صحيفة إسرائيلية: أنا وأحلام و”قارب نضال”.. بين صواريخ حماس ومخيم الوحدات

الثلاثاء 29 يونيو 2021 10:25 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة إسرائيلية: أنا وأحلام و”قارب نضال”.. بين صواريخ حماس ومخيم الوحدات



القدس المحتلة / سما /

هآرتس - بقلم: عميرة هاس      " “عندما يحين الوقت سنوفر لك الحماية وستبقين في البلاد”، قالت لي صديقتي أحلام في الأيام الأولى من حرب غزة. تفسير النكتة السوداء تفسدها الحاجة، خاصة عندما يدور الحديث عن نكات فلسطينية عن الاحتلال. ولكن هيا لنخاطر ونفسر. قصد أحلام كان واضح: مثلما في كل جولة قتال سابقة أظهرت فيها حماس قدرتها العسكرية، ففي أيار الماضي أيضاً، رافق ذلك إشارات واستنتاجات على أن الدائرة تدور، وتعرضت إسرائيل لهزيمة ساحقة، وأن تحرير فلسطين قريب، وستتحقق العدالة أخيراً. أحلام، التي طُردت والدتها وعائلتها من صفد في 1948، ويعيش في بيتهم الآن يهود، استهزأت بطريقتها من عرض حماس العبثي وقوتها. وقد ابتعدت عدة خطوات إلى الأمام في تخيل الانتصار والعدالة: اليهود سيغادرون أو سيطردون، لكنها ستتحدث مع المسؤولين، من أجلي أنا، صديقتها اليهودية، كي تبقى.

 وعدك هذا هو تطور مقابل ما وعدني به نضال وبسام، قلت لها وأشرت إلى المحادثة التي أجريتها قبل نحو عشر سنوات معهما. في فترة “الربيع العربي” ساد نفس الشعور الساحر حول الدولاب الدوار – ستقوم ديمقراطية في الدول العربية، وستكون هزيمة إسرائيل مسألة وقت. عندها سترموننا في البحر؟ سألت نضال وبسام. وأجابا: نعم، لكننا سنهتم بتوفير قارب لك. هل هناك حاجة إلى الشرح بأن هذه النكات السوداء قد جاءت بدلاً من نقاش مبتذل حول حدود سلطة الإفساد الإسرائيلية.

  بعد مرور بضعة أيام على الحرب الأخيرة، التقيتُ عمر. “في السنة المقبلة سأنتقل للسكن في حيفا، وسترين ذلك”، قال لي وكأنه واصل كلامي مع أحلام، صديقتي القديمة. هو أيضاً استخف بشرك الهذيان حول انتصار عسكري حققته حماس وعبر عن الاشمئزاز من خلال سيناريو تحرمه إسرائيل: أن يقوم فلسطيني من الضفة الغربية بفعل الشيء المنطقي والطبيعي، وهو السكن في حيفا. حدثته عن الحماية التي وعدتني بها أحلام، وفي هذه المرة قال بجدية: “الأرجح أن تجديني في مخيم الوحدات في الأردن في السنة القادمة “، استهزأ.

مثلما لم تسخر أحلام عندما التقينا مرة أخرى في شقتها وتأثرنا بالنباتات الموجودة على الشرفة. “حافظي لي على الأقل على هذه الشقة. أو قولي لأصدقائك الشباب في تل أبيب أن يحافظوا عليها”، قالت فجأة وشرحت: “إذا لم يكن من أجلي فمن أجل أحفادي”. هذا كان مثل السكين في البطن. وأكدت: “الخوف من الطرد ومن نكبة جديدة، يعتمل في قلبي طوال الوقت. ولأنني أعيش في ظل مستوطنات تتسع باستمرار وتشهد طرد الفلسطينيين من الفضاءات الموجودة في الضفة الغربية، فمن الطبيعي أن تخاف من قيام القوات الإسرائيلية بطردها أو طرد عائلتها مرة أخرى ومئات آلاف الفلسطينيين الآخرين.

المستوطنات والبناء المتسارع الذي لا يتوقف والذي يجري من أجل اليهود، فقط من أجلهم، إنما ترسم عاملاً واحداً فقط: إخفاء للفلسطينيين. الفلسطينيون هم العنصر الزائد الذي يجب أن يختفي من المشهد. أحلام وعمر وأمثالهما يجربون اللاوعي الإسرائيلي (وبالنسبة لعدد غير قليل – الوعي)، الذي يطمح إلى العيش في بلاد “نقية من العرب”. لذلك، كل قطعة أرض (أفيتار، مثلاً)، محجوبة عن الفلسطينيين تعدّ إنجازاً إسرائيلياً.

في هذا الأسبوع، التقيت مع نضال. “بعد أن قتلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية نزار بنات أثناء اعتقاله، بدأت أخاف”، وتابع: “يمكنهم فعل ذلك مع أي واحد لا يؤيدهم. لا يوجد مخرج عدا الهجرة”. تذكرت غازي، وهو شاب من غزة، الذي أرسل لي رسالة في فترة الحرب قال فيها: “أعيش في النرويج. هربت من الحروب ومن حماس”. أعرف نضال منذ صغره. وقد وبخته: “هذا بالضبط ما يريده الإسرائيليون، أن تهاجر”. ولكن دون أن يقول فهمت: “القمع وانغلاق قيادتك يؤلم أكثر من قمع وظلم سلطة أجنبية”.