صحيفة إسرائيلية: متى تتعلم دولة “الهايتيك” كيف تقدر “قوة الله” كما تفعل السعودية؟

الإثنين 03 مايو 2021 10:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة إسرائيلية: متى تتعلم دولة “الهايتيك” كيف تقدر “قوة الله” كما تفعل السعودية؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: تسفي برئيل    "القبور، والأماكن المقدسة، والكنائس والمساجد، كلها هي -حسب تعريفها- مواقع كارثية. إذا لم تحدث إحدى هذه الكوارث فستشكل تهديداً يحوم فوق رأس كل من اعتاد على زيارتها. الديانات والعقائد جبت نصيب الأسد من الأرواح، سواء في الحروب الدينية أو بسبب الوفاة في الحج. مقولة “الله يختبرنا” – أو كما قال الحاخام إسحق بصري في مقابلة مع راديو “103 اف ام”، “لو أنكم سمعتم تأبين الوالدين لأولادهم لعرفتم ما الذي يفهمه جمهورنا، حيث يرى أن هؤلاء ضحايا لله. لقد سمعت أحد الآباء يقول: ربما جاءوا لإصلاح شيء صغير في العالم” – ليس خاصة باليهود. فتحميل المسؤولية على الله الذي يريد اختبار من يؤمنون به موجود في الإسلام وفي المسيحية وفي ديانات أخرى.

حسب هذه الرؤية، كارثة جماهيرية ليست سوى دفعة مسبقة عن الأخطاء، هي رسوم دخول إلى العالم القادم. والسعودية دولة تضررت بشكل خاص على يد الله القاتلة، فلا تمر سنة إلا ويموت فيها حجاج بسبب المرض والاكتظاظ وحوادث الطرق والجفاف. فقد حدثت أثناء الحج حادثة مأساوية في 2015، إذ قتل 107 أشخاص وأصيب حوالي 400 بسبب انهيار رافعة ضخمة في مكة، وبعد أسبوعين قتل مئات الأشخاص أثناء تجمعهم في المكان المقدس منى، قرب مكة. حسب التقرير الرسمي، كان هناك حوالي 760 قتيلاً، وحسب تقديرات أخرى، كان هناك 2500 قتيل.

تعهدت السعودية بدفع تعويضات للمتضررين من انهيار الرافعة، لكن المحكمة برأت شركة المقاولات وقررت بأن الرافعة انهارت بسبب الأحوال الجوية الصعبة. يد الله. وبعد ثلاث سنوات بدأت الدولة بدفع التعويضات للمتضررين. ولم يتم دفع التعويضات للمتضررين من الحادثة الأخرى الأكثر خطورة، وألقيت التهمة على الحجاج الذين لم يمتثلوا للتعليمات.

ولكن السعودية التي تضررت صورتها كحامية للأماكن الإسلامية المقدسة بصورة شديدة لم تختبئ خلف لجان التحقيق. استثمرت المملكة مليارات الدولارات في تحسين البنى التحتية وتوسيع طرق الوصول وفي ترتيبات الحماية والرقابة على مناسك الحج. آلاف الكاميرات وضعت على طول مسارات الحج، ورشاشات مياه تم تركيبها في مئات الأماكن لتبريد حرارة الجسم في الجو الحار، وتم تجنيد آلاف المرشدين ورجال الشرطة والموظفين والمشرفين في كل سنة لفحص وضع الأمان على الطرق، ووضعت عيادات مؤقتة في مخيمات الخيام الضخمة التي تستخدم أماكن سكن لأكثر من مليوني شخص يأتون في كل سنة، وتوزع حصص دقيقة على كل دولة، ومن لا يحمل بطاقة مصادقة رسمية لا يمكنه الدخول إلى المدن المقدسة ويتم تغريمه بسبب خرق القانون.

في السنوات الأخيرة تلزم السعودية كل حاج بالتزود بأسوارة إلكترونية تمكنها من معرفة مكانه وتتبع مساره. هناك تطبيق في الهاتف المحمول يظهر مسار الحج ومكان وجود العيادات ومراكز المساعدة الأخرى التي تمكن من الاتصال مع الحاج في حالة ضائقة. وثمة حافلات خاصة يسمح لها بنقل الحجاج من مكان إلى آخر. وفي هذه السنة سيتم استئناف نشاط القطار السريع بين مكة والمدينة بعد أن تضرر بسبب حريق في العام 2019. لا تنتظر السعودية حتى اللحظة الأخيرة، وتذاكر السفر في القطار كان يمكن شراؤها في آذار الماضي.

قررت السعودية في السنة الماضية عدم السماح بالحج بسبب كورونا. وفي هذه السنة نشرت إجراءات وتوجيهات تقيد عدد الحجاج. الدولة تلزم كل حاج بعرض شهادة أخذ التطعيم أو نتائج فحص كورونا الذي أجري له قبل يوم من دخوله السعودية. عشرات مراكز الفحص ستستقبل الحجاج في المطار، ورجال الشرطة وضعوا الحواجز على طرق وشوارع الوصول إلى الأماكن المقدسة، ومفتشون سيفحصون وثائق الزوار بصورة مفاجئة. وستفرض على من لا يحمل الشهادات الطبية غرامة تبلغ أكثر من 2000 دولار.

تعرضت السعودية لضربة اقتصادية شديدة في السنة الماضية بسبب كورونا. وسلب الوباء من خزينة المداخيل نحو 12 مليار دولار، التي كان يتوقع أن تأتي من موسم الحج. تريد السعودية هذه السنة تشجيع عودة المشاريع التجارية إلى العمل، وستعطي تسهيلات اقتصادية لشركات السياحة والفنادق والمبادرين والشركات الأخرى التي تقدم خدمات لصناعة الحج. ولكن لن يكون أي قطاع معفياً من تعليمات كورونا المشددة. السعودية، الدولة الأكثر تديناً في الشرق الأوسط، تقدر قوة الله، لكنها تعرف أنه مطلوب منها وأنها تستطيع تقليص الضرر السيئ الذي يمكن أن تلحقه يد الله.

إسرائيل دولة عظمى للهايتيك، وتتفاخر بالأهمية العالية التي توليها لأمن مواطنيها، ويمكنها تعلم درس أو درسين من المملكة السعودية. لا أحد يطلب من وزارة المواصلات إنشاء قطار جبلي يتسلق بسرعة إلى أعلى جبل ميرون أو تزويد الحجاج بإسوارة إلكترونية متقدمة. ولكن نطالبها بإدارة بسيطة وأساسية مثل تسجيل مسبق للحجاج، وتذاكر صعود إلى الموقع، التي تسمح بمراقبة عدد الداخلين، ووضع حواجز طرق وبالطبع استثمار غير كبير جداً في البنى التحتية – استثمار غير كبير ولا يقترب حتى من الاستثمار السعودي – كان يمكن لكل ذلك أن ينقذ حياة البشر. جبل ميرون يستضيف في السنوات العادية حوالي نصف مليون زائر. يدخل من بوابات مكة في موسم الحج حوالي مليوني شخص، وهو أربعة أضعاف العدد لدينا. ولو أنه تم استثمار 5 في المئة فقط في جبل ميرون مما استثمرت السعودية، الذي قتل فيه 45 شخصاً، لما كانت هناك حاجة لإنزال العلم.