معاريف - بقلم: ران أدليست "قبل أسبوع من طقوس ترسيم الحكومة، التقى نفتالي بينيت وبيني غانتس و”بحثا في سياسة المناطق”. وواضح أنهما لم يبحثا في سياسة المناطق بل بمسألة ماذا سيكون القول المشترك لرئيس الوزراء المرشح ووزير الدفاع في الموضوع موضع الخلاف المسمى “السياسة في المناطق”. لن تجري أي مداولات حقيقية على مستقبل المناطق إلا بعد أن يقول العم جو كلمته. وعلناً. أفترض أن غانتس يعرف، أكثر من بينيت، ما يفكر به الأمريكيون عقب محادثات متواصلة مع البنتاغون ووزارة الخارجية. قبل نحو شهر، وصل غانتس إلى واشنطن كي يجدد المخازن بعد جولة غزة، ولن يقنعنا بأنه لم يسمع وهو هناك ما الذي يتوقعه الأمريكيون بالمقابل. بالعموم على الأقل. حتى لو لم يعرف غانتس التفاصيل التي هي لُباب الاقتراح الأمريكي، فإنه يعرف ما نعرفه جميعاً: دولتان للشعبين. إذا كنت أفهم صحيحاً رأس البايدنيين، فإنهم سيسيرون في نهاية المطاف على مؤتمر دولي يفترض أن يكون مسنوداً من الرباعية الدولية، وهذا سيحصل في ضوء توجيهات بايدن (“سنعمل في كل موضوع دولي مع الحد الأقصى من الشركاء”)، بما في ذلك مع الدول العربية. وخمنوا ماذا يقول كل هؤلاء؟ صحيح. دولتان.
فرضية العمل اليوم هي “العالم” بقيادة الولايات المتحدة يفهم بأن الرعاع المتشدد في إسرائيل، بقيادة نتنياهو، يهدد بالانتقال إلى الاضطرابات، وبينيت وشركاؤه يحتاجون إلى وقت للاستقرار. وعليه، فإن هذا لن يحصل غداً، ولكن بعد غد سيكون هناك يوم آخر. وحل المسألة الإسرائيلية في الموضوع الفلسطيني هو مفتاح مهم للهدوء، الذي هو مصلحة كل الأطراف. حتى إيران… المشكلة: إدارة شؤون “السياسة في المناطق” هي عمل يتطلب سياسة في 24/7 ويجب أن تتواءم هذه السياسة مع السياسة الأمريكية، حتى لو لم تكن متطابقة تماماً، على الأقل في منع الاستفزازات. فالحوار التاريخي مع صديقتنا الكبرى، باستثناء فترة ترامب، كان مكشوفاً دوماً حتى لو لم يكن علنيا تماماً. الأسلوب الهادئ يعتقد: “أنتم تريدون صواريخ اعتراض للقبة الحديدية استعداداً للجولة التالية؟ فسيروا على الخط بناء على ذلك”.
طلب زئيف الكين السيطرة على البناء في الضفة، وغانتس عارض، والنتيجة: بدلاً من وحدة اعتماد يديرها الكين و”أمل جديد”، ستقام مديرية تحت الإدارة المدنية بسيطرة غانتس، وهي التي ستعنى بإدارة المناطق “ج”. والمعنى هو أن السلطة الفلسطينية ستتمكن من البناء هناك وفقاً للطلب الأمريكي الدائم السماح للفلسطينيين بتواصل إقليمي هو أساس دولتهم في المستقبل.
20 سنة، أكثر من نصفها لنتنياهو، لم تبنَ بؤر استيطانية جديدة. قبل نحو شهرين أقام المستوطنون بؤرة استيطانية غير قانونية باسم “أفيتار” وأخليت على الفور. وكانت الأيام أيام حكومة نتنياهو، وكان الإخلاء جزءاً من سياستها. وكان لا يزال يحلم بأنه قد ينجح في التسبب بفرار واحد أو اثنين إلى معسكره، ولم يرغب في تخريب علاقاته مع البايدنيين نهائياً. ولهذا لم يرد على الإخلاء.
في الأسبوع الماضي، كجزء من ألاعيب حملة الضغط على بينيت، وكان نتنياهو لا يزال في مكتبه، أدخل النائب موشيه اربيل مواد بناء إلى بؤرة “أفيتار”. وأقيم فيها دفعة واحدة نحو 15 مبنى وشُقت طريق ربط. المغروسون من المستوطنين في جهاز الأمن في المناطق دفعوا لأن يرابط جنود من الجيش الإسرائيلي في البؤرة لمساعدة الغزاة في بنائها. وأوضح الناطق العسكري بأنه سيحقق في الحالة، وعند الحاجة ستتخذ إجراءات انضباطية. قائد المنطقة الوسطى، وبإسناد من غانتس كمسؤول عن الإدارة المدنية، أصبح أمر تحديد في مطالبة للإخلاء ومنع البناء في المنطقة. يدور الحديث عن أراض لم تتضح هويتها حسب القانون (ادعاءات المستوطنين تتراوح بين أراضي الدولة التي هي لنا، وفضلاً عن ذلك.. فالرب أذن). في الأسبوع الماضي، عندما كان واضحاً بأن بينيت رئيس الوزراء، هجر نتنياهو موقفه السابق كأن الأمر لا يعنيه، وبدأ يدير حملة استفزازية كرئيس للمعارضة. وبينما هو رئيس وزراء، ادعى نتنياهو بأن الأمر الصادم يفترض أن يتلقى موافقة رئيس الوزراء، وإن صدر بدون صلاحيات ويجب تجميده حتى استيضاح مكانة الأرض. أما غانتس فأغلق الموضوع وأجاب بأن أمر التحديد غير واجب من المصادقة من رئيس الوزراء، وانتقل الأمر إلى بينيت.
شدة التراجيديا (والغضب الذي يفترض أن تثيره) التي تسمى “المسألة الإسرائيلية – الفلسطينية” تلخصت هذا الأسبوع في أن فتى ابن 15 من القرية المجاورة الذي شارك في المظاهرة ضد إقامة البؤرة، كان قتل برصاص جنود الجيش الإسرائيلي.
الفزاعة الإيرانية
في هذه الأثناء غاب بيبي، ولا نعرف كيف سيتصرف بينيت. فمن جهة، يعد جر الأرجل إلى “أفيتار” والشيخ جراح كفيلاً بخلق التوتر، ومن جهة أخرى فإن تخليد “أفيتار” قد يهدئ اليمين المجنون على أمل أن يمنح الأمريكيون حكومة التغيير، والأصح اليمين المستيقظ في داخلها، تسعين يوم رحمة. والعد التنازلي بدأ.
قبل بضعة أيام من تنصيب الحكومة، شدد جيش كوخافي حربه ضد جيش نتنياهو وأزاريا وبن غبير عندما أطاح بقائد حظيرة ومقاتل أطلقا النار بلا مبرر على غير مشاركين في القطاع. فقد أعلن رئيس الأركان بأن “هذا حدث خطير لا ينسجم مع قيم الجيش الإسرائيلي”.
إدارة سياسة الأمن بعامة مشروطة بتقدير التهديدات من جانب حزب الله وسوريا والفلسطينيين وإيران. ومن حيث المبدأ، غزة، والقدس، و”أفيتار”، وإيران أو حزب الله، هم أدوات مستطرقة. التهديد أو الهدوء في واحد منها يؤثر على الباقي. والمفتاح هو تقويم الوضع الذي يعتقد أن إيران فزاعة نفخها نتنياهو إلى حجوم تهديد وجودي بخلاف رأي جهاز الأمن، باستثناء الموساد الذي أصبح أداة تنفيذ لنتنياهو وخشبة قفز سياسية ليوسي كوهن. والتسوية المتبلورة هذه الأيام بين واشنطن وطهران يفترض أن تشكك بفكرة التهديد الوجودي والأعمال العملياتية التي ترافقها.
المعنى الفوري، عندما يخفض جهاز الأمن مستوى التهديد الإيراني وتداعياته، سيكون هناك تقليص في ميزانية الدفاع. السفن الأربع لا يمكن تقليصها إذ إنها في الطريق للوصول. ولكن السر الإضافي من F35لا يزال ممكناً شطبه من ميزانية المساعدة الأمريكية في صالح بنود تكلف بالشيكل. وصفقة الغواصات لا يزال ممكناً عرقلتها.
بينيت لا يزال يلوح بالفزاعة الإيرانية عقب الحاجة لتعزيز اليمين والتهديد بحملة ترك الدولة لمصيرها من جانب بيبي والبيبيين. وفترة هدوء ستساعده في تهدئة إحساس التهديد الوجودي بشكل عام. والشرط هو ألا تنفذ استفزازات برعاية معلومات استخبارية مغرضة بأسلوب نتنياهو وكوهن.