ألقت الأحداث الأخيرة أو ما عرف بقضية "الفتنة" في الأردن بظلالها على العلاقة بين العائلة المالكة والقبائل المؤثرة التي باتت تشعر باليأس من تحسن الأوضاع، وفقا لتقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس.
وقالت وكالة أسوشييتد برس الأمريكية، إن ما يعرف بقضية "الفتنة"، ألقت بظلالها على العلاقة بين العائلة المالكة، والقبائل المؤثرة، والتي باتت تشعر باليأس من تحسن الأوضاع.
وأشار تقرير للوكالة إلى أن سنوات من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد تسببت بتآكل الولاء التاريخي بين الملك والقبائل التي تعد حجر الأساس لحكم الأسرة الهاشمية في الأردن، مضيفا أن هذا ربما كان عاملا أساسيا أدى لمؤامرة "مزعومة" من قبل الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، في محاولة منه للاستيلاء على العرش.
لكن حتى بعض الأشخاص من داخل الحكومة يخشون من أن الغضب الذي يتصاعد في الخفاء يمكن أن ينفجر في أي لحظة، وهو تحذير لا بد أن يثير قلق الحلفاء الغربيين للمملكة، وفقا للوكالة.
ويخشى رئيس مجلس إدارة محافظة الكرك صايل المجالي من القادم "بسبب الوضع المعيشي المأساوي ووصول معدل البطالة لنحو 40 في المئة"، ويرى أن الناس غير قادرة على التحمل أكثر.. الناس سينفجرون".
وقال المجالي، وهو عميد متقاعد من الجيش وعضو في إحدى أبرز قبائل الكرك، "أخشى فقدان السيطرة على الأمور الأمنية إذا لم يتم حل المشاكل".
ونقلت الوكالة عن الكاتب والمحلل السياسي مالك العثامنة اتفاقه مع هذا الطرح، معربا عن اعتقاده بأن العلاقة بين العائلة المالكة في الأردن والقبائل وصلت لمراحل حرجة.
ويقول العثامنة إن "العشائر، باعتبارها مركز قوة في المنظومة السياسية الأردنية، حصلت على مكاسب من وقوفها لجانب منظومة الحكم، لكن هذه المكاسب تأثرت نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد".
تقرير أسوشيتد برس يكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية في الأردن، ويشير إلى أن سكان المناطق الريفية وبلدات المحافظات، التي تعد موطنا للقبائل البدوية الأصلية في المملكة فقدوا الأمل في تحسنها قريبا.
وتسببت جائحة كورونا بجعل الأمور أكثر سوءا، حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى 23.9 في المئة في عام 2020، وربما أعلى من ذلك.
ويتوقع التقرير انزلاق مزيد من الأردنيين إلى مستوى الفقر لتصل نسبته لنحو ربع سكان البلاد، بعدما وصلت لـ15.7 قبل ثلاث سنوات. وقال البنك الدولي إن الاقتصاد انكمش العام الماضي للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود.
لكن وزير الإعلام السابق محمد المومني يرى أن الأزمة الاقتصادية لم تتسبب بتراجع الروابط التاريخية بين الملك والقبائل. وقال إن القبائل قد تختلف مع بعض سياسات الحكومة، لكن "في نهاية المطاف، هم يقفون إلى جانب الدولة والملك".
وفي محاولة واضحة للحد من الأضرار الناجمة عما جرى داخل العائلة الملكية، شكل العاهل الأردني لجنة من 92 عضوا لتقديم خطة للإصلاح السياسي بحلول أكتوبر.
يقول الكاتب الأردني رجا طلب إن "هذه اللجنة تعمل على تطوير الحياة السياسية وإدخال مزيد من الديمقراطية والحريات، وهذه المسائل تلعب دورا في الحياة العامة، لكنها لن تلعب دورا مباشرا في إنهاء الأزمة الاقتصادية".
ويضيف طلب أن البلاد بحاجة للجنة مماثلة على الصعيد الاقتصادي من أجل تطوير الاستثمارات وإجراء الإصلاحات اللازمة.
في المقابل، يقول المحلل العثمانة إن من الطبيعي أن تشعر المؤسسة العشائرية بالغضب لأن الضرع قد جف. ويحذر من السيناريو الأخطر المتمثل باحتمال "حصول صدام بين سلطة الدولة والعشائر"، وكذلك من استغلال دول مجاورة للعشائر.
ويشدد المحلل الأردني على أن هذا سيشكل خطرا على أمن الدولة، التي يجب أن تواجهه بحكمة، واتخاذ إصلاحات سياسية.