صحيفة عبرية: إسرائيل ونكبة الفلسطينيين.. بين "أبو الترانسفير" و"صندوق أزرق"

الثلاثاء 06 يوليو 2021 08:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: إسرائيل ونكبة الفلسطينيين.. بين "أبو الترانسفير" و"صندوق أزرق"



القدس المحتلة /سما/

 هآرتس - بقلم: نوعا لنداو            “لسنا مرتاحين مع هذه القصة”، هذا ما قاله رامي فايتس، والد المخرجة ميخال فايتس، وهو يتلوى أمامها على الكرسي في مشهد يمزق القلوب حول دور والد جدها الأكبر، يوسف فايتس، في وضع وتطبيق سياسة الترانسفير الإسرائيلية. “لا أكون مرتاحاً عندما يسمون جدي أبو الترانسفير، ولا أكون مرتاحاً عندما تفعلين ذلك”، واصل شرحه، في الوقت الذي تواجهه فيه بالوقائع التي جمعتها خلال 14 سنة من خلال عملها على الفيلم الوثائقي “صندوق أزرق”، الذي يجب على كل مواطن في الدولة مشاهدته.

الفيلم يوثق مشاركة يوسف فايتس العميقة، وهو بطل عائلي وقومي ومن رؤساء “الكيرن كييمت”، في “تنظيف” أرض إسرائيل من العرب. “لو كنت موجودة في العام 1948 لوقفتِ يداً بيد مع الذين فعلوا ذلك الشيء الذي قرأتيه لي الآن. ليس من الحكمة أن تحاكمي ذلك حين تكونين في مكان آخر”، لخص فايتس الرواية الإسرائيلية كلها لابنته بكلمات بسيطة، بما في ذلك مفهوم “ذلك الشيء”، الذي يجسد درجة الجهل والإقصاء.

إن قصة عائلة فايتس هي قصة دولة إسرائيل وعلاقتها في حينه والآن، بالنكبة. ومثل شعوب كثيرة وصلت في مرحلة معينة من وجودها، التي يخلي فيها البقاء مكانه لبحث الجوانب المظلمة في تاريخها، فثمة أوساط من أبناء وبنات الجيل الثالث لمؤسسي دولة إسرائيل من يريدون الآن تحطيم الصمت الجماعي حول الظلم الذي أقيمت الدولة على أساسه. حتى لو كان النبش في هذه الجراح “غير مريح”.

مواجهات أيار الماضي بين اليهود والعرب داخل خطوط 1967 زادت الحاجة الملحة لتصويب الأنظار على الماضي الذي يلاحقنا. خط واضح يربط بين الغضب الذي اندلع في أوساط الفلسطينيين مواطني إسرائيل على ما حدث في يافا والشيخ جراح وباب العامود والحرم، وبين صدمة النكبة. مع كل الفروق في تفاصيل الوقائع، فالقاسم المشترك بينها في نهاية المطاف هو استمرار سياسة نقل العرب من بيوتهم وسلبهم مظاهر سيادتهم. وقضية تبييض بؤرة “أفيتار” الاستيطانية على أراضي قرية بيتا وسن القانون الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية والبناء المخطط له الآن في قرية لفتا، كل ذلك استمرار مباشر للنضال الذي لا ينتهي لضمان أغلبية يهودية على أكبر قدر من الأراضي، حتى في الأيام التي تم فيها حسم ميزان القوة. وفي الوقت الذي حاولت فيه حكومة نتنياهو الإقناع بأن القضية الفلسطينية تحولت إلى قضية “غير مهمة” وأن النكبة أمر تافه، فإن مشروع حياة يوسف فايتس لتهويد الفضاء ما زال حياً ونابضاً في كل جانب من جوانب حياة اليهود والعرب بين البحر والنهر.

فايتس، الذي تتبدى صورته من مذكراته الطويلة وتبرز بشكل يثير القشعريرة، عرف كل شيء عندما كان يعمل في “تدمير” القرى المهجورة وإخفاء دلائل وجودها بتغطية الأنقاض بأشجار غابات “الكيرن كييمت” الرعوية. وحين لم يجد أشتالاً كافية لإخفاء الألم وتداعياته، انتقد بن غوريون بسبب عدم انشغاله بمشكلة اللاجئين وتعويضاتهم. “تملص حكومتنا من قول رأيها في مسألة اللاجئين بشكل صريح لم يكن أمراً يستحق الثناء”، وأضاف: “إن وهم الاحتلال مريح، جاء ثمل الانتصار وغطى على التفكير بعيد المدى. وجدنا أننا كسبنا بشكل مزدوج: أصبحت لنا أرض ولم ندفع الأموال. يجب دفع الأموال للاجئين العرب مقابل أراضيهم”.

هذا الاقتراح كان يعتبر بالطبع مثابة “يسرقون ويبكون”، وتعويض مالي لا يخفف المظالم بحد ذاته، لكنه بالتأكيد جزء من عملية اعتراف وعدالة في أماكن كثيرة في أرجاء العالم. مثلاً، في الحركة التي تطالب بالاعتراف ودفع تعويض رمزي لأحفاد ضحايا العبودية في أمريكا. وفي إسرائيل، حان الوقت لكي نتعلم من أبو الترانسفير كيفية النظر مباشرة إلى الحقيقة غير المريحة والبدء في مناقشة مسألة الاعتراف بالنكبة وتعويض المتضررين منها.