على الاستقرار الامني لإسرائيل. إذا ما انهارت السلطة الفلسطينية ستكون لذلك تداعيات، حيث أن قصة التوتر في شرقي القدس لا توجد بعد من خلفنا.

نظام قتالي

مسألة الأسرى والمفقودين وحكم حماس في غزة هي قيود وموانع مركزية يكون التقدم في مسيرة التسوية. لسنوات سارت إسرائيل بين القطرات وتساومت، وكل هذا من اجل منع التصعيد التالي الذي بات يقف على الاعتاب. ناورت إسرائيل كل الوقت بين الاستعداد للحرب، محاولات تقليص تعاظم القوى العسكرية لحماس واستقرار الوضع الاقتصادي في القطاع من خلال خطوات اقتصادية واسعة، وكذا في السنة الاخيرة ايضا كانت على جدول الاعمال مشاريع كبرى مثل محابس السمك امام شواطيء غزة واعادة بناء المنطقة الصناعية كارني. كل هذا توقف الان، وبعد الحملة تطرح إسرائيل بشكل مباشر شروطا جديدة - قديمة للتقدم في هذه المواضيع في حل مسألة الاسرى والمفقودين، الموضوع الذي في هذه المرحلة ليس فيه اي تقدم.

مبدئيا، إسرائيل لا تعارض تحويل المال القطري الى القطاع، ولكنها تعارض عمل ذلك بالآلية القديمة، المتمثلة بحقائب الدولارات عديمة الرقابة.

وقد وافقت الامم المتحدة قبل نحو شهر على بسط رعايتها على العملية عبر بنوك السلطة الفلسطينية ومن هناك الى غزة، ولكن قطر وحماس عارضتا. في هذه الاثناء يبدو أن القطريين يلينون، ولكن حماس لا تزال ترفض الحل الوسط. السؤال الكبير هو إذا كان تغيير آلية تحويل الاموال سيغير حقا الجوهر، وبالفعل ستتدفق المبالغ الى الموظفين والى المحتاجين ام ان هذا مجرد تغيير شكلي فقط. معقول الافتراض بان حل تحويل الاموال الى قطاع غزة سيبرر التوتر قليلا ويقلل الاحتمال المعقول للتصعيد الامني في الاسابيع القريبة القادمة. في إسرائيل كما أسلفنا اتخذ بعد الحملة الاخيرة قرار بعدم العودة الى الواقع السابق والا تكون تسوية عميقة دون صفقة أسري ومفقودين. وبالتوازي يرد الجيش الإسرائيلي بشكل مختلف على كل فعل ارهابي يأتي من القطاع بدء بالبالونات، عبر زرع العبوات على الجدار وانتهاء بإطلاق صاروخ نحو إسرائيل. اختبار القيادة الإسرائيلية وجهاز الامن سيكون في الثبات على مدى الزمن في سياسة الرد. فعلى مدى سنوات طويلة بنت إسرائيل لنفسها معادلة هدوء مع حماس، يتحقق برغبة شديدة. والتخوف من التصعيد والرغبة في الهدوء وفي الاستقرار الأمني اديا الى التجلد والاحتواء. في الأسابيع الأخيرة تشير إسرائيل في ردود فعلها على إطلاق البالونات الحارقة لأنها تعتزم تغيير الطريقة. هذا لا يعني انه لا يوجد تفكر وان القفازات نزعت تماما، إذ أنه في القيادة السياسية والعسكرية أيضا غير معنيين بحملة أخرى، ولكن يوجد استعداد لأخذ مخاطر وتشديد الضغط على قيادة حماس في محاولة للوصول الى إنجازات تضمن الهدوء والاستقرار الأمني على مدى سنوات طويلة.

طالما أصرت إسرائيل على الشروط التي وضعتها بعد الحملة الأخيرة، فان احتمال التصعيد يتزايد، ولكن هذا بالضبط هو الموضوع الذي يتعين ان يكون استعداد له من اجل تغيير الوضع. بدون ثبات على مدى الزمن، لن يكون تغيير طويل المدى وعميق. وعلى الطريق اليه يجب أن نكون مستعدين لعدة جولات تصعيد أخرى في القطاع.

الى جانب النظام القتالي الذي تم استعدادا للحملة التالية، عرض هذا الأسبوع تحقيق للحملة السابقة والدروس منها على قائد المنطقة الجنوبية اللقاء اليعيزر توليدانو. واحد الفصول المركزية ركز على مسألة التصدي لموضوع الصواريخ لدى منظمات الإرهاب في القطاع، والذي كان احدى نقاط الضعف في الحملة الأخيرة. 200 صفحة كتبت في هذا الفصل، الذي يتضمن نقدا ذاتيا ودروسا هامة. مسؤولون كبار في الجيش يعتقدون انه في غضون بضعة أشهر، في ضوء التقدم الاستخباري والتكنولوجي، سيكون الجيش الإسرائيلي في مكان أفضل بكثير مما كان في حارس الاسوار.

تجدر الإشارة الى أنه في الحملة الاخيرة، التي عرفت منذ بدايتها كمحدودة في نطاقها، قرر الجيش الإسرائيلي بشكل واع تفعيل أدوات وخطط أعدها لساعة حرب شاملة، وذلك انطلاقا من فكرة وغاية تعميق الضربة لحماس. ضربة برق - خطة الخداع والاصابة لـ "الميترو" شبكة الانفاق الدفاعية لحماس؛ عملية حيال مجالات إطلاق الصواريخ لحماس؛ وخطة واسعة لقتل كبار مسؤولي حماس بعد العثور عليهم من تحت الأرض.

ضربة برق لم يخطط لتنفيذها في بداية الحملة. من ناحية إسرائيل، كانت تصفية قائد لواء غزة وكبار مسؤولي البحث والتطوير في إطار الخطة الإضافية يمكن أن تكون نقطة جيدة للإنهاء. ومع ان ليس كل المسؤولين الذين خططت إسرائيل لتصفيتهم قتلوا بالفعل، فان النتائج على الأرض كانت بالتأكيد جيدة. ولكن لحماس كانت خطط أخرى، والمعركة استمرت. في قيادة المنطقة الجنوبية اوصوا هيئة الأركان العامة بتنفيذ ضربة برق حتى بثمن نجاح جزئي حيال اهداف الخطة الاصلية في صورتها الكاملة.

تعنى التحقيقات العملياتية أيضا بمسألة تفعيل أدوات حربية في معركة محدودة في غزة، وهل كان صحيحا ان تفعل مثلا خطة ضربة برق وعدم ابقائها للمعركة التالية. يدور الحديث عن موضوع يوجد في جدال داخل الجيش وعلى ما يبدو ستكون مواقف مختلفة ومتنوعة في هذا الموضوع حتى بعد التحقيقات.

الحملة التالية مخطط لها كاستمرار لنقطة الانتهاء للحملة الأخيرة. وبقدر كبير مخطط لها حتى كحملة أشجار أكثر وهكذا بما يتناسب مع ذلك ستكون الإصابة في قطاع غزة وبمواطنيه كنتيجة للقتال. يعد الجيش الإسرائيلي للحملة التالية الخيار البري أيضا. فالانخفاض في نتاج الحملة بقدر ما تستمر مقارنة بالأيام الأولى يستوجب اعداد خيار بري مصداق، يقوم على أساس اجتياحات لوائية لعمق القطاع.

المعركة البرية هي منذ الان أوبيرا أخرى تنطوي على تحديات كبيرة للجيش. عدد المدنيين القتلى في غزة سيكون أكبر دراماتيكيا مقابل الحملة الأخيرة، وعلى قادة الميدان سيتعين ان يديروا التوتر المركب الذي بين العدوانية والسعي الى الاشتباك، وبين الامتناع قدر الإمكان عن المس بغير المشاركين.