تعتزم وزيرة الداخلية الإسرائيلية، أييليت شاكيد، طرح تمديد ما يعرف بـ"قانون المواطنة" الذي يمنع لم شمل عائلات فلسطينية، لتصويت الهيئة العامة للكنيست، في وقت لاحق اليوم، الإثنين، وسط تباين مواقف مكونات الائتلاف وأحزاب المعارضة حول دعم القانون الذي تنتهي فترة صلاحيته عند منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء المقبل.
وبعد فشل مكونات الائتلاف في الحصول على مصادقة اللجنة المنظمة للكنيست على إحالة المداولات حول اقتراح الحكومة الخاص بتمديد سريان قانون المواطنة إلى لجنة شؤون الخارجية والأمن المؤقتة، إذ صوّت 17 عضو كنيست ضد القانون، في حين أيده 14، تعتزم الحكومة طرح القانون مباشرة لتصويت الهيئة العامة للكنيست.
وتواجه الحكومة الإسرائيلية صعوبات في تأمين الأصوات المطلوبة لتمديد القانون، إثر معارضة حزب "ميرتس" والقائمة الموحدة، ورفض كتل المعارضة اليمينية دعم القانون في محاولة لإحراج حكومة الوحدة التي يترأسها نفتالي بينيت ("يمينا").
اجتماع لكتل الائتلاف قبل طرح التمديد للتصويت
وأشار الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الكتل البرلمانية لأحزاب الائتلاف ستجتمع للتباحث بإمكانية دعم القانون قبل طرحه لتصويت الهيئة العامة للكنيست، في حين شدد رئيس الحكومة البديل، ووزير الخارجية، يائير لبيد، على أن "الحكومات لا تُشكل أو تسقط على مثل هذه الأمور".
وخلال جلسة كتلة "يش عتيد" البرلمانية، شدد لبيد على أن تمديد قانون المواطنة من شأنه أن "يضمن الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل"، وقال إن "هذا القانون له أهمية أمنية، وقد قدم جهاز الشاباك بيانات تفيد بأنه إذا لم يتم تمرير القانون اليوم فسيكون هناك ضرر كبير لأمن إسرائيل، بدون القانون ستتصاعد العمليات الإرهابية".
وفي حاول لتهدئة الأجواء بين مركبات الائتلاف حول القانون، قال لبيد: "قدم شركاؤنا من القائمة الموحدة ومسرتس عددًا من الحالات التي تسبب فيها القانون بأضرار إنسانية غير ضرورية، ومن أجل منع الضرر، سنضع آلية من شأنها التقليل من هذه الحالات". وتابع "سنشكل فريقًا يعمل على دراسة كيفية منع إلحاق الضرر بحالات إنسانية، إسرائيل ليست مجرد دولة يهودية ولكنها دولة ديمقراطية".
مشادات في اللجنة المنظمة
وشهدت جلسة اللجنة المنظمة للكنيست مشادات كلامية بين أعضاء اللجنة بسبب تأخير بدء الجلسة بنحو 20 دقيقة. ووفقا لتصريحات شاكيد، سيتم طرح القانون بصيغته الحالية، دون تعديلات؛ على أن تتواصل المباحثات بين أحزاب الائتلاف للتوصل إلى تسويات مع القائمة الموحدة و"ميرتس" لضمان أغلبية تتيح تمديد القانون.
وخلال الجلسة، ادعى ممثل الشاباك أن "السكان الذين يطالبون بلم شمل العائلات من سكان يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) وغزة يشكلون خطرا أمنيا متزايدا ومثبتا مقارنة بطلبات لم شمل الأسر من أماكن أخرى. هذه الفئة السكانية هي الأكثر عرضة للتورط بعمليات فردية".
وفي استعراض منقوص للمعطيات والبيانات، زعم مندوب الشاباك أنه "بين عامي 2001 و2021، شارك 165 فلسطينيًا ممن حصلوا على مكانة (رسمية) في إسرائيل (نتيجة للم شمل الأسر) في أعمال إرهابية. حصل 48 منهم على مكانة نتيجة لم شمل عائلي مباشر في حين حصل 117 على مكانة رسمية نتيجة لكونهم من الجيل الثاني (لعائلات حظيت بلم الشمل)".
ولا يمكن استنتاج النسب من المعطيات المزعومة التي عرضها الشاباك إذ لم يتم الكشف عن عدد العائلات التي حظيت بمكانة رسمية في أعقاب لم شمل أسر فلسطينية خلال هذه الفترة، في محاولة من جهاز الأمن العام للحصول على أكبر دعم لتمديد القانون الذي يتعبر أن جميع الفلسطينيين يشكلون خطرا أمنيا على إسرائيل.
وبحسب بيانات الشاباك، فإنه تم تعريف 78 فلسطينيًا من أصل 165 ممن حصلوا على مكانة رسمية بموجب لم الشمل، على أنهم "ضالعون بعمليات إرهابية"، في حين تم تعريف 69 على أنهم "متورطون" وادعى أن 18 شحصا قدموا مساعدات لتنفيذ "عمليات إرهابية". ومن بين جميع هؤلاء، قال الشاباك إنه "تم إدانة 76 شخصا بجرائم تتعلق بالإرهاب".
تسوية محتملة: تمديد لـ6 أشهر
وبحسب القناة العامة الإسرائيلية ("كان 11") فإن شاكيد قد توافق على تمديد القانون لمدة نصف عام فقط بدلاً من عام للتوصل إلى تسويات، لكنها ترفض طلب "ميرتس" والقائمة الموحدة، منح مكانة للفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل كجزء من لم شمل الأسر.
وفي حين أكد حزب "ميرتس" أن كتلته في الكنيست ستعارض تمديد بند منع لم شمل العائلات الفلسطينية في قانون المواطنة؛ تطرق رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، أمس، إلى الخلافات حول القانون وطالب بـ"ضبط النفس"؛ وقال: "لا نريد سقوط الحكومة بسبب التصريحات المتناقضة".
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد سعت على مدى الأسبوعين الماضيين، للحصول على تأييد جميع مكوناتها لتمديد القانون ولكن دون جدوى. ومن المتوقع أن تنعقد الهيئة العامة للكنيست وفي وقت متأخر، مساء اليوم، حيث يعتقد إنه سيجري التصويت.
نتنياهو يسعى لإحراج حكومة بينيت - لبيد
في المقابل، أشارت التقارير إلى أن المعارضة لم تقرر بعد ما إذا كانت ستدعم تمديد القانون بصيغته الحالية، فيما يتواصل الحديث في أوساط الليكود عن الحاجة إلى تمرير "قانون أساس: الهجرة"، لتشديد القيود على الفلسطينيين ومنع لم شمل العائلات دون الحاجة إلى إدارج ذلك في أحد بنود "قانون المواطنة".
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن المعارضة تدرس إمكانية تحويل التصويت على تمديد القانون إلى تصويت على اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة؛ وقالت مصادر القناة إن رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، يجري مشاورات مكثفة مع رئيس كتلة الليكود البرلمانية، ياريف ليفين، ورئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، ورئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، في محاولة لاتخاذ قرار موحد بشأن التصويت على تمديد القانون.
من جهة أخرى، عبّر العديد من أعضاء الكنيست عن الليكود، من بينهم عضو الكنيست، آفي ديختر، عن قناعة بضرورة دعم تمديد القانون. وأشار الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن المعارضة ستنتظر حتى اللحظات الأخيرة لاتخاذ قرار موحد يلزم جميع أعضاء الكنيست بالتوصيت لصالح أو ضد القانون، فيما لا تزال إمكانية منح أعضاء الكنيست عن المعارضة، الحرية في التصويت على القانون، واردة.
وينص البند 2 (أ) من قانون المواطنة يقر بأن "كل قادم إلى إسرائيل بحسب قانون العود (1950) هو مواطن إسرائيلي من منطلق عودته". ويمنع البند 3 للقانون الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون البلاد حتى العام 1948 أن يأخذوا جنسية إسرائيليّة أو حتى إقامة، على أساس قواعد لمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين. وينص التعديل رقم 2 (أمر مؤقت - 2007) على منع لم شمل العائلات العربية في إسرائيل مع فلسطينيين من المناطق المحتلة ومن "دول العدو" بما في ذلك لبنان وسورية والعراق وإيران.
ويرى مسؤولون في المعارضة ومقربون من نتنياهو أن قرار الليكود بدعم القانون، قد ينهي وظيفته كمعارضة برلمانية فعالة، بحجة أن معارضة القانون هي فرصة لن تتكرر لإظهار الاختلافات بين "حكومة يمينية وحكومة وحدة".
من ناحية أخرى، يعتقد بعض كبار أعضاء الليكود أن معارضة القانون خطوة إشكالية للغاية، إذا تتنافى مع المعتقدات الأيديلوجية لليمين، الأمر الذي قد يؤدى في نهاية المطاف بتسوية أوضاع عائلات فلسطينية تعاني من القانون العنصري، الأمر الذي يتنافى مع قيم الليكود وشركائه في المعارضة.
ويرى هذا التيار في الليكود أنه طالما أن إسقاط القانون لن يطيح بالحكومة الحالية، فيجب تفضيل مصلحة الدولة. وقالت مصادر في الليكود إن نتنياهو ينوي "الاحتفاظ بجميع البطاقات قريبة من صدره (للمناورة) حتى اللحظة الأخيرة، لكن جميع الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة".
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن جميع التسويات التي بحثتها كتل الائتلاف للتوصل إلى صيغة توافقية حول تمديد القانون، وصلت إلى طريق مسدود، وذلك في ظل رفض وزيرة الداخلية، شاكيد، "التحلي بقيل من المرونة وإدراح بعض التسهيلات في نص القانون".
من جانبه، اقترح عضو الكنيست عن "ميرتس"، عيساوي فريج، كحل وسط بين كتل الائتلاف، تمديد القانون لمدة ستة أشهر فقط وخلال هذه الفترة تشكل لجنة لبحث تغييرات محتملة على القانون، أو حث الليكود و"الصهيونية الدينية" على دعم القانون الأصلي.
وبحسب التقديرات التي أوردتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" لمسؤولين في الائتلاف، فإنه في نهاية المطاف سيكون من الممكن تمرير الأمر المؤقت الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية على الرغم من الصعوبات والخلافات بين مركبات الائتلاف حول هذا الشأن.
وفي هذا السياق، غرد عضو الكنيست رام بن باراك (يش عتيد)، صباح اليوم، على تويتر، قائلا: "أتوقع اليوم من أعضاء المعارضة أن يضعوا مصلحة البلاد فوق أي مصلحة سياسية ضيقة وتدعو للسخرية؛ افعلوا ما فعلناه عندما كنا في المعارضة - ادعموا القانون الذي قدمتموه. لأن أمن الدولة فوق كل شيء".
من جانبه، صرّح وزير الاستخبارات الإسرائيلي، إليعازر شتيرن، صباح اليوم، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن التباين حول تمديد أمر الساعة المؤقت الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية "لن يطيح بالحكومة، لما له من أهمية في نظر جميع أعضائها. فهل هذه هي آخر عقبة سنواجهها؟ بالطبع لا".
وكانت شاكيد قد قالت في اجتماع الحكومة الذي عقد أمس، إن "قانون المواطنة سيطرح للتصويت بصيغته الحالية، الأمر المؤقت ينتهي يوم الثلاثاء وبالتالي يجب طرحه للتصويت. قادة المعارضة اطلعوا على تقدير موقف الشاباك في هذا الشأن قبل أقل من شهر وأدركوا بناءً على موقف الشاباك أن القانون يجب أن يتم تمريره. لا أعتقد أنهم سيغيرون رأيهم".