تضاربت الأنباء حول جولة المفاوضات غير المباشرة لتبادل الأسرى، بين وفد من حركة حماس وآخر إسرائيلي برعاية مصرية، والتي عقدت لأول مرة في ظل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نفتالي بينيت. غير أن معلومات أوردتها مصادر مطلعة، وصفت الجولة بـ”الاستكشافية”، جرى خلالها تبادل وجهات النظر بين الطرفين عبر الوسيط المصري.
التحول الجديد الذي شهدته هذه الجولة التي عقدت في مبنى المخابرات العامة المصرية، وعلى مدار عدة ساعات، واستمرت حتى مساء الأربعاء، شابهت تلك الجولات التي عقدت قبل عدة سنوات في القاهرة أيضا، قبل أن يتم الاتفاق على إبرام صفقة في نوفمبر من عام 2011، جرى بموجبها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني، وذلك بوجود وفدين من الطرفين في غرف قريبة بمبنى المخابرات، بحسب ما كُشف لاحقا.
وفي تلك الجولة التي لم تُعهد من قبل، حيث ظلت طوال الفترة الماضية مباحثات التبادل تجرى من خلال جولات للوفد الأمني المصري إلى غزة وتل أبيب، أو استضافت القاهرة وفودا منفردة، وهو ما يعد في هذه المرة تحولا جديدا، يمكن أن ينجم عنه تقدم بخلاف مرات سابقة، خاصة وأن الوفد الإسرائيلي نقل لحكومته نتائج المحادثات، ليكشف بعدها أن المجلس الوزاري المختص بالشؤون الأمنية والسياسية سيعقد اجتماعا لتدارس الملف ونتائج ما حدث في القاهرة.
وكان اللافت أن الوفد الإسرائيلي أتمّ الأربعاء الزيارة الثانية له إلى لقاهرة لبحث ذات الملف خلال الأيام العشرة الأخيرة، وهنا يتردد أن الوسيط المصري وضع خطة للتفاوض بهدف إنجاح المهمة. وتقول مصادر مطلعة إن ذلك يشمل دفع الطرفين لتقديم مبادرات ملموسة تسهل إنجاز الملف، وذلك بعد أن قدمت القاهرة سابقا “خارطة طريق” لا تربط بين التهدئة والإعمار وتبادل الأسرى، كما كانت تطلب إسرائيل سابقا.
وفي العادة، تبقي مصر بصفتها الوسيط، وكذلك الطرفين المعنيين بالصفقة، ما يجري من محادثات غير مباشرة أو اتصالات، طي السرية والكتمان، خاصة بشأن ملف صفقة تبادل الأسرى، على خلاف ملفات التهدئة والإعمار، التي يجري الحديث عنها بشكل علني.
ولغاية اللحظة، تتكتم مصر وحماس وإسرائيل على فحوى المفاوضات الجارية بعد المحادثات التي عقدت في القترة الماضية.
لكن رغم تلك التحولات التي حدثت من خلال “مفاوضات بين الغرف” قادها مسؤولون في جهاز المخابرات المصرية، بين وفد حماس برئاسة نائب قائد الجناح المسلح للحركة مروان عيسى، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي نمرود غايز ، إلا أن تلك الجولة “الاستكشافية”، لم تشهد بحسب تقارير عبرية أي تقدم، بعد أن شدد الوفد الإسرائيلي على الموقف الرافض للتقدم في مفاوضات التهدئة طويلة الأمد وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، دون التوصل إلى تفاهمات حول صفقة تبادل أسرى.
وفي تقرير لقناة “كان 11” العبرية، ذكرت أن منسق شؤون الأسرى والمفقودين في حكومة تل أبيب يارون بلوم، والمسؤول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، نمرود غايز، بالإضافة مسؤولين أمنيين آخرين، أكدوا خلال اجتماعهم مع الوسيط المصري، على هذا الموقف، وأن إسرائيل تأمل أن يضغط المصريون على حماس للمضي قدما في هذا الشأن.
كما أشار التقرير إلى وجود قناعة لدى الجانب الإسرائيلي بأن المصريين معنيون بإتمام الصفقة، وأن الدوافع القوية لدى الجانب المصري والقناعة بأن مصر ستكثف من الضغوط التي تمارسها على حماس في هذا السياق، تعطي تفاؤلا لدى المسؤولين في إسرائيل.
وهنا يتردد بأن قيادة جهاز المخابرات المصرية ستعقد لقاءات خلال الفترة القادمة بشكل منفصل مع الطرفين، لاستكمال ما جرى بحثه في الجولة الأخيرة، في إطار سعيها لإنجاز الصفقة، والتي تشمل تهدئة طويلة الأمد.
لكن هناك تقارير تعزو سبب عدم التقدم في محادثات الأربعاء، إلى رفض إسرائيل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية، والذين شاركوا في عمليات قُتل فيها إسرائيليون، وليس بسبب ربط تل أبيب الصفقة بالإعمار والتهدئة.
وكشف تقرير عبري، أنه سيجري عقد جلسة لمجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم التنازل لحماس في قضية صفقة تبادل الأسرى. وحسب موقع “واللا” العبري، فإنه سيُطلب من المجلس الأمني الانعقاد واتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم التنازل وتقديم صفقة تشمل إطلاق سراح من قتل إسرائيليين ، بناء على موقف حماس، أو الاستمرار في سياسة الحكومة السابقة المتمثلة في عدم إطلاق أسرى أمنيين مقابل الأسرى والمفقودين الإسرائيليين.
وأضاف الموقع نقلا عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين خلال محادثاتهم حول الترتيبات في مصر، أن هناك “مناقشات” مع غزة حول قضية الأسرى والمفقودين، لكن لم يتم إحراز أي تقدم بسبب إصرار حماس على إطلاق سراح أسرى أمنيين.
وبحسب المصادر، لم يحدث تقدم في المفاوضات حول قضية الأسرى والمفقودين لإصرار حماس أمام ضباط المخابرات المصرية على إطلاق سراح السجناء الأمنيين. ووصف المسؤولون الإسرائليون المحادثات بوساطة مصرية، والتي جرت لأول مرة منذ العدوان الأخير على غزة، بأنها “استكشافات أولية”.
وذكر الموقع أن “الجانب الإسرائيلي احتج لدى المصريين على أنه بينما أبدت إسرائيل حسن النية تجاه مواطني قطاع غزة وسمحت بدخول البضائع والوقود عبر معبر كرم أبو سالم، فإن قيادة حماس لم تتخذ أي خطوة سوى الهدوء ووقف البالونات الحارقة”.
وفي سياق قريب، كان رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات، قد قدم استقالته إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، ليعبر بذلك عن رغبته بإنهاء 4 سنوات من شغله لهذا المنصب الحساس التابع مباشرة لمكتب رئيس الحكومة.
وهذا الرجل الذي قاد سابقا مباحثات حول التهدئة مع حماس، كان يعد من المقربين إلى رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، ومن المستبعد أن تؤثر استقالته على سير المحادثات الجارية حول صفقة تبادل الأسرى، والاستمرار في الحفاظ على التهدئة، خاصة وأن آخر جولة محادثات قادها نائبه.
"القدس العربي"