صحيفة تكشف تفاصيل الساعات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة وإسرائيل

الجمعة 21 مايو 2021 06:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة تكشف تفاصيل الساعات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة وإسرائيل



غزة /سما/

بعد 11 يوما شهدت هجمات إسرائيلية دامية، أوقعت أكثر من 230 شهيدا فلسطينيا، بينهم عشرات الأطفال والنساء، جرى التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار بدأ عند الساعة الثانية من فجر الجمعة، بعد وساطات نشطت بشكل مكثف خلال الساعات الـ48 الماضية.

ذكرت صحيفة القدي العربي، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وافق على تلك المقترحات الخاصة بالتهدئة، قبل أن يعقد اجتماعا ِ”شكليا” لحكومته الأمنية، وأبلغ ذلك للوسطاء المصريين.

وحسب بنود الاتفاق، من المقرر أن ترسل القاهرة وفدين أمنيين لتل أبيب والمناطق الفلسطينية؛ لمتابعة إجراءات التنفيذ والاتفاق على الإجراءات اللاحقة التي من شأنها الحفاظ على استقرار الأوضاع بصورة دائمة.

تحذير المقاومة

وقالت حركة حماس في تعقيلها على التهدئة، إن الاحتلال هرب أمام ضربات المقاومة الفلسطينية وفشل في تحقيق ما يريد. وصرّح المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، طاهر النونو، بأنه تم الإبلاغ من قبل المسؤولين المصريين، أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل متبادل ومتزامن في قطاع غزة، وأكد أن المقاومة الفلسطينية سوف تلتزم بهذا الاتفاق ما التزم به الاحتلال.

وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة: “وافقنا على الاقتراح المصري بوقف إطلاق النار المتبادل والمتزامن”، وأضاف: “ملتزمون به ما التزم العدو”، وتوعد بالرد على أي خرق.

وأكد أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، في كلمة باسم غرفة العمليات المشتركة، أن المقاومة خاضت معركة “سيف القدس لمواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي بكل شرف واقتدار نيابة عن أمة بأكملها”، وأضاف: “قيادة الاحتلال أمام اختبار حقيقي، وقرار الضربة الصاروخية على الطاولة حتى 2 فجراً”، لافتا إلى أن المقاومة أعدت ضربة صاروخية تغطي كل فلسطين من حيفا شمالا حتى مطار رامون جنوبا، وتابع: “لكننا استجبنا لوقف إطلاق النار لنرقب سلوك العدو حتى الساعة 2 من فجر الجمعة”، لافتا إلى المقاومة في تلك المعركة تمكنت من “إذلال العدو وجيشه الذي تبجحت قيادته بقتل الأطفال وتدمير الأبراج السكنية”.

ورحبت حركة فتح، بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقالت في بيان: “إن شعبنا بصموده واستبساله في الدفاع عن أرضه، سجل ملحمة أخرى من ملاحمه البطولية، التي لم تتوقف منذ حاول الغزاة سرقة البلاد”.

ووفق مصادر مطلعة، فإن التهدئة جاءت بعد أن ضغط مسؤولون أمريكيون بشكل أكبر على حكومة الاحتلال، لوقف العمليات العسكرية، حيث تلقت الفصائل الفلسطينية ضمانات مصرية ودولية، بوقف الاعتداءات الاسرائيلية في مدينة القدس ووقف تهجير سكان حي الشيخ جراح.

وذكرت القدس العربي، أنه في الأيام الثلاثة الماضية، قُدمت العديد من الاقتراحات لإبرام التهدئة، للمقاومة الفلسطينية، شملت أن تبدأ هي بوقف إطلاق النار، ومن ثم قوات الاحتلال، إلا أن المقاومة رفضت تلك العروض، وطلبت وقف إطلاق النار بالتزامن.

وفي هذا السياق، قللت المصادر المطلعة من حديث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قبل إبرام التهدئة، بأنه يريد أن يعلن عن وقف النار من جانب واحد، خاصة وأنه وكبار المسؤولين الأمنيين في حكومته، كانوا منخرطين في المباحثات والاتصالات التي أجراها الوسطاء، وأن إعلانه كان فقط لجبهته الداخلية، لتسويق انتصار وهمي.

ويتردد أن وسطاء التهدئة، ضغطوا على إسرائيل بموافقة أمريكية، بصورة كبيرة خلال الأيام الماضية، من أجل أن تبدأ بتهدئة الموقف في القدس، وهو الملف الذي أثار موجة التصعيد، حين قررت المقاومة الانتقام لسكان المدينة المحتلة، وبالأخص سكان حي الشيخ جراح المهددين بالترحيل القسري، حيث قبِل نتنياهو بالتهدئة الأولية، وأصدر قرارا يمنع المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى.

نتنياهو وافق مبكرا

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن نتنياهو أبلغ عبر كبار مسؤوليه الأمنيين، والوسطاء المصريين، بقرار قبول وقف إطلاق النار قبل أن يعقد اجتماعا لمجلس الوزراء المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، وأنه اتخذ القرار خلال اجتماع عقده مع مسؤولي أجهزة الموساد والشاباك والأمن القومي.

ووفق صحيفة القدس العربي، فإن الوسيط المصري قام على الفور بإبلاغ قيادة حركة حماس بالقرار الإسرائيلي.

وقد قرر “الكابينت” الإسرائيلي، عقب جلسة له ليل الخميس، وقف إطلاق النار بشكل أحادي الجانب، وأصدر قرارا بإنهاء عملية “حارس الأسوار” التي أعلن عنها جيش الاحتلال في غزة، بشكل كامل، بعد المشاورات التي تمت بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الجيش بيني غانتس.

ووفق ما كُشف، فإن  جميع وزراء “الكابنيت” وبدعم من الجيش والأجهزة الأمنية، صوتوا على وقف إطلاق النار.

وقال مسؤولون أمنيون في إسرائيل،، إنّ نتنياهو يحاول الادعاء بأن الجيش يضغط من أجل التوصل لوقف إطلاق للنار مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وقال المسؤولون حسب ما نقلت صحيفة “معاريف”: “من الواضح أن  نتنياهو يبذل جهدا كبيرا للادعاء بأن الجيش يضغط لوقف إطلاق النار”.

وقد كذّبت تقارير عبرية تلك الادعاءات التي تحدثت عن نقاش جرى في “الكابينت”. وقالت إن ما دار من نقاش كان شكليا، وكان من الواضح أن إسرائيل وافقت بالفعل على وقف إطلاق النار.

وكان وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين، زعم أن حماس طلبت التهدئة، وقال قبل الإعلان عن قبول حكومته بالقرار: “نحن نرى أن هناك ضغوطا دولية كبيرة، سننهي العملية عندما نقرر أننا حققنا الأهداف التي أردناها”، وتابع: “مسؤولو حماس يطالبون بوقف إطلاق النار”، وذلك بعد أن كُشف النقاب بأن إسرائيل هي من رغبت في وقف إطلاق النار، وأدخلت أمريكا على الخط للحديث مع الوسطاء.

وقد صرح القيادي في حركة حماس، سامي أبو زهري، بأن أي إعلان من الاحتلال لوقف إطلاق النار من طرف واحد “يمثل إعلان هزيمة له”، وقال: “جاهزون لكل الخيارات ومعنيون بنجاح كل المبادرات للوصول للتهدئة”.

وذكر أن المقاومة ترد بكل قوة على المجازر بحق المدنيين الأبرياء، وتصنع الموقف ولا يمكن لأحد تجاوزها، مضيفاً “إن أداءها الرائع دفع الأمة بالنهوض للوقوف بجانب الحق الفلسطيني”.

من جهته أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور جميل عليان، أن وقف العدوان الإسرائيلي على غزة سواءً بالتفاهم أم بعدمه يعد “هزيمةً استراتيجية لإسرائيل وجيشها الجبان والمهزوم”.

وقال: “من المهم استراتيجياً أن تتواصل هذه المعركة المباركة في القدس والداخل المحتل بل في كل أماكن تواجد الفلسطينيين، للمحافظة على المعادلات التي كرستها”.

وساطة اللحظات الأخيرة

هذا وقد جرت محادثات التهدئة في لحظاتها الأخيرة، عبر الوسيطين المصري والأممي، وأجرى ضباط كبار في جهاز المخابرات المصرية اتصالات مع الجانبين، وهو أمر أيضا قام به مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام بالشرق الأوسط، تور وينسلاند، فيما كان يجري التنسيق في النهاية بين الوسطاء لمعرفة آخر التطورات، حيث جرت تلك الوساطات، إلى جانب ما كانت تقوم به دولة قطر منذ بداية الحرب.

ويتردد أن الاتصالات التي قام بها الوسطاء، جرت مع قيادة حركة حماس في غزة وفي الخارج، حيث شهدت الساعات الـ48 الماضية كثافة في حجم الاتصالات، التي لاقت تأييدا من الإدارة الأمريكية.

وفي دلالة على ذلك، كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحث مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي في بيان له “إن الرئيس السيسي تلقى اتصالا هاتفيا من بايدن، تناول خلاله التباحث وتبادل الرؤى من أجل وقف العنف والتصعيد في الأراضي الفلسطينية في ظل التطورات الأخيرة”، لافتا إلى أن الرئيس بايدن أعرب عن بالغ تقديره وتثمينه لجهود الرئيس السيسي الحثيثة مع جميع أطراف القضية.

وقد أكد الرئيس السيسي أهمية تكاتف جميع الجهود لاحتواء التصعيد الخطير في الأراضي الفلسطينية، مشددا على موقف مصر الثابت في هذا الصدد بالتوصل إلى حل جذري شامل للقضية الفلسطينية.

وكانت تقارير إسرائيلية، قالت إن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مارست ضغوطا مكثفة على الحكومة الإسرائيلية من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء عدوانها على قطاع غزة، وأنه بموازاة المحادثة الهاتفية بين بايدن ونتنياهو التي جرت الأربعاء، جرت محادثة أخرى بين وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ونظيره الإسرائيلي، غابي أشكنازي، وطالب المسؤولان الأمريكيان خلالهما بوقف إطلاق النار.

ونقل موقع “واللا” الإلكتروني عن مسؤول إسرائيلي رفيع مطلع على المحادثة بين بلينكن وأشكنازي، قوله إن أشكنازي ادعى أن إسرائيل بحاجة إلى أيام قتال أخرى في غزة، وأن بلينكن أوضح له أن إدارة بايدن تتوقع من إسرائيل إنهاء عمليتها العسكرية قريبا.

ووفقا لما كُشف، فإن بلينكن أبلغ اشكنازي بأن الولايات المتحدة تلجم المبادرة الفرنسية في مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة. وأضاف بلينكن أنه “لن نتمكن من الاستمرار لوقت طويل في دعمكم علنا وفي المؤسسات الدولية، وصد مبادرات في مجلس الأمن”.

ورغم الألم الذي عاشه سكان غزة بفعل الغارات الدامية، إلا أن نتنياهو واجه ضغوطا داخلية كبيرة بسبب القذائف التي أطلقتها المقاومة، وقد جلبت عليه انتقادات واسعة من المعارضة ومن الإسرائيليين، باتهامه بأنه وراء التصعيد في القدس الذي دفع بالمقاومة للرد.

كما واجه نتنياهو ضغوطا كبيرة بعد أن قام الكثير من سكان مدينة تل أبيب، بالنزوح إلى مستوطنات الضفة الغربية، لخوفهم من الصواريخ القادمة من قطاع غزة.

وقد كشفت تقارير عبرية أن أعداداً كبيرة من الإسرائيليين استأجروا بيوتا في مستوطنة “بيت حورون” ومستوطنة “غفعات زئيف”، ومستوطنات أخرى في الضفة من أجل الإقامة فيها بسبب ما أسموها “حالة الرعب التي تجتاح تل أبيب”.

يشار إلى أن المقاومة الفلسطينية أطلقت رشقة من القذائف تجاه المستوطنات الإسرائيلية القريبة من حدود غزة، قبل دخول التهدئة حيز التنفيذ.

جاء ذلك بعدما شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات جوية ضد أهداف في قطاع غزة، بعد الإعلان عن ساعة الصفر لدخول التهدئة.