قال مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة إن عدوان الاحتلال المتواصل منذ عقود، والذي يستهدف البشر والحجر والشجر، يعتبر أكبر عقبة في حماية تنوعنا الحيوي، ويدمر كل فرص التنمية والاستدامة، وينتظر تحرك العالم لوضع حد له، ومحاسبة مرتكبيه.
وأكد المركز في نشرة تعريفية باليوم العالمي للتنوع الحيوي، المصادف في 22 أيار كل عام، أن هذه المناسبة فرصة هامة لنقل معاناة شعبنا، وتبيان سطو الاحتلال على مواردنا الطبيعية وحرماننا منها، وإمعانه في تدمير بيوتنا ومنشآتنا، واستهدافه للمرافق الحيوية، ومحطات الصرف الصحي والكهرباء وشكبات المياه، ما ينذر بكارثة إنسانية وصحية وبيئية في غزة تتكرر للمرة الرابعة منذ 2008.
وأوضحت النشرة أن احتفالية العام الحالي لليوم العالمي للتنوع الحيوي “نحن جزء من الحل”، للتذكير بأن هذا التنوع لم يزل الحل لتحديات التنمية المستدامة لا ينطبق على فلسطين، بل يمثل دعوة للعالم من أجل تصويب تعامله مع شعبنا وأرضنا وبيئتنا ومواردنا، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة للسيادة على مواردنا الطبيعية، ومنحنا حق التصرف بها، وملاحقة مرتكبي الحروب والاعتداءات على إنساننا وتنوعنا الحيوي في الأطر الدولية.
وأوردت النشرة إحصاءات حول جولات العدوان الأربع على غزة منذ 2008 وحتى اليوم، وتداعياتها الإنسانية والبيئية والصحية، فخلال عدوان 2008 هدم الاحتلال أكثر من (4100) مسكن بشكل كلي، و(17000) بشكل جزئي، وجرّف (18520) دونماً واقتلع حوالي (410000) شجرةً، وألقى فيها ما يزيد عن 3 ملايين كيلو غرام من الذخائر منها (10) أنواع من القذائف بعضها محرم دولياً، كالفسفور الأبيض والدايم. وساهمت آلة الحرب في التلويث المباشر لمياه الخزان الجوفي جراء قصف محطات المعالجة ومضخات وشبكات مياه الصرف، التي تدفقت الى البيئة المفتوحة، ما أدى الى تلوث الأراضي الزراعية والتربة والمياه الجوفية، كما تعرضت البيئة البحرية للتلوث. وتكدس ركام قدر بحوالي (1.5) مليون طن نتج عن هدم المباني، ونفايات صلبة منزلية قدرت بحوالي (20) ألف طن و(8-9) آلاف طن من أنواع المخلفات الطبية، مثلما تضررت البيئة الطبيعية.
وأضافت أن عدوان 2012 دمر 200 منزل بشكل كامل، و1500 بشكل جزئي. وأدت الحرب إلى زيادة تلوث مصادر المياه، والبيئة البحرية على طول الساحل نتيجة لتصريف المياه غير المعالجة؛ بسبب عجز محطات المعالجة. وتضررت الأراضي الزراعية، وتراكمت كميات ضخمة من ركام المباني بحوالي 2 مليون طن. كما تعطلت خدمة تجميع النفايات، فيما شن الطيران خلال ثمانية أيام أكثر من 1500 غارة أبادت أُسراً بكاملها، أي أن كل كيلومتر مربع من قطاع غزة قُصف أكثر من أربع مرات.
وأوضحت النشرة أن عدوان 2014 شهد قرابة 60 ألفًا و664 جواً وبراً وبحراً.
وهدمت كليًا 12 ألف وحدة، فيما بلغ عدد المهدمة جزئياً 160 ألف وحدة، وتأثر التنوع الحيوي، وتلوث الهواء والتربة والماء، وتضاعف التحديات البيئية، التي لم تتعافى من تداعيات عدواني 2008 و2012.
وأشارت إلى أن عدوان 2021، الذي استمر 11 يومًا، خلّف خسائر باهظة في الأرواح والممتلكات، والأراضي الزراعية، ومس بالبيئة والتنوع الحيوي، وتسبب في الإضرار بالبنية التحتية ومشاريع الصرف الصحي وشبكات المياه، وتعرضت 1447 وحدة سكنية للهدم الكلي، إلى جانب 13 ألف بشكل جزئي، وهدم بشكل كلي 205 منازل وشقق وأبراج سكنية، كما تضررت 68 مدرسة، ومرفقاً صحياً، وعيادة رعاية أولية، بشكل بليغ وجزئي بفعل القصف الشديد في محيطها، فيما تضررت 490 منشأة زراعية من مزارع حيوانية، ودفيئات زراعية، وآبار، وشبكات ري، وتضرر 31 محوّل كهرباء، وتعرضت 9 خطوط رئيسية للقطع، وتضررت 454 سيارة ووسيلة نقل بشكل كامل، أو بأضرار بليغة، ما يعني أن الوضع البيئي والصحي والإنساني سيزداد سوءًا.
وأضحت النشرة أن جولات العدوان تسببت في المس بالتنوع الحيوي، ولوثت الهواء والتربة والمياه، وساهمت في مضاعفة خطر التغير المناخي، وحولت الحياة في غزة إلى جحيم، بفعل توقف الخدمات الصحية والبيئية، وعطلت كل برامج حماية البيئة وتطوير الخدمات الصحية.
وبينت الورقة أن التنوع الحيوي في الأحوال الطبيعية، أساس يمكننا البناء عليه لتقديم الحلول القائمة على الطبيعة كالمناخ والصحة والأمن الغذائي والمائي، وسبل العيش المستدامة، وهي الرسالة الرئيسة لاتفاقية التنوع البيولوجي، التي تعد الصك الدولي للتنمية المستدامة، لكن الأمر في فلسطين مختلفاً.
وأشارت إلى أن عام 2021 سيشهد الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف، ويواكب الخطة الاستراتيجية لاتفاقية التنوع البيولوجي 2011 – 2020. ويتوقع تبني قرار بشأن إطار التنوع البيولوجي العالمي لما بعد 2020. ويشتمل على تركيز على ضمان العمل على صون التنوع البيولوجي بما يسهم في “التغذية والأمن الغذائي وسبل عيش الناس، لا سيما الفئات الأشد ضعفاً”.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن التنوع الحيوي يعني التنوع الكبير للنباتات وللحيوانات وللكائنات الحية الدقيقة، ويشتمل الاختلافات الجينية في كل نوع، وتنوع النظم البيئية التي تستضيف أنواعًا متعددة من التفاعلات بين أعضائها.
واستنادًا إلى المعطيات الأممية، فإن موارد التنوع البيولوجي هي الركائز التي نبني عليها الحضارات. فالأسماك تتيح 20% من البروتين الحيواني لزهاء ثلاثة مليارات نسمة. كما تتيح النباتات أكثر من 80% من النظام الغذائي البشري. ويعتمد ما يقرب من 80% من السكان الذين يعيشون في المناطق الريفية في البلدان النامية على الأدوية النباتية التقليدية للحصول على الرعاية الصحية الأساسية. إلا أن فقدان هذا التنوع يهدد الجميع، بما في ذلك الصحة العامة.
وتابعت النشرة: ثبت أن فقدان التنوع الحيوي يمكن أن يزيد من الأمراض الحيوانية المنشأ – التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر – وإذا حافظنا عليه، فإنه يتيح أدوات ممتازة لمكافحة الأوبئة مثل تلك التي تسببها الفيروسات التاجية. فيما غُيرت ثلاثة أرباع البيئة البرية ونحو 66% من البيئة البحرية بشكل كبير بسبب الأنشطة البشرية. وهناك مليون نوع من الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض.
وتابعت النشرة أن برنامَج الأمم المتحدة للبيئة توج ذروة أعماله في 22 أيار 1992 في مؤتمر نيروبي إبان اعتماد الاتفاقية.
وحث المركز جهات الاختصاص توظيف الآلية الخاصة لحل النزاعات في اتفاقية التنوع الحيوي لتكون أساسًا لملاحقة دولة الاحتلال على تدمير التنوع الحيوي في فلسطين.
واختتم المركز بدعوة المنظمات والاتحادات الصحية والبيئية العالمية والإقليمية إلى توجيه برامج عاجلة نحو غزة؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحمايتها من خطر الكارثة على كل الصعد. إضافة إلى مواصلة العمل في الضفة الغربية لحماية التنوع الحيوي من ممارسات الاحتلال العدوانية.