استهلّ د.سلام فياض مهمّته، الأسبوع الماضي، بلقاء الرئيس محمود عباس، قبل أن يتوجّه إلى قطاع غزة حاملاً مبادرة سياسية جديدة لتشكيل حكومة كفاءات تتولّى مسؤولية إعادة إعمار قطاع غزة، وتعمل على إنهاء حالة الانقسام، بحسب مصدر في حركة «حماس» تحدّث إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية.
وكان فياض أبلغ، عباس، بحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر مقرّبة من الأول، أنه سيطلق مبادرة لتشكيل حكومة برئاسته تكون مقبولة لدى الإدارة الأميركية و»المجتمع الدولي»، ويمكن أن تلقى قبولاً لدى «حماس»، بما لا يتعارض مع رؤية «أبو مازن» القائمة على تشكيل حكومة وحدة تلتزم باتفاقيات السلطة والتزاماتها.
وخلافاً لتصريحات قيادات من «فتح» عن كون الزيارة مجرّد تحية من فياض لعباس، أكدت مصادر «فتحاوية»، لـ»الأخبار»، أن الأوّل طرح مبادرته المدفوعة أميركياً على الأخير الذي رحّب بها، شريطة أن تتبنّى الحكومة الموقف السياسي للرئاسة، فيما لاقت المبادة رفضاً «فتحاوياً» داخلياً، في ظلّ رغبة أطراف داخل الحركة في أن ترأس الحكومة المقبلة شخصيةٌ «فتحاوية». وخلال زيارته إلى قطاع غزة، طرح فياض، في لقائه بقيادة «حماس»، تشكيل وزارة جديدة تتولّى تشكيل جسم حكومي موحّد بين الضفة الغربية والقطاع، وأن هذا الأمر سيكون أوّل قراراتها. كما نقل فياض إلى قيادة «حماس» أن هذه الحكومة ستكون مقبولة لدى «المجتمع الدولي»، وخاصة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تسعى إلى فرض حالة من الهدوء في الأراضي الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، مغرياً الجانب «الحمساوي» بأن الوزارة العتيدة ستزيل جميع العقبات التي يضعها الاحتلال أمام تحسين الواقع الإنساني والاقتصادي في غزة وبدء عملية الإعمار، وأنها ستتولّى إدخال مِنَح الإعمار والمنحة القطرية من دون اعتراض من أيّ جهة.
في المقابل، اعتذر قائد حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، وفق المصدر نفسه، عن لقاء فياض، مُكلّفاً عضو المكتب السياسي، غازي حمد، بالجلوس معه والاستماع إلى مبادرته الجديدة. وخلال اللقاء، نفى فياض أن يكون مُوجَّهاً من قِبَل الإدارة الأميركية لطرح مبادرته الحالية، لكنه أكد أنه يحظى بموافقة على قيادته مثل هذه الحكومة في ظلّ التعقيدات الحالية على الساحة الفلسطينية. وحُمّل فياض عدّة أسئلة من قِبَل الحركة لم تتمّ الإجابة عليها، من قبيل: هل ستكون حكومته بديلاً من إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإجراء انتخابات فلسطينية للمجلس الوطني والمجلس التشريعي والرئاسة؟ وما هي الضمانات التي يمكن أن يقدّمها فياض في هذا الملفّ؟ وهل هناك قبول من حركة «فتح» والرئيس عباس لما يطرحه؟ وما هو البرنامج السياسي للوزارة وكيف ستتعامل مع الملفّات المتعلقة بالقطاع؟ أسئلة وعد فياض بأن يحمل إجابات عليها خلال زيارة ثانية قريبة له، فيما لم تُعطه «حماس» موقفاً لا إيجابياً ولا سلبياً ممّا طرحه، بحسب المصدر «الحمساوي».
على خطّ موازٍ، لقيت زيارة فياض رفضاً من قِبَل العديد من الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، حيث هاجمته حركة «الجهاد الإسلامي»، واصفة إياه بأنه «عرّاب الحصار على القطاع». واعتبرت الحركة، على لسان القيادي فيها خضر حبيب، أن «زيارة فياض جاءت بدافع غربي للحديث مع الفصائل واستطلاع آرائها، في محاولة منه للعودة إلى المشهد الفلسطيني، في هذا التوقيت الحسّاس». وأشار حبيب إلى أن وضع السلطة في الضفة الغربية يثير قلق الأوساط الغربية والإسرائيلية، «والتي بدأت بالبحث عن بديل، وربّما يكون سلام فياض أحد الخيارات المطروحة من الغرب للمرحلة المقبلة»، مؤكداً رفض أيّ إملاءات غربية، وداعياً إلى أن تتولّى رئاسة الحكومة شخصياتٌ مؤتمنة على خيار المقاومة وتعمل على فكّ الحصار على أسس وطنية.
تواصل التصعيد على حدود غزّة
تواصلت عمليات إطلاق البالونات المتفجّرة من قطاع غزة باتجاه مستوطنات الغلاف، ما تسبّب باندلاع عدد من الحرائق بحسب مصادر عبرية، في وقت لوّح فيه وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، باستعداد قوّاته لعمل عسكري جديد في القطاع، وأنها تعمل على جمع مزيد من الأهداف، محذّراً حركة «حماس» من «اختبار قدرة الجيش». وقال غانتس: «نحن لا نقبل باستمرار إطلاق البالونات، وسنُواصل الردّ عليها بمهاجمة أهداف نوعية، وما زلنا متمسّكين بربط إعادة الإعمار بعودة الجنود الأسرى لدى حماس، وصرف المنحة القطرية من خلال طرف ثالث، إمّا الأمم المتحدة أو السلطة الفلسطينية». وردّت حركة «حماس»، على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، على كلام غانتس باعتبارها إيّاه «محاولة لترميم صورة جيشه التي اهتزّت بشكل كبير بفعل أداء المقاومة في معركة سيف القدس، ولبيع الوهم للجمهور الصهيوني»، لافتة إلى أن «الاحتلال دائماً ما يلجأ إلى التهديد بالحرب والعدوان، وشعبنا تعوّد على مثل هذه التهديدات التي لا تخيفه ولا تخيف مقاومتنا».