هآرتس - بقلم: جدعون ليفي "ميرون على سبيل المثال: قال الأصوليون سيكون الأمر على ما يرام، وقالت الشرطة سيكون الأمر على ما يرام. وقال السياسيون سيكون الأمر على ما يرام، وكان الجميع على حق. كان الأمر على مدى السنين، في نهاية المطاف، على ما يرام. القليل من الازدحام، لكن الأمر على ما يرام حتى هذه السنة. لكننا سنواصل القول بأن الأمر سيكون على ما يرام إلى أن يكون الأمر مرة أخرى على غير ما يرام. السنة القادمة سنجلس على الشرفة، ونحصي عدد الطيور المهاجرة وستكون ميرون المكان الآمن في العالم لسنة أو سنتين من استخلاص الدروس. بعد ذلك، سننسى وسنعود للقول بأن الأمر سيكون على ما يرام ولن يكون على ما يرام. حتى الفرحة القادمة.
ميرون على سبيل المثال: “الأمر سيكون على ما يرام”، هذه المقولة من حجارة المجتمع الأساسية في إسرائيل. هي ومقولة “لن نكون مغفلين” و”نحن الأكثر”. لقد بنوا ثقافة تبجح محلية. “سيكون الأمر على ما يرام”، قالوا قبل تشرين الأول 1973، وعلى مدى السنين بين حرب الأيام الستة وحرب يوم الغفران، كان الأمر على ما يرام إلى أن أصبح على غير ما يرام. قالوا قبل 4 تشرين الثاني 1995 “سيكون الأمر على ما يرام”، إلى أن قتل رابين. من رئيس حكومة ترك لمصيره، انتقلنا إلى رئيس حكومة حمايته مشددة بصورة هستيرية ومثيرة للضحك. قبل الانتخابات الأخيرة شاهدت كيف أن عشرات رجال الحراسة يقتحمون استوديوهات التلفزيون قبل المقابلة مع رئيس الحكومة ويقومون بفحص جيوب عشرات الستر المعلقة في غرفة الملابس كي لا يكون شخص ما قد وضع عبوة ناسفة شديدة. شيء متناقض.
سيكون الأمر على ما يرام، نقول ذلك أيضاً حول حصار استمر 15 سنة على قطاع غزة. الغزيون سيصمدون 15 سنة، هم بالتأكيد سيصمدون 15 سنة أخرى، والأمر سيكون على ما يرام. الأمم المتحدة أعلنت غزة مكاناً غير مناسب للسكن البشري بعد 2020. وفي هذه السنة انقضت هذه الفترة ولم يحدث شيء. لقد صدق من قالوا بأن الأمر سيكون على ما يرام. بعد يوم ربما لن يكون الأمر على ما يرام، وعندها سنتظاهر بأننا متفاجئون. في حينه لا أحد سيتحمل المسؤولية عن الشعار الناري الذي لوح خلال سنوات على جدار قفص غزة، ولم يفعل أي أحد شيئاً. لن يكون الأمر على ما يرام إذا كان هناك 2.5 مليون شخص تم حبسهم وراء الجدران لعشرات السنين، حتى لو كان الأمر يبدو بالنسبة لنا أنه على ما يرام. لأن هذا قد ينفجر رغم أننا قلنا بأن الأمر سيكون على ما يرام. و”الأمر سيكون على ما يرام” ستشكل لنا درعاً لحماية العينين، وبوليصة تأمين لا تغطي الآن يوم الزمهرير القادم.
نقولها أيضاً حول القصف اليومي لأهداف إيرانية في كل مكان، نستفز ونتحدى، سيكون الأمر على ما يرام. إلى أن يكون الأمر على غير ما يرام. ثم نتظاهر بأننا ضحايا تفاجأوا وأهينوا. حتى ذلك الحين، سنواصل الاستفزاز والقصف لأن الأمر على ما يرام.
نقولها بعد كل بقايا بناء شيد في شارع المدينة على السقالات الضعيفة بدرجة مخيفة دون وسائل للحماية، إلى أن يأتي يوم لا يكون الأمر فيه على ما يرام، فيسقط أحد العمال ميتاً. في الحقيقة هذا على ما يرام لأن العامل لم يكن في يهودياً. قالوها أيضاً قبل التنزه في وادي تسفيت، مثلما قالوها قبل اقتحام الشجاعية بناقلات الجنود القديمة وغير المحمية. سيكون الأمر على ما يرام، قالوها أيضاً عندما حاول شبابنا اغتيال خالد مشعل في الأردن الحليف. سيكون الأمر على ما يرام… هذا ما قلناه أيضاً عن المطار المخترق وعن تعليم التوراة المفتوح في فترة كورونا. وسيكون كذلك مع العزل الذي تم تطبيقه بصعوبة. وفي نهاية المطاف كان الأمر على ما يرام رغم الإهمال وبفضل التطعيمات التي لولاها انتهى الأمر بكارثة أكبر بكثير.
وقالوا عن الاحتلال غير النهائي “سيكون الأمر على ما يرام”، وسيكون كذلك حتى على الكرة الأرضية. مياه المحيطات البحار سترتفع حتى نهاية القرن الحالي بمتر على الأقل. الإسكندرية وبور سعيد ستغرقان وتزولان نهائياً وفي أعقابهما تل أبيب، لكن الأمر سيكون على ما يرام. وزير حماية البيئة هو الوزير الذي لا أهمية في إسرائيل بعد وزير المياه، ولا أحد يريد هذا المنصب. سيكون الأمر على ما يرام أيضاً قبل أي منعطف خطير في الشارع.
سيكون هذا “على ما يرام” وقح، متبجح وخطير. لأن الأمر دائماً كان سيكون على ما يرام، إلا إذا ثبت العكس. ولن نصلح شيئاً ولن نتعلم شيئاً. سنلتقي بعد بضع سنوات في ميرون، بعد سنوات إصلاح كثيرة، سيكون الأمر مرة أخرى على ما يرام هناك، وسيختنق الناس ويموتون.