هآرتس تتساءل: ماذا وراء رفض المستشار القانوني لحكومة إسرائيل التدخل بقضية “الشيخ جراح”؟

الأربعاء 09 يونيو 2021 04:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
هآرتس تتساءل: ماذا وراء رفض المستشار القانوني لحكومة إسرائيل التدخل بقضية “الشيخ جراح”؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: مردخاي كرمنتسر       "قرار المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، عدم التدخل في قضية إخلاء العائلات الفلسطينية من الشيخ جراح يعدّ قراراً فضائحياً. حتى لو قدر المستشار القانوني بأنها مرحلة متأخرة لتدخله، ما يضعف احتمالات تأثير لموقفه، فعليه الوقوف ضد الظلم الذي وقع والذي يمكن أن يقع على مستأجري البيوت الفلسطينيين في الشيخ جراح.

يجب إسماع صوت الدولة القانوني إزاء هذا الظلم، الذي ارتكبوا المسؤولون عنه الظلم مباشرة، بل ويسمحون به. جميعنا في هذا الجزء، جميع السكان النزيهون في هذه الدولة الذين في معظمهم لا يُسمعون صوت احتجاج، بالأحرى من يمكنه بحكم منصبه ومسؤوليته أن يعمل على منع الظلم.

يجب أن يكون حجم الاستعداد بقدر حجم الظلم للوقوف ضده. ولأن المستشار القانوني للحكومة كان يجب إن يتدخل منذ فترة طويلة، فإن الواجب الملقى عليه يزداد الآن لفعل ذلك، وإن رفضه يعتبر فشلاً ذريعاً وخطيراً في الأداء.

لا يمكن التظاهر بأن ما يجري في الشيخ جراح يعتبر نزاعاً شخصياً بين المالكين القانونيين اليهود والمستأجرين الفلسطينيين. من الواضح أنه نزاع قومي هدفه السيطرة فعلياً على القدس، خصوصاً الطرف اليهودي الذي قام بضم شرقي القدس ويدير المدينة وكأنها توحدت فعلياً. ومن خلف الادعاءات الشخصية لتجسيد الملكية ثمة منظمات قومية تقف وراءها وتدعمها الدولة بطرق مختلفة.

ولا يمكن الادعاء بأنه يجب السماح للمحاكم بأداء دورها والبت في النزاعات بين الأشخاص. هذا الادعاء مشروط باتخاذ هذه الأحكام على الصعيد القانوني الذي يعتبر فيه قانون واحداً للجميع. الأمر ليس هكذا في الشيخ جراح، فالدولة هي التي خلقت “ساحة اللعب” الملتوية، التي يتم فيها رفض دعاوى ملكية الفلسطينيين على أراض كانت بحوزتهم، وذلك الرفض يحظى برعاية القانون، في الوقت الذي تزدهر فيه دعاوى اليهود في المحاكم بدون أي عائق.

بسبب هذا التناقض الصارخ والفظ مع مبدأ المساواة، فلا مناص من اعتبار هذا النظام سوء تقدير، وهو عكس القانون. من لا يمنعه فهو غير جدير بالتحدث باسم سلطة القانون، وهو شخص له صلة بالعدالة. ومن يسمح بإجراءات سيطرة على أرض لأسباب قومية، أي استبدال العرب باليهود، إنما يشارك في عرض عنصري. إن الاستيطان اليهودي، لا سيما على حساب بناء فلسطيني، كان يشكل قيمة في المشروع الصهيوني في سنوات الدولة الأولى، ولا يمكنها شرعنة استيطان كهذا في دولة تجاوزت سن السبعين.

إن إعطاء المصادقة على إجراءات كهذه عن طريق سن قانون الأساس “القومية”، تدل على الطابع المعيب والمقرف لهذا القانون. هذا المشهد المخيف لا يجري وراء جبال الظلام، أي خلف الخط الأخضر حيث تغيب سيادة إسرائيلية (خلافاً لما ادعي باستمرار في أوساط اليمين) أو قانون إسرائيلي، بل يحدث في عاصمة إسرائيل القدس، مدينة العدل.

يبدو أن طرفي النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني يجدان صعوبة في الفهم والشعور بحدود الرعب، كل طرف تجاه الآخر. الفلسطينيون غير حساسين بما يكفي لخوف اليهود الشديد من المذابح، واليهود غير حساسين بما يكفي لخوف الفلسطينيين الشديد من الطرد أو التهجير من بيوتهم. تحول الشيخ جراح إلى رمز للنضال الفلسطيني والعربي ضد الاقتلاع من البيوت، ويحظر على إسرائيل الدخول إلى صراع كهذا في وقت لا تقف العدالة فيه إلى جانبها.

يجب على المستشار القانوني للحكومة أو الحكومة، أن يكونوا عمياناً إذا لم يروا الإمكانية الكامنة القابلة للانفجار في استمرار إجراءات السيطرة اليهودية على أراض مأهولة من قبل فلسطينيين في شرقي القدس.

ولأن إسرائيل كانت قبل بضعة أسابيع في ذروة عملية عسكرية، فعلينا أن نعتقد بأن عيونهم مفتوحة بالكامل، ولكن لهم مصلحة في إشعال الأرض. هناك شخص واحد يفيده هذا الاشتعال وهو بنيامين نتنياهو، ويضاف إليه المعجبون المخلصون له، المستعدون للسير من ورائه، ومن وراء حربه الضروس ضد استبداله، نحو جميع أعمال الشغب.

من الغريب أن المستشار القانوني لم يقم بواجبه على أكمل وجه في هذا الصدد، والتصرف كشخص بالغ ومسؤول في المجال القانوني، في حكومة ابتعدت عنها المسؤولية.

خلال فترة توليه لمنصبه، ركضت روحان بقرب مندلبليت: روح المستشار القانوني للحكومة، وروح من كان سكرتير الحكومة ولم يتحرر من قرص كونه يخدم الحكومة. من المؤسف أن مندلبليت رغم نهاية ولايته، لم يتحرر من الروح الثانية. وهنا الحذر. إذا تمكنت الحكومة في إسرائيل من فصل وظيفة المستشار بصورة لا تضمن المهنية والاستقلالية للمسؤولين عن جزأي الوظيفة، فسنشتاق إلى مندلبليت مرة أخرى.